ولي العهد في واشنطن.. الحدث الكبير.. - الأول نيوز

تكتسب زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله-، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد غدٍ، أهمية بالغة، من حيث توقيتها، والنتائج المتوقعة منها، قياساً على المعطيات المتوفرة والمشاهدة على أرض الواقع.

فلو نظرنا إلى توقيت هذه الزيارة، نجد أنها تأتي في ظروف بالغة التعقيد؛ بحيث تتعدّى توقعات نتائجها حدود المملكة وعلاقتها الأزلية مع الولايات المتحدة، لتشمل بظلها المحيط العربي والإقليمي، وفي هذا ما يؤكد العمق الاستراتيجي، والمكانة القيادية للمملكة، وتصدرها للمشهد العالمي في حلّ جميع القضايا المتصلة بالشرق الأوسط عموماً، والقضايا العربية والإسلامية على وجه التخصيص.

وهو أمر من البدهي والمنطقي والحتمي أن يكون حاضراً في لقاء القمة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب،

فثمة ملفات عربية وإقليمية كثيرة تتشارك وتتقاطع فيها الرؤى السعودية مع الأمريكية، ويتعاضدان في حلها، ويسعيان إلى ترتيبها على النحو الذي يفضي إلى حلول تُرسى قيم السلام والأمن في المنطقة، وتهيئ الظروف للتنمية والنمو والاستقرار، وعلى رأس هذه الملفات الصراع الدامي الذي يدور على الساحة السودانية، وما أفرزه من تداعيات إنسانية مأساوية، واشتراك المملكة مع الولايات المتحدة ضمن منظومة «الرباعية» في وضع ترتيبات لإنهاء هذا الصراع الكارثي، وحمل طرفي النزاع إلى إقرار هدنة إنسانية تكون نواة إلى اتفاق سلام ينهي هذه الحرب العبثية، ويوقف نزيف الدم السوداني، ويرسي دعائم الأمن والاستقرار.

وهناك أيضاً ملف قطاع غزة، وترتيب الأوضاع على خلفية الاتفاق الأخير، والعمل المشترك على تمكين حلّ الدولتين وترسية قواعده على أرض الواقع، بما يفضي إلى سلام دائم وتعايش على قاعدة الاحترام المتبادل وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته والعيش في دعة واطمئنان.

كما سيكون ملف إعمار سورية أيضاً على الطاولة، دفعاً نحو تقوية البنية التحتية المدمرة في هذا الوطن الشقيق، وتمكينه من تضميد جراحه، والعودة بشعبه إلى مسار التنمية والنهوض من جديد..

كل هذه الملفات وغيرها؛ لا شك ستكون حاضرة بقوة، مصاحبة لجوهر الزيارة والمتصل أساساً بكونها قمة استثمارية تجمع السعودية بأمريكا، امتداداً للأواصر الاقتصادية المتينة التي تجمع البلدين الصديقين، والتي أخذت بعداً مختلفاً في عهد الملك سلمان وولي عهده عرّاب «الرؤية»، فمع هذه الرؤية المباركة باتت العلاقات الاقتصادية السعودية – الأمريكية تأخذ أشكالاً وأنماطاً مختلفة، ولم تعد سجينة الصورة التقليدية المتوارثة في بلد ينتج النفط ويصدّره، وينتظر مستهلكات المنتج الأمريكي، دون أي مساهمة في الإنتاج بما لا يماثل قدراته وإمكاناته وما يتمتع به من موارد طبيعية، وقدرات بشرية، الأمر الذي نهضت به «الرؤية» بصورة أدهشت العالم أجمع، وغيّرت في زمن قياسي كثيراً من المفاهيم، وعدّلت ميزان الاقتصاد المحلي والإقليمي والعالمي بمعادلة الاشتراك والمساهمة، بمستوى تنافسي كبير، وباتت المملكة مع «الرؤية» رقماً لا يمكن تجاوزه في هذه المعادلة الاقتصادية والاستثمارية، على هذا فإن هذه القمة التي ستنعقد يوم بعد غدٍ الأربعاء 19 نوفمبر ستتجاوز في مخرجاتها كل التخرّصات التي ما فتئت تحصرها في الحصول على ترسانة السلاح، والحصول على أنظمة الدفاع الأمريكية المتقدمة، دون النظر إلى أبعد من ذلك، وأكثر أهمية.

