خطر تآكل التربة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«ساي تيك ديلي»

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والضغوط البيئية المتزايدة، لم تعد صحة التربة قضية زراعية محلية فحسب، بل تحولت إلى مسألة استراتيجية تمس الأمن الغذائي العالمي والاستقرار البيئي على حد سواء. وحذرت دراسة حديثة نشرت في مجلة «NPJ Sustainable Agriculture» من أن الممارسات الزراعية المكثفة، التي لطالما اعتبرت مفتاحاً لزيادة الإنتاج، أصبحت تهدد بإضعاف «مرونة التربة»، الأمر الذي يعرض الإمدادات الغذائية العالمية لمخاطر متنامية.
تشير «مرونة التربة» إلى قدرتها على مقاومة الضغوط البيئية مثل الجفاف، والفيضانات، والتلوث، والقدرة على التكيف والتعافي بشكل طبيعي، لكن الاعتماد المفرط على أساليب مثل الحرث العميق، والإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية، والري المكثف، يؤدي على المدى الطويل إلى تدهور بنية التربة، ويقوض قدرتها على الصمود.
ومن أبرز التأثيرات السلبية لهذه الممارسات، إزالة المواد العضوية، وضغط التربة، وتعطيل التوازن الحيوي للكائنات الدقيقة التي تحافظ على صحة النظم البيئية داخل التربة. ومع مرور الوقت، تضعف قدرة التربة على التعافي، ما يؤدي إلى تفاقم مشكلات مثل التآكل، والتملح، وتفشي الآفات، وبالتالي انخفاض إنتاجية المحاصيل.
تدق الدراسة ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن نحو 95% من الإنتاج الغذائي العالمي يعتمد على التربة، التي تعد أيضاً مخزناً هائلاً للكربون يفوق ما تخزنه الغابات مجتمعة. ومع ذلك، فإن التآكل الناتج عن إزالة الغابات، والرعي الجائر، والحرث المكثف، يهدد بإزالة الطبقات الخصبة التي استغرق تكوينها قروناً، ما يمثل خطراً وجودياً على المدى البعيد.
التربة الصحية ليست فقط أساساً للإنتاج الزراعي، بل تمثل أيضاً دعامة للتنوع البيولوجي واستقرار المناخ. ويقترح الباحثون مجموعة من الحلول القابلة للتطبيق، مثل الزراعة المحافظة على التربة، والإدارة المتكاملة للآفات، واستخدام الجير لتحسين التربة الحمضية، غير أن هذه الحلول تتطلب توازناً دقيقاً بين تلبية احتياجات الحاضر وضمان استدامة المستقبل.
وتقدر الأمم المتحدة أن ثلث تربة العالم تدهور بالفعل.

0 تعليق