أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – مشهد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة (أطال الله عمره) وهو يدلي بصوته من على كرسي متحرك في نيسان 2017 ، ولا يستطيع الوقوف على قدميه، ولا يزال متشبثًا بالرئاسة، يُصيب المرء بحالة انكسار نفساني وروحاني، ويدفع سؤال المستقبل الى الواجهة:
لِمَ نحن هكذا؟.
تباينٌ في الأخبار حول صحة الرئيس في الأيام الماضية دفع شخصيات سياسية وحقوقية وثقافية وإعلامية جزائرية، لمطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عدم الترشح لولاية خامسة، بموجب انتخابات الرئاسة، المتوقع تنظيمها مطلع العام المقبل 2019، وقالوا في رسالة وجهت إليه إن عليه أن يتحمل مسؤولياته، ويرفض دعوات ترشّحه لمرة خامسة؛ “من أجل إنهاء عهد “الشرعية الثورية”، وفتح الطريق نحو الشرعية الشعبية”.
بوتفليقة، جزء من تأريخ الجزائر، إن لم نبالغ ونقول إنه محور هذا التأريخ، لن تنساه الأجيال السابقة، ولا اللاحقة من الجزائريين والعرب، فلِمَ يفعل بنفسه وبنا ما يفعل؟.
صحيح أن بوتفليقة ذهب الى الانتخابات الماضية، وحصل على أصوات الجزائريين، في انتخابات شارك فيها الملايين، (مزورة او غير مزورة قصة أخرى)، لكن المستشار الذي نصح بوتفليقة بالترشح، او صمت عندما أُبلغ بذلك، مشارك في جريمة تغيير صورة الزعيم الجزائري الكبير عند كل من عشق بلد المليون شهيد، بلد فرحات عباس واحمد بن بله ومصطفى بولعيد وبوتفليقة ومحمد بوضياف ورابح بطاط وديدوش مراد وجميلة بوحيرد… وسلسلة الكبار في الثورة الجزائرية التي لا تنتهي.
يعرف بوتفليقة جيدًا، كما يجب أن يعرف الكبار جميعهم أن الشعارات لا تهرم فقط، بل تهرم معها القيادات، ويصبح حديثها خارج الزمن.
هذا موجود في الأماكن كلها، وفي الحالة الفلسطينية تحديدًا، زادت في السنوات الأخيرة.
فمعظم القيادات الفلسطينية التأريخية هرمت، ولا تزال ممسكة بتلابيب السلطة، وعلى رأس المؤسسات والفصائل التي تمثلها، مع أن أجيالًا كثيرة من قيادات الصف الثاني، هرمت أيضا قبل ان تُمنح فرصة القيادة الأولى.
أكثر ما يميز الحالة الفلسطينية حاليًا، ليس الصراع المحتدم بين فتح وحماس، ولا غزة التي ينام شعبها تحت الظلام والحصار، ولا فشل سنوات التفاوض الطوال، ولا الاستيطان الذي يقضم ما تبقى من الأرض.. أكثر ما يميزها حالة الهرم التي تعيشها البنادق والقيادات والشعارات.
القيادات الفلسطينية، التي غزا الشيب رؤوسها، وهرمت أفكارها في السنوات الأخيرة، العلامة الفارقة أمام الفلسطينيين، هي أن أحلامهم وطموحاتهم تتراجع، وتتوسع حلقات الإحباط، لكن يبقى الامل في الشباب والجيل القادم الذي يصنع المعجزات.
بالمناسبة؛ كل المقالة السابقة مقدمة لاقول سطرين فقط:
ذاكرة الشعوب مثل ذاكرة السمكة، فقد تتناسى سيرة محترمة ووطنية وتقدمية ونقابية وبرلمانية أمام خطأ في تصريح او جملة خانتها اللباقة في لحظة غضب، فمتى يجب على القيادات ان تستريح وتتقاعد حتى لا يمَسّ أحدٌ التأريخ الجميل لها.
الدايم الله…..