واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ مكانتها في إرساء معايير إقليمية في تبنّي الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وأظهر تقرير «الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025»، الصادر عن «سيسيرو وبيرناي»، أن 60% من المؤسسات في الدولة تتعامل مع الركائز الثلاث على نحو متساوٍ، في تأكيد على ريادة الإمارات في دمج مبادئ التنمية المستدامة ضمن مختلف مستويات منظومة الأعمال.
ورصد التقرير، أبرز الرؤى والاتجاهات واستعرض التحوّلات في نهج المؤسسات وسياساتها استجابة للمتغيّرات المتسارعة في هذه المجالات.
ومع مضيّ دولة الإمارات قدماً نحو تحقيق أهداف استراتيجيتها للحياد المناخي 2050 وتجسيد رؤية «نحن الإمارات 2031»، تتجه المؤسسات الوطنية إلى ما هو أبعد من الالتزام بالمتطلبات التنظيمية، لتتبنى نهجاً استباقياً يُركّز على تحقيق أثر حقيقي وقابل للقياس في مسيرة الاستدامة.
ويُبرز التقرير، أن 71% من المؤسسات في الدولة أصبحت تُشرك موظفيها بفاعلية في مبادرات الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، فيما تدعم 67% منها برامج التطوّع التي تُسهم في ترسيخ أهداف الاستدامة وتعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية.
ارتباط متنامٍ
ويستند التقرير إلى رؤى مستمدة من 361 من كبار المسؤولين التنفيذيين في كل من الإمارات والسعودية وعُمان وقطر والكويت والبحرين ومصر ولبنان والأردن، حيث تكشف نتائجه عن ارتباط متنامٍ بين الجدوى الاقتصادية للشركات والممارسات البيئية والاجتماعيّة والحوكمة؛ إذ يرى 74% من المسؤولين التنفيذيين تأثيراً مباشراً لهذه الممارسات على قيمة العلامة التجاريّة، ما يُشير إلى التحوّل من اعتبارها مجرّد التزام أخلاقي إلى مصدر لتحقيق التميّز وتعزيز التنافسيّة.
قيمة الشركات
قال أحمد عيتاني، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة: أظهر التقرير، أن المنطقة باتت ترى في هذه الممارسات رافعة أعمال تؤثر مباشرة في قيمة الشركات، ولهذا نشعر بتفاؤل كبير بمسار الأسواق في المنطقة، لأن الزخم هذه المرة مدفوع بنتائج ملموسة.
وقال طارق الشرابي، مدير عام الشركة: «هذا التقرير يضع بين يدي قادة الأعمال والمتخصصين في الاتصال وصنّاع السياسات رؤى قابلة للتطبيق، ويشجّعهم على طرح الأسئلة الصحيحة. أمّا دورنا، فهو إضفاء مزيد من الوضوح ودعم منظومة الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة لتكون أكثر ترابطاً وثقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
مبادرات مجتمعية
وشهد التقرير الذي انطلق في نسخته الأولى كبادرة لتشجيع المسؤولية المجتمعية للشركات، نقلة نوعيّة ليصبح مرجعاً لقياس مستوى تبنّي الممارسات البيئية والاجتماعيّة والحوكمة في أسواق المنطقة، ويقدّم قراءة تحليلية لكل دولة على حدة توضح انتقال الشركات من العمل الخيري والشراكات إلى أولويات العمل المستدامة والقائمة على البيانات.
وعلى مدى نصف عقد، رصد التقرير التحوّل من مبادرات المسؤولية المجتمعية، إلى اعتبار الممارسات البيئية والاجتماعيّة والحوكمة جزءاً أساسياً من الهوية المؤسسية، وأداة للتفاعل مع أصحاب المصلحة، وإدارة المخاطر، وبناء القيمة المستدامة على المدى الطويل.
وتُشير 52% من المؤسسات المشاركة على مستوى المنطقة إلى أنها تعطي الركائز الثلاث البيئية والاجتماعيّة والحوكمة نفس الأهمية في أعمالها. فيما تعتزم 83% منها التركيز على الركيزة الاجتماعية ضمن استراتيجياتها في العام المقبل، في أعقاب فترة شهدت فيها الركيزة البيئية اهتماماً أكبر. ويأتي ذلك استجابة للتوجهات المتزايدة لأصحاب المصلحة نحو اتخاذ خطوات عملية مبنية على الحقائق.
تضمين الحوكمة في العمليات التشغيلية
وفي الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة تبنّي الممارسات البيئية والاجتماعيّة والحوكمة، لا تزال جهود التواصل وإظهار حجم النتائج بحاجة إلى تحسين؛ إذ يرى 32% فقط من المسؤولين التنفيذيين أن مؤسساتهم تُفصح بشكل منتظم عن مدى تقدم هذه الممارسات، ما يجعل الوضوح والاستمرارية في الإفصاح ضرورة لتعزيز الثقة وقياس الأثر.
ووفقاً لذلك، تقتضي المرحلة المقبلة تضمين الممارسات البيئية والاجتماعيّة والحوكمة في صلب العمليات التشغيليّة للمؤسسات سواء من ناحية التخطيط الاستراتيجي أو الأنشطة اليوميّة. وبينما تشهد هذه الممارسات إقبالاً متزايداً في بيئة الأعمال جنباً إلى جنب مع المسؤوليّة المجتمعيّة، يتعيّن على المؤسسات ترسيخ التوافق الداخلي والتواصل الفعّال بين مختلف الإدارات، للمساهمة بدور أساسي في تحديد مسار المنطقة.

0 تعليق