روبوتات الـ «تشات بوت».. سرعة الردود على حساب جودة الحلول - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أظهر استبيان أجرته «الخليج»، أن 60% من العملاء الذين استخدموا روبوتات المحادثة «chatbot»، قالوا إن الردود لم تكن مفيدة في تلبية استفساراتهم أو معالجتها، وأن 53% لا يشعرون بالثقة أثناء التفاعل معها. ما يعكس فجوة واضحة بين أداء الروبوتات الحالية وتوقعات العملاء من حيث الدقة والفاعلية.

وأشار خبراء في التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي ل«الخليج»، إلى أن الإقبال المتزايد على هذه الروبوتات يهدف لتوفير التكاليف وسرعة الاستجابة، حيث تتيح للشركات والمؤسسات تقديم خدمة على مدار الساعة دون الحاجة إلى فرق عمل كبيرة.

أوضح خبراء أن الأنظمة المتقدمة منها، قادرة على احتواء ما بين 50 إلى 70% من استفسارات العملاء دون تدخل بشري، بفضل فهمها لسياق السؤال ونيّة المستخدم. مشدّدين على أن نجاح الروبوتات في تحقيق الأهداف مرهون بتوفير تصميم مخصّص لكل قطاع.

وقالوا إن من أبرز الأخطاء التقنية التي تقع فيها الشركات التي تستخدم هذه الخدمة، إطلاق الروبوتات دون ربطها بقواعد معرفة موثوقة، وعدم تخصيص اللغة والنبرة، إضافة إلى تجاهل التحديث المستمر للمحتوى، ما يؤدي إلى ردود غير دقيقة وتراجع في مستوى رضا المستخدمين.

وحذّر هؤلاء من مخاطر متزايدة عند استخدام الروبوتات، أبرزها ضعف خصوصية البيانات وإمكانية استغلال الثغرات الأمنية. وأكدوا ضرورة وجود «زر طوارئ» لتحويل المستخدم إلى أحد الموظفين البشريين. وبحسب تقرير مجموعة IMARC، بلغ حجم سوق روبوتات المحادثة عالمياً نحو 6.95 مليار دولار في عام 2024، ويتوقع أن يصل إلى 44.49 مليار دولار بحلول عام 2033، نتيجة زيادة الاعتماد عليه في دعم العملاء.

تجارب متباينة

قال سعيد جودت، أحد رواد المتاجر الإلكترونية، إن التقنية مفيدة في المهام البسيطة فقط، وأضاف: «كنت أتتبع شحنة، وأعطاني الروبوت الوقت المتوقع للوصول، لكن عند حدوث تأخير، لم يتمكن من تقديم أي تفسير، ما جعلني أشعر بالإحباط. كان من الأفضل لو أتيح خيار التحدث مع موظف.

وقالت ندى يوسف، مستخدمة لتطبيق مصرفي: «كنت بحاجة لإيقاف بطاقة الائتمان بشكل عاجل بعد ملاحظة عملية مشبوهة. الروبوت كان يطلب مني اتباع خطوات غير واضحة، ولم يكن هناك خيار طوارئ لتحويلي إلى موظف بشري. شعرت أن الوقت يُهدر في موقف حساس، حتى ساعدني شقيقي وحصلنا على المعلومة التي نريد بعد جهد».

أما يوسف ياسين، فقد كان له تجربة مختلