ولي العهد.. زيارة مختلفة في زمن مختلف - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ليست مبالغة عندما نقول إن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن تختلف في معناها وأهدافها وأثرها وتأثيرها عن أي زيارة سعودية سابقة لأمريكا. صحيح أن أي زيارة دولة سعودية تحظى دائماً من الجانب الأمريكي بالحفاوة الكبيرة والاهتمام الخاص والتقدير العالي، نظراً لأهمية وإستراتيجية العلاقات بين البلدين، ورمزية المملكة وثقلها عربياً وإسلامياً، لكن لكل وقت ظروفه ومعطياته وسياقه، الوقت الآن مختلف كثيراً، وتوقيت الزيارة يأتي في ظل متغيرات كبرى تعم العالم، كما أن الزائر يحمل ملفات مختلفة استوجبتها المرحلة الجديدة التي تعيشها المملكة منذ بداية تدشين الرؤية الوطنية المليئة بالطموح العالي، وهي المرحلة التي تغيرت فيها مفاهيم إدارة الوطن، وتغيرت أساليب العلاقات مع الدول بما يحقق المصلحة الوطنية أولاً، وبعد أن أثبتت المملكة أنها لاعب قوي ومؤثر في السياسة الدولية لتحقيق التوازنات الإيجابية وتكريس الأمن والسلام وإطفاء النزاعات والحروب، والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد العالمي كدولة وازنة يُحسب لقراراتها حساب كبير.

يزور ولي العهد واشنطن هذه المرة بعد أن تأكدت إدارة الرئيس ترمب أنه يقود مشروعاً تنموياً ضخماً بمقتضيات المستقبل وليس الحاضر فقط، مشروع أصبح مقنعاً للآخرين بأهمية الشراكة فيه وتحقيق فوائد للجميع من هذه الشراكة، لقد رأوا نتائجه على أرض الواقع، وتأكدوا من جدواه، بعد أن وفرت المملكة كل الأسباب الضامنة لنجاحه. هذه الحقيقة أكدها الرئيس ترمب خلال زيارته الأخيرة للمملكة، وأعاد تأكيدها في أكثر من تصريح لاحق، بالإضافة إلى إعجابه الشديد برؤية وجدية ومثابرة وتصميم ولي العهد في قيادة التحولات الشاملة في المملكة، ونهجه في التعامل مع الملفات السياسية العربية والإقليمية والدولية، والنجاحات التي حققتها المملكة في كثير من تلك الملفات، بما يهيئ الفرص الممكنة للأمن والسلم والاستقرار الذي يمثل حجر الأساس لأي تنمية في أي بلد.

هذا الانطباع الإيجابي والإعجاب بما تحققه المملكة في مرحلتها الجديدة أصبحت تعبر عنه كل دول العالم، وتسعى للشراكة معها بتطوير مختلف أشكال العلاقات، ولكن تظل العلاقة مع أمريكا ذات طابع خاص لأسباب تأريخية، وأسباب أخرى تتمثل في كون أمريكا الدولة الأكبر والأكثر تأثيراً في العالم بما تملكه من أسباب القوة في كل مجال. وقد استوعبت إدارة الرئيس ترمب، أن المملكة تحولت من نمط العلاقة التقليدية معها إلى علاقة ديناميكية تؤطرها المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة كشريك موثوق وقوي ومؤثر على كل الأصعدة. ولهذا يصبح مفهوماً عندما يحمل ولي العهد معه إلى واشنطن ملفات غير تقليدية، كالبرنامج النووي، وأحدث معدات التسليح والتقنية المتقدمة، بالإضافة إلى اتفاقيات أمنية وعسكرية بين البلدين،‏ وملفات أمنية إقليمية أولها قضية فلسطين، التي أحدثت فيها المملكة بدبلوماسيتها الماهرة اختراقاً تأريخياً باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية.

من كل ذلك، يصبح منطقياً هذا الاهتمام الكبير محلياً وعربياً وإقليمياً بزيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن التي تبدأ غداً، لأن نتائجها ليست مقتصرة على الشأن السعودي وحده، بل تتعداه إلى ترتيب أوراق مهمة في المنطقة. كما أنه يكون مفهوماً ذلك الاستعداد الخاص الكبير في البيت الأبيض لهذه الزيارة قبل بدئها.. كل الأنظار ستكون مصوبةً غداً على البيت الأبيض، مرفوقةً بالأمل أن تتكلل هذه الزيارة التأريخية بالنجاح.

0 تعليق