اختلف تعاطي الحكومة التركية مع خسائر “حزب الله” اللبناني المتلاحقة جراء الضربات الإسرائيلية، مقارنة مع موقفها وتعاطيها مع حرب غزة، إذ انتقدت أنقرة القصف الإسرائيلي على لبنان، لكنها تجنبت إصدار بيانات يمكن اعتبارها داعمة لـ”حزب الله”.
ناقشت وكالة “فرانس برس” وموقع “ميدل إيست آي” الفارق في تعاطي تركيا مع هذه الأحداث، وأسباب حذر تركيا في التعليق على ضربات إسرائيل لـ”حزب الله”، رغم الانتقادات التركية الشديدة لإسرائيل منذ 7 من تشرين الأول 2023 إثر الحرب على غزة.
تعزيز لموقف تركيا ضد إيران
ذكرت وكالة “فرانس برس”، بحسب ما نقلته عن محللين، أن الهجوم الإسرائيلي على “حزب الله” في لبنان يقلل من نفوذ إيران، وهو مطمئن بالنسبة لتركيا، التي قد تغتنم الفرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي في مواجهة منافستها إيران، “وهو ليس شيئًا يمكن لتركيا أن تبكي عليه”.
وإذا تُرجمت الضربات الإسرائيلية على أنها “إضعاف طويل الأمد لإيران والجماعات الشيعية المتحالفة معها، بما في ذلك حزب الله، فإن ذلك سيمهد الطريق حقًا أمام تركيا للعب دور أكثر هيمنة” في سوريا والعراق.
تركيا و”حزب الله” في سوريا وقضايا إقليمية أخرى يعتبران على طرفي نقيض، فالحزب يدعم نظام بشار الأسد في حربه ضد الشعب السوري، بينما تدعم تركيا المعارضة.
والمعارك الدائرة في سوريا والتي كان “حزب الله” أحد أبرز القوى الداعمة للنظام السوري وارتكب مجازر بحق السوريين، زعزعت استقرار حدود تركيا الجنوبية، ودفعت ملايين اللاجئين للتوجه إليها.
علاقة أنقرة مع إيران حساسة دائمًا، لذلك تركيا حذرة فيما تقوله وتفعله، ومن الواضح أنها تشعر بالقلق إزاء تصعيد إقليمي أكبر وحرب شاملة بين إيران وإسرائيل، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها، وستبذل كل ما في وسعها للبقاء بعيدة عن التدخل، وفق “فرانس برس”.
لماذا الصمت
نقل موقع “ميدل إيست آي” عمن وصفه بأنه “مطلع على الفكر التركي”، أن “الصمت التركي هو أيضًا بيان، فهو رسالة إلى إيران وإلى إسرائيل”.
وبحسب المحلل السياسي التركي عمر أوزكيزيلكيك في مؤسسة “Atlantic Council” البحثية، رغم أن تركيا تشعر بالقلق إزاء خطط الحرب الإسرائيلية في لبنان والكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة، فإنها لا تريد أن تدعم إيران ووكلاءها.
وتتحرك تركيا على خط فاصل بين عدم إظهار التضامن مع “حزب الله” وإيران من جهة، والمطالبة بإنهاء التصعيد الإسرائيلي من جهة أخرى، بحسب المحلل السياسي التركي.
والنهج الحذر الذي تبنته تركيا في التعامل مع عملية قتل نصر الله أمر مفهوم تمامًا بالنسبة للمراقبين في أنقرة، بحسب “ميدل إيست آي”.
مصطفى كانر المحلل في شؤون إيران والمنطقة، قال لـ“ميدل إيست آي”، إن أنقرة تعمل حاليًا على صياغة سياسة جديدة في الشرق الأوسط تهدف إلى فتح فصل جديد مع كل من سوريا ولبنان، وبالتالي اتخاذ موقف وسط بشأن “حزب الله” وإسرائيل.
ويتعين على أنقرة، بحسب كانر، أن تحافظ أولًا على دعمها للمعارضة السورية، وأن تدير أيضًا التحفظات العاطفية للمعارضة، وثانيًا، تجنب الانجرار إلى الخطاب الإيراني بعد عملية “طوفان الأقصى” بشأن السياسة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تعطي فيه تركيا الأولوية للدبلوماسية والقانون الدولي، تواصل إيران تغذية النشاط المسلح من خلال الجماعات المسلحة التي تمكنها من التوسع الإقليمي.
تصريحات تركية
وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قال السبت الماضي في تصريحات صحفية، إن نصر الله كان شخصية مهمة في المنطقة، وبالنسبة إلى لبنان، لذلك “سيكون من الصعب ملء الفراغ الناجم عن غيابه”.
وأضاف فيدان أن مقتل نصر الله شكل خسارة كبيرة لكل من “حزب الله” وإيران، وتحدث عن لقائه نصر الله بعد عشرة أيام من عملية “طوفان الأقصى”، لكنه لم يدن قتل نصر الله.
رئيس البرلمان التركي وعضو الحزب الحاكم، نعمان كورتولموش، كان تصريحه مختلفًا قليلًا عن حذر الحكومة التركية وتصريحات فيدان.
وصف كورتولموش نصر الله بـ”الشهيد”، وذكر أن “اغتيال نصر الله من قبل إسرائيل هو نتيجة خطيرة لسياسة الاحتلال والتدمير والضم المستمرة منذ سنوات، ليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب، بل ضد كل شعوب المنطقة”.
وكانت إسرائيل أعلنت، في 27 من أيلول الماضي، عن مقتل نصر الله بغارة نفذتها في بيروت.
“حزب الله” اللبناني أعلن في اليوم التالي مقتل قائده نصر الله، بعد التكتم على مصيرة إثر الغارة الجوية الإسرائيلية واسعة النطاق التي ضربت منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
0 تعليق