الولايات المتحدة والبرازيل علاقات تجارية بنيوية - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


يشكل الاتفاق التجاري بين البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية أحد أبرز محاور العلاقات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في نصف الكرة الغربي. فمنذ مطلع القرن الحادي والعشرين، سعت واشنطن وبرازيليا إلى توطيد التعاون التجاري والاستثماري بينهما، إدراكاً لأهمية كل طرف في تأمين الأسواق والموارد وتعزيز التكامل الاقتصادي في الأمريكتين. وتقوم هذه العلاقة على تبادل واسع يشمل السلع الزراعية، والصناعات التحويلية، والطاقة، والخدمات، فضلاً عن التنسيق في مجالات الابتكار والتكنولوجيا.
وعلى الرغم من التحديات السياسية والحمائية التي اعترضت طريق هذا التعاون في مراحل مختلفة، فإن التوجه المشترك نحو تحرير التجارة وزيادة التبادل التجاري والاستثماري يعكس رغبة الطرفين في ترسيخ شراكة استراتيجية طويلة الأمد قادرة على مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.

نمو التبادل التجاري في السنوات الأخيرة

تمتلك الولايات المتحدة والبرازيل علاقة تجارية مهمة ضمن منطقة الأمريكتين، حيث تُعدّ الولايات المتحدة من أكبر شركاء البرازيل التجاريين، والعكس كذلك إلى حدّ ما. في السنوات الأخيرة، شهد التبادل التجاري (السلع + الخدمات) بين البلدين نموّاً ملحوظاً، بالرغم من بعض التحديات مثل تقلبات أسعار السلع الأساسية، والسياسات التجارية، وتأثيرات الجائحة العالميّة.

حجم التبادل التجاري خلال خمس سنوات

في عام 2024، بلغ مجموع السلع والخدمات المُتبادلة بين الولايات المتحدة والبرازيل نحو 127.4 مليار دولار.
وبلغت قيمة تجارة السلع فقط نحو 91.5 مليار دولار (صادرات الولايات المتحدة إلى البرازيل 49.1 مليار، واردات نحو 42.3 مليار) في 2024.
في ما يخص الخدمات، في عام 2024 بلغت تجارة الخدمات بين البلدين نحو 36.1 مليار دولار، منها صادرات الولايات المتحدة نحو البرازيل 29.6 مليار دولار، وواردات نحو الولايات المتحدة من البرازيل 6.5 مليار دولار.
من ناحية الميزان التجاري، تسجّل الولايات المتحدة فوائض (صادرات أكبر من الواردات) مع البرازيل في السلع والخدمات. مثلاً، فائض الخدمات وحدها بلغ نحو 23.1 مليار دولار في 2024.
فيما يتعلق بالتغيّر عبر الزمن، على سبيل المثال فائض الخدمات ارتفع من نحو 9.74 مليار دولار في 2021 إلى نحو 23.10 مليار دولار في 2024.
من هذه الأرقام، يمكن استنتاج أن التبادل التجاري قد ارتفع خلال هذه السنوات، خاصة في الخدمات، وأن الولايات المتحدة تحتفظ بميزان إيجابي مع البرازيل.

أهم السلع المتداولة

فيما يتعلق بصادرات الولايات المتحدة إلى البرازيل تحتل السلع الرأسمالية، أي الأجهزة والمعدات التي تُستخدم في الإنتاج — المرتبة الأولى حيث شكّلت نسبة مهمة من الصادرات الأمريكية إلى البرازيل. كما تأتي المواد والمستلزمات الصناعية— في المرتبة الثانية بين الصادرات الأمريكية إلى البرازيل.

واردات أمريكا من البرازيل

تحتل المواد والمستلزمات الصناعية، وخصوصاً (زيوت، معادن، جير، إسمنت) المركز الأول في حركة صادرات البرازيل إلى الولايات المتحدة، فمثلاً في 2022 شكّلت نحو 20.3% من واردات الولايات المتحدة من البرازيل. وتأتي المنتجات الزراعية في المرتبة الثانية حيث شكلت عام 2022 نحو 15.3% من الواردات الأمريكية من البرازيل.
و في 2024 كانت «المواد والمستلزمات الصناعية» تشكّل نحو 46.2% من واردات الولايات المتحدة من البرازيل، حيث تُعدّ الزيوت والمعادن أبرزها.

تطور إيجابي

يشير النموّ في تجارة الخدمات إلى أنّ العلاقة بين البلدين باتت تتجاوز تبادل السلع التقليدية، إذ إنّ الولايات المتحدة تصدّر خدمات عديدة إلى البرازيل (مثل السفر، التكنولوجيا، الاستشارات).
ويعكس الاعتماد المتزايد للبرازيل على صادرات المواد الخام والزيوت والمعادن، مقابل صادرات الولايات المتحدة لمعدات الإنتاج والآلات، بنية التكامل التجاري حيث تزود الولايات المتحدة البرازيل بما تحتاج إليه للإنتاج والتصنيع، بينما البرازيل تزود الولايات المتحدة بمدخلات إنتاج أو مواد أولية.
لكن هذه البنية قد تنطوي على مخاطر نتيجة عدم استقرار أسعار المواد الأولية العالمية، بينما يعد التنوّع في الصادرات عاملاً مهمّاً لتقليل المخاطر.
في المدى الأوسط، يمكن أن تؤثر السياسات التجارية — مثل الرسوم الجمركية، أو التغيّر في أسعار الطاقة أو العملة — في هذا التبادل.
وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة تحقق فوائض، فهذا يعني أنّ البرازيل ربما ترغب بتعزيز صادراتها نحو الولايات المتحدة أو إعادة ترتيب ميزان التبادل.
خلال السنوات الخمس الأخيرة، شهد التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والبرازيل نمواً واضحاً، وخصوصاً في قطاعَي السلع والخدمات. وتُظهر البيانات أن العلاقات التجارية بين البلدين متينة لكنها أيضاً قابلة للتأثر بالتقلبات العالمية والسياسات.

0 تعليق