في خطوة قد تغير مسار مكافحة أحد أشد أنواع سرطان الثدي عدوانية، أعلن باحثون في جامعة كاليفورنيا بـلوس أنجلوس عن تطوير علاج مناعي جديد يعتمد على خلايا الجسم الدفاعي المعدلة، قادرة على مهاجمة الخلايا السرطانية من زوايا متعددة وتفكيك الدروع الواقية التي تبنيها هذه الخلايا للدفاع عن نفسها.
ويُعرف هذا العلاج باسم «علاج الخلايا المناعية NKT المعدلة»، وهو مصمم خصيصًا لمواجهة سرطان الثدي ثلاثي السلبيات، الذي يفتقر إلى ثلاثة أهداف رئيسية تجعل أنواع السرطان الأخرى أكثر قابلية للعلاج، مما يجعله ينتشر بسرعة ويعود بنسبة عالية حتى بعد العلاجات التقليدية مثل الكيماوي أو الجراحة.
علاج أكثر فعالية
وأظهرت الدراسة، التي أجراها فريق بقيادة البروفيسورة ليلي يانغ، أستاذة في علم الأحياء الدقيقة والمناعة وعلم الوراثة الجزيئي في الجامعة، أن هذا العلاج أكثر فعالية من العلاجات المناعية الحالية في تدمير عينات الأورام المأخوذة من مرضى في مراحل متقدمة من المرض، حيث يستهدف بروتينًا يدعى ميزوثيلين الذي يظهر بكثرة على سطح خلايا هذا النوع من السرطان.
يوفر الوقت والمال
ويعتمد العلاج على نوع نادر وقوي من خلايا المناعة الطبيعية المعروفة بـ«خلايا NKT الثابتة»، والتي يتم تعديلها وراثيًا لتحمل مستقبلات خاصة تمكنها من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بثلاث طرق متزامنة: إطلاق إشارات كيميائية تُفعل خلايا دفاعية أخرى في الجسم، تدمير الحواجز الالتهابية التي تحمي الورم، وإفراز مواد تمنع نمو الخلايا السرطانية وانتشارها.
ما يميز هذا العلاج عن الطرق السابقة هو إمكانية إنتاجه مسبقًا من خلايا جذعية دموية متبرع بها، دون الحاجة إلى استخراج خلايا كل مريض على حدة، مما يوفر الوقت والتكاليف؛ فبدلاً من عملية مكلفة تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات وتستغرق أسابيع، يمكن إنتاج آلاف الجرعات من تبرع واحد بتكلفة تقدر بحوالي 5 آلاف دولار للجرعة الواحدة.
قرب إجراء تجارب سريرية
وقالت يانغ في تصريح للجامعة: «لقد طال انتظار المرضى للحصول على خيارات علاجية أفضل، وأن نكون على بعد خطوة واحدة فقط من بدء التجارب السريرية أمر جيد جدًا».
وأجرت الدراسة تجارب على نماذج حيوانية وخلايا بشرية، حيث أظهرت الخلايا المعدلة قدرة على البقاء في الجسم لفترات أطول دون إثارة رد فعل مناعي ضدها، مما يجعلها آمنة وفعالة للاستخدام الواسع.
يأتي هذا الاكتشاف في وقت يُشكل سرطان الثدي ثلاثي السلبيات تحديًا كبيرًا، إذ يصيب نحو 15% من حالات سرطان الثدي لدى النساء، ويؤثر بشكل أكبر على النساء الشابات والأقليات العرقية، مع معدل بقاء لمدة خمس سنوات لا يتجاوز 77% في المراحل المتقدمة، مقارنة بـ93% للأنواع الأخرى، وفقًا لمعهد السرطان الوطني الأمريكي.
وعلى عكس العلاجات التقليدية التي غالبًا ما تفشل في اختراق بيئة الورم المناعية المقاومة، يعد هذا العلاج خطوة نحو «علاج جاهز للاستخدام» يمكن توزيعه في المستشفيات مثل أي دواء آخر، مما قد يوسع نطاقه ليشمل أنواع أخرى من الأورام الصلبة مثل سرطان الرئة أو البنكرياس.
أخبار ذات صلة

0 تعليق