شهدت الأيام القليلة الماضية إقرار مجلس النواب المصري بشكل نهائي مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، الذي تقدمت به الحكومة، بهدف معالجة ملف شائك استمر لعقود طويلة. تهدف هذه التعديلات إلى تحقيق توازن في العلاقة بين المالك والمستأجر، وإعادة تنظيم السوق العقاري بشكل تدريجي ومدروس، مع مراعاة البعد الاجتماعي للأطراف المعنية.
الفئات التي يشملها القانون الجديد:
القانون الجديد لا يمس العقود المبرمة بعد عام 1996 (الخاضعة للقانون رقم 4 لسنة 1996)، حيث تظل هذه العقود محكومة بالاتفاق والتراضي بين الطرفين. أما التعديلات الجديدة، فتسري على:
- الأماكن المؤجرة لغرض السكنى: التي تخضع لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981.
- الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى: والتي تخضع أيضًا لأحكام القانونين المذكورين.
ما تقرر بشأن إنهاء العقود القديمة:
أحد أبرز ما جاء في التعديلات الجديدة هو تحديد مدد انتقالية لإنهاء العقود، وذلك لتمكين المستأجرين من تدبير أوضاعهم وتوفير سكن بديل:
- العقود السكنية:
- تنتهي عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة 7 سنوات من تاريخ العمل بالقانون (بعد تصديق الرئيس ونشره في الجريدة الرسمية).
- خلال هذه الفترة الانتقالية، يُلزم المستأجر بزيادة سنوية دورية على القيمة الإيجارية بنسبة 15%.
- العقود غير السكنية (للأشخاص الطبيعية):
- تنتهي عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بانتهاء مدة 5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون.
- تُطبق عليها أيضًا زيادة سنوية دورية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية خلال هذه الفترة الانتقالية.
ملاحظة هامة: في كلتا الحالتين (السكنية وغير السكنية)، يجوز للطرفين التراضي على الإنهاء قبل ذلك، وهو ما يفتح الباب أمام الحلول الودية بين المالك والمستأجر.
زيادة القيمة الإيجارية خلال الفترة الانتقالية:
بالإضافة إلى تحديد مدد الإنهاء، نص القانون على زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية خلال الفترة الانتقالية:
- زيادة فورية: يلتزم المستأجر بدفع أجرة شهرية مؤقتة بواقع 250 جنيهًا شهريًا من تاريخ سريان القانون، وذلك حتى انتهاء لجان الحصر من عملها وتحديد القيمة الإيجارية الفعلية.
- تحديد القيمة النهائية حسب المناطق: يتم تشكيل لجان في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى:
- مناطق متميزة: الإيجار سيصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية، وبحد أدنى 1000 جنيه.
- مناطق متوسطة: الإيجار سيصل إلى 10 أضعاف القيمة الحالية، وبحد أدنى 400 جنيه.
- مناطق اقتصادية (شعبية): الإيجار سيصل إلى 10 أضعاف القيمة الحالية، وبحد أدنى 250 جنيهًا.
- يتم تطبيق هذه الزيادات بعد انتهاء مدة الحصر التي تستغرق 3 أشهر.
- زيادة سنوية دورية: تُزاد القيمة الإيجارية سنويًا بنسبة 15% من تاريخ استحقاق أول إيجار بعد تطبيق القانون، وتستمر هذه الزيادة طوال المدة الانتقالية (7 سنوات للسكن، 5 سنوات لغير السكن).
حالات الإخلاء الفوري قبل انتهاء المدة:
نص القانون أيضًا على حالات يُلزم فيها المستأجر بالإخلاء الفوري قبل نهاية المدة الانتقالية:
- إذا ثبت ترك الوحدة مغلقة لأكثر من سنة دون مبرر.
- إذا امتلك المستأجر أو من امتد إليه العقد وحدة بديلة صالحة للاستخدام للغرض نفسه (سكني أو تجاري).
في حال الامتناع عن الإخلاء في هذه الحالات، يحق للمالك اللجوء للقضاء لاستصدار أمر بالطرد الفوري.
إتاحة سكن بديل للمستأجرين:
لمراعاة البعد الاجتماعي، نص القانون على أن للمستأجر أو من يمتد إليه العقد الحق في طلب تخصيص وحدة بديلة من الدولة (إيجارًا أو تمليكًا)، بشرط تقديم إقرار بإخلاء الوحدة القديمة فور الاستلام. وستكون الأولوية في الحصول على هذه الوحدات للفئات الأولى بالرعاية، مثل كبار السن والمستأجرين الأصليين وأسرهم.
موعد بدء العمل بالقانون:
يُعمل بالقانون اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية بعد تصديق رئيس الجمهورية. وتبدأ من هذا التاريخ حساب مدد الـ 7 و5 سنوات الانتقالية.
تهدف هذه التعديلات إلى إنهاء حالة الجمود التي شهدتها العلاقة الإيجارية لعقود طويلة، مع محاولة تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين بطريقة تدريجية ومنظمة.