رغم صدور قرار إخلاء سبيله بعد عقدٍ من التوقيف في السجون اللبنانية، لا يبدو أن قضية هانيبال القذافي تتجه فعلاً نحو نهايتها. فخلف الحكم الذي أنهى سنوات سجنه، برزت تعقيدات جديدة تتعلق بشروط الإفراج عنه، وبما إذا كان القرار قد أعاد إليه حريته فعلاً أم أنه أبقاه في دائرة القيود القانونية.
حرية مشروطة
القرار الصادر في السابع عشر من أكتوبر الماضي قضى بإطلاق سراح نجل الزعيم الليبي الراحل مقابل كفالة مالية بلغت 11 مليون دولار، وهو مبلغ وُصف من قبل فريق الدفاع بأنه «تعجيزي» وغير مبرر قانونياً. فالقذافي، الذي لا يملك هذا المبلغ، يجد نفسه أمام معادلة غير منطقية: الحرية المشروطة بثروة غير متاحة. وهو ما يثير أسئلة قانونية وأخلاقية عن طبيعة الكفالة وأهدافها، وعن مدى انسجامها مع مبدأ العدالة في حالات الاحتجاز الطويل. مع الإشارة إلى أنه أوقف في لبنان عام 2015 بتهمة كتم معلومات تتعلق باختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه خلال زيارتهم إلى ليبيا عام 1978.
في المقابل، لا يزال قرار منع السفر سارياً، وهو ما ينسف، وفق فريق الدفاع، مضمون إخلاء السبيل الذي يفترض أن يعيد له كامل حقوقه. فكيف يمكن الحديث عن إطلاق سراح إذا كان المفرَج عنه عاجزاً عن مغادرة البلاد أو ممارسة أبسط حقوقه الشخصية؟
حديث عن صفقة
وفي بيان صدر في الساعات القليلة الماضية، جدد الفريق القانوني اعتراضه على الكفالة ومنع السفر، معتبراً أن «مبدأ الكفالة بحد ذاته مرفوض قانوناً، ويُعد استمراراً للظلم الواقع على هانيبال منذ أكثر من عشر سنوات، ويتعارض مع أبسط قواعد العدالة». كما أكد أن «قرار منع السفر يشكّل تقييداً مستمراً لحريته، ويتنافى مع مضمون قرار إخلاء السبيل الذي يفترض أن يعيد له كامل حقوقه وحريته، وهو وحده من يقرر إلى أي وجهة يريد الذهاب بعد فك كافة القيود القانونية».
إلى ذلك، نفى الفريق تلقي أي عروض أو اتصالات دولية بشأن تسوية أو صفقة، مشدداً على أن القضية قانونية وإنسانية بحتة، ولا يجوز ربطها بأي ملفات سياسية أو تفاوضية، داعياً وسائل الإعلام إلى توخي الدقة في نقل المعلومات وتجنّب الأخبار غير الموثوقة التي قد تُضلّل الرأي العام.
وبين كفالة لا يمكن تسديدها وقيود لم تُرفع بعد، يبقى مصير هانيبال القذافي معلقاً بين قرارات متناقضة وعدالة مؤجلة. فهل تنتهي قضيته فعلاً مع الحكم الأخير، أم أنها ستبقى عالقة في متاهة السياسة والقضاء؟
أخبار ذات صلة

0 تعليق