- الصواريخ استدعت استنفار مختلف أجهزة الدولة
- حافظت الجهات المختصة على ديمومة الحياة خلال الأزمة
- الملف الإعلامي أدير بطريقة سلسة خلال الأزمة
عدي صافي - على مدار ساعتين من ليلة الثلاثاء، شهدت سماء المملكة الأردنية الهاشمية عبور عشرات الصواريخ البالستية الإيرانية الموجهة نحو الاحتلال الإسرائيلي، ما تسبب بحالة من القلق والذعر بين المواطنين، وإعلان فكيف تعامل الأردن مع هذه الأزمة؟
الدولة الأردنية استطاعت إدارة أزمة عبور صواريخ ومسيرات إيرانية لأجواء المملكة بطريقة منظمة ومدروسة، ومثالية إلى حد بعيد، حسب تحليل موسع أجرته "رؤيا".
وبالعودة إلى تفاصيل الأزمة، شهدت سماء الأردن ليلة الثلاثاء - عبور عشرات الصواريخ البالستية الهجومية الموجهة من إيران نحو الاحتلال الإسرائيلي؛ ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
هذه الصواريخ استدعت استنفار مختلف أجهزة الدولة، التي ثبت أنها كانت على أهبة الاستعداد مسبقا، وقد تدربت على التعامل مع الأزمة، وفقا لخلية تطبق منظومة إدارة المخاطر والمهددات، بأسلوب علمي رصين، ومتقن بصرامة.
التحذير الأول في الـ8:11 دقيقة
صدر بيان مقتضب من القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، في تمام الساعة الـ8:11 دقيقة - بعد دقائق على بدء الهجوم الصاروخي- دعت فيه الأردنيين، التزام بيوتهم حفاظا على سلامتهم.
بيان القوات المسلحة تزامن مع إعلان هيئة تنظيم الطيران المدني إغلاق المجال الجوي الأردني أمام حركة الطائرات حماية للأرواح، ومنعا لوقوع ما لا يحمد عقباه.
سرعة الاستجابة
تواصلت صليّات الصواريخ الإيرانية بالانطلاق، في الوقت الذي جرى إسقاط جزء منها، ما تسبب بوقوع شظايا وبقايا صواريخ فوق مناطق مختلفة من أراضِ المملكة.
المخاطر التي لازمت عبور الصواريخ للأجواء الأردنية، صاحبها بيان صادر عن مديرية الأمن العام في تمام الساعة الـ8:31 دقيقة - أي بعد 20 دقيقة من بيان الجيش- أهابت خلاله بالمواطنين بالالتزام بالتعليمات الصادرة عن القيادة العسكرية.
كما وجهت الأردنيين لاتباع تعليمات مباشرة لتجنب الطرق المزدحمة أو المسير بالمركبات، إضافة إلى ضرورة الوقوف في موقع آمن إلى حين التعامل مع الظرف الاستثنائي.
سقوط الشظايا بين الثامنة والتاسعة مساء
في الأثناء وتحديدا ما بين الساعة الـ8 والنصف والـ9 مساء تم رصد سقوط شظايا صواريخ ومسيرات فوق مدن أردنية مختلفة منها، العاصمة، البلقاء، مأدبا، الزرقاء، والكرك، حسب ما أفاد مراسلي "رؤيا" المنتشرين في مختلف المناطق.
وعلى ضوء ذلك، ما كان من مديرية الأمن العام إلا أن دعت الأردنيين لعدم الاقتراب من باقي الأجسام الساقطة أو التعامل معها أو التجمهر بالقرب منها لحين وصول الفرق المختصة، مؤكدة ضرورة الإبلاغ عنها وعن أماكن سقوطها لضمان سلامتهم وتجنب الخسائر البشرية والمادية على الرقم 911.
بدورها وزارة الداخلية، قطعت الطريق على مروجي الإشاعات والعابثين بالأمن الوطني حينما أصدرت بيانا مقتضبا في تمام الساعة الـ9:18 دقيقة، كشفت خلاله عن مواقع سقوط عدة شظايا لأجسام، إضافة إلى إعلانها عدد المصابين نتيجة سقوط الشظايا ونفيها المعلومات المتداولة حول تسجيل وفاة في إحدى المحافظات.
العبور من الأزمة
الأردن، وكعادته كان سريعا في تجاوز الأزمات وتخطيها، لا سيما وأن موقعه في محيط ملتهب حتم عليه وضع خطط وسيناريوهات للتعامل مع الأسوأ وتجاوزه مباشرة.