نعم، ستظل مبيعات السلاح جزءاً مهماً من هذه القمة وغيرها، قياساً على تطوّر الولايات المتحدة في هذا الجانب الحيوي والمهم لسد حاجة المملكة في تأمين حدودها، وما يكفل تأمين المحيط الإقليمي بعامة وفق منظومة من الأسلحة وتقنياتها المتطورة القادرة على حسم أي تفلت أو بوادر زعزعة للمنطقة من أي جهة جاءت، لكن لن يكون ذلك هو المسار الأوحد في القمة الاستثمارية المرتقبة، فواقع المملكة مع «الرؤية» فتح نوافذ الاستثمار على أرض المملكة بصورة كبيرة، ولعل نظرة فاحصة لمخرجات النسخة التاسعة من مبادرة الاستثمار المستقبلي (FII9) التي جمعت أكثر قادة العالم نفوذاً في الرياض مؤخراً، تكشف للجميع المتغيرات الكبيرة والدراماتيكية التي شهدتها المملكة في عهدها الجديد، وما باتت تطرحه من حلول ومسارات تتجاوز اقتصادها المحلي والإقليمي إلى ما يخدم الإنسانية جمعاء، على قواعد الاستفادة المتبادلة بين الشعوب.

إن البشارات المحتملة من هذه القمة الاستثمارية تكاد نتائجها تتبدى واقعها معيشاً قبل انعقادها، من مظهر اللقاءات التحضيرية التي سبقتها، ولعل أبرزها ما صرّح به وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عقب تواصله مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي ودعوته إلى زيادة استثماراته في الولايات المتحدة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وبناء علاقات متينة في هذا الجانب، بما يعزز المنافع المتبادلة ويدعم فرص العمل في المملكة، ويسهم في توطين الصناعات وتنمية المحتوى المحلي ونمو الناتج المحلي..

كل هذا مفهوم ومتوقع، ويمكن قراءة النتائج المحتملة لهذه القمة بتأمل صورة العلاقات الاقتصادية السعودية الأمريكية بالأرقام في العام المنصر (2024)؛ فقد بلغ التبادل التجاري بين البلدين فيه (32) مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات السعودية (13) مليار دولار، في مقابل (19) مليار دولار من الواردات الأمريكية، فيما بلغ رصيد الاستثمارات الأمريكية المباشرة في المملكة (15.3) مليار دولار.

يمكن القول بكل ثقة؛ إن بوادر نجاح هذه القمة تتراءى في المشهد وتستقبل وتسبق ميعاد انعقادها، بما يحملنا على رفع سقف التوقعات ببشاراتها إلى أقصى ما يحتمله الفأل، وتسعه التوقعات الخضراء، فما سيعقبها لا شك سيغير كثيراً من المعادلات، وسيعيد ترتيب البيت العربي أولاً، ويمنح المملكة مزيداً من القدرة والمكانة على تحمل تبعات القيادة بمركزيتها الفاعلة، وقيادتها الراشدة، وشخصية الأمير محمد الجادة التي ترعى مصالح الوطن ومستقبله وأمنه

هذه زيارة ولى العهد الأمين الثانية لواشنطن بعد ثمانية أعوام مضت على زيارته الأولى لتضيف أبعاداً جديدة لعلاقة تعمّقت وتوطدت بالسياسة، والاقتصاد، والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

حفظ الله أميرنا المبدع وبارك كل خطواته.

The visit of Crown Prince Mohammed bin Salman – may God protect him – to the United States of America, the day after tomorrow, holds great significance in terms of its timing and the expected outcomes, given the available data and what is observed on the ground.

If we look at the timing of this visit, we find that it comes in extremely complex circumstances; its expected results go beyond the borders of the Kingdom and its eternal relationship with the United States, to encompass the broader Arab and regional context. This underscores the strategic depth and leadership position of the Kingdom, as it takes the lead in the global scene in addressing all issues related to the Middle East in general, and Arab and Islamic issues in particular.

It is both obvious and logical that this will be present in the summit meeting between Crown Prince Mohammed bin Salman and President Donald Trump.