وكان النجاح في حفظ الأمن الوطني، وضمان ديمومة الحياة بطبيعتها واضحا خلال أزمة الثلاثاء، حيث أعلنت هيئة تنظيم الطيران المدني على لسان رئيسها الكابتن هيثم مسيتو عن إعادة فتح المجال الجوي الأردني أمام الطائرات المدنية في تمام الساعة الـ9:33 - أي بمدة لا تتجاوز الساعتين على إغلاقها- في رسالة واضحة للعالم، حول مدى مأمونية هذه الدولة ومنعتها من الانزلاق نحو المجهول.
خطط صارمة
النجاح الأمني، العملياتي، والإعلامي للدولة الأردنية، لم يأتي مصادفة، بل تمخض عن إرادة واضحة وصارمة من رأس الدولة - النظام - ومختلف الأجهزة العاملة، للحفاظ على سلامة الوطن، وسكانه، من شرٍ قد اقترب.
أسس عدة لتجاوز الأزمة
التعامل مع الأزمة كان مدروسا، وبني على عدة أسس، رصدتها "رؤيا" في محصلة لأبرز الخطوات والقرارات المعلنة، وغير المعلنة.
فمن حيث الصعيد الأمني - عسكريا - تصدت القوات المسلحة لأي مخاطر تذكر في السماء، وحالت دفاعاتنا الجوية دون وقوع أضرار تُذكر، على المستوى البشري، والمادي - إلى حد كبير.
أما على الصعيد الأمني داخليا، فقد انصاع غالبية الأردنيين للتحذيرات الصادرة عن مديرية الأمن العام، والتزموا باتباع تعليمات التعامل مع الأجسام الساقطة، من حيث الإبلاغ عن مواقعها للجهة المسؤولة.
وحول الملف الإعلامي، والتوعوي، فقد أدارت أجهزة الدولة الأمر برمته، بعناية فائقة، وسرعة مقدّرة، حالت دون انتشار الشائعات، وتداول الأكاذيب.
بدوره وزير الاتصال الحكومي - الناطق باسم الحكومة، د. محمد المومني واظب على توجيه الرسائل الإعلامية لوسائل الإعلام بشكل منتظم، ومستعجل، وهو ما سمح لتلك الوسائل، من إبلاغ الجماهير وطمأنتهم.
فيما وجه مركز إدارة الأزمات رسائل توعوية للسكان كانت في محلها؛ نوهت خلالها حول الأجسام الساقطة، والآلية المثلى للتعامل معها، بما يضمن عدم تحقيق خسائر مادية أو بشرية.
انتظام في الرسالة الإعلامية
ومما رصدت "رؤيا"، وجهت الرسائل الإعلامية بانتظام من مراكز صنع القرار في وقت واحد، حيث أرسلت وفق تحليل "رؤيا" من:
- وزارة الاتصال الحكومي
- القوات المسلحة
- مديرية الأمن العام
- مركز إدارة الأزمات
هذا الانتظام في توجيه الرسائل عبر القنوات السليمة، جعلنا نشاهد - للمرة الأولى - غيابا شبه تام للإشاعة، والمعلومة المغلوطة، والتحريض الممنهج عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وبعد رصد وتحليل" رؤيا" أكثر من 500 منشور مختلف عبر منصات (إكس، فيسبوك، انستغرام) لأردنيين، بدا جليا أنه جرى تداول المعلومة السليمة الصادرة عن الجهات المختصة.
لن نكون ساحة للصراع
النجاح في تجاوز الأزمة لم يمنع الدولة الأردنية رسائل واضحة للعالم مفادها، أن الأردن دولة ذات سيادة واضحة، ولن يسمح بجعله ساحة للصراعات في المنطقة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة د. محمد المومني أن موقف الأردن يتمثل بأنه "لن يكون ساحة للصراع لأحد، وأن حماية الأردن والأردنيين هي مسؤوليتنا الأولى".
إعلام مسؤول
الإعلام الأردني بدوره كان على موعد الحدث، وأثبت أنه يمثل خطا دفاعيا عن الدولة، يجب استثماره وتمتينه على الصعيد الصحيح.
ومثّل العاملين بالوسائل الإعلامية أعلى معايير المهنية والاحتراف، واستقوا المعلومة المؤكدة من مصادرها الرسمية، مبتعدين عن تداول الإشاعات والأخبار غير المنسوبة إلى مصادر صريحة ومسؤولة.
ولعب الإلتزام الإعلامي بعمليات النشر والترويج دورا هاما في إيصال الرسائل المطلوبة للسكان، أينما كانوا، وفي وقت قياسي.
0 تعليق