There are many Arab and regional files where Saudi and American visions intersect and collaborate to resolve them, striving to arrange them in a way that leads to solutions that establish the values of peace and security in the region, and create conditions for development, growth, and stability. At the forefront of these files is the bloody conflict taking place in Sudan, with its tragic humanitarian repercussions, and the Kingdom's collaboration with the United States within the "Quartet" framework to establish arrangements to end this catastrophic conflict, and to bring the warring parties to agree on a humanitarian ceasefire that serves as a foundation for a peace agreement to end this senseless war, stop the bleeding of Sudanese blood, and establish the pillars of security and stability.

There is also the file of the Gaza Strip, arranging the situation in light of the recent agreement, and working together to enable the two-state solution and establish its foundations on the ground, leading to lasting peace and coexistence based on mutual respect, and enabling the Palestinian people to establish their state and live in peace and security.

The reconstruction of Syria will also be on the table, pushing towards strengthening the devastated infrastructure in this brotherly nation, enabling it to heal its wounds, and returning its people to the path of development and revival.

All these files and others will undoubtedly be strongly present, accompanying the essence of the visit, which is fundamentally an investment summit that brings Saudi Arabia and America together, extending the strong economic ties that bind the two friendly countries, which have taken on a different dimension during the reign of King Salman and his Crown Prince, the architect of the "Vision." With this blessed vision, Saudi-American economic relations have taken on various forms and patterns, no longer confined to the traditional inherited image of a country that produces and exports oil, waiting for American product consumption, without any contribution to production that matches its capabilities, resources, and human potential. This is something that the "Vision" has achieved in a way that has amazed the entire world, changing many concepts in record time, and adjusting the balance of the local, regional, and global economy with a competitive level of participation and contribution. The Kingdom has become, with the "Vision," a number that cannot be overlooked in this economic and investment equation. Therefore, this summit, which will be held the day after tomorrow, Wednesday, November 19, will exceed the outcomes of all the speculations that have confined it to acquiring a stockpile of weapons and obtaining advanced American defense systems, without looking further and more importantly.

Yes, arms sales will remain an important part of this summit and others, given the development of the United States in this vital aspect to meet the Kingdom's needs in securing its borders, and ensuring the security of the broader regional environment with a system of advanced weapons and technologies capable of resolving any disturbances or signs of instability in the region from any source. However, this will not be the only path in the anticipated investment summit. The reality of the Kingdom with the "Vision" has opened up investment windows in the Kingdom significantly, and perhaps a closer look at the outcomes of the ninth edition of the Future Investment Initiative (FII9), which recently gathered the most influential leaders in the world in Riyadh, reveals to everyone the significant and dramatic changes that the Kingdom has witnessed in its new era, and what it is now proposing in terms of solutions and pathways that go beyond its local and regional economy to serve humanity as a whole, based on mutual benefits among peoples.

The potential blessings from this investment summit seem to be manifesting even before its convening, as seen in the preparatory meetings that preceded it. Perhaps the most notable of these was the statement made by U.S. Treasury Secretary Scott P. O'Neill following his communication with the Saudi Public Investment Fund, urging it to increase its investments in the United States, enhance economic growth, and build strong relationships in this regard, thereby enhancing mutual benefits, supporting job opportunities in the Kingdom, and contributing to local content localization and growth of the GDP.

All of this is understandable and expected, and the potential outcomes of this summit can be read by reflecting on the picture of Saudi-American economic relations in numbers for the past year (2024); the trade exchange between the two countries reached (32) billion dollars, with Saudi exports valued at (13) billion dollars, compared to (19) billion dollars in American imports, while the balance of direct American investments in the Kingdom reached (15.3) billion dollars.

It can be confidently said that the signs of success for this summit are visible in the scene, welcoming and preceding its scheduled date, prompting us to raise the ceiling of expectations for its blessings to the highest possible level, and to embrace green expectations. What will follow it will undoubtedly change many equations, rearranging the Arab house first, and granting the Kingdom more capacity and status to bear the burdens of leadership with its effective centrality, wise leadership, and the serious personality of Prince Mohammed, who cares for the interests, future, and security of the nation.

This is the second visit of the esteemed Crown Prince to Washington after eight years have passed since his first visit, adding new dimensions to a relationship that has deepened and solidified in politics, economics, artificial intelligence, and technology.

May God protect our creative prince and bless all his steps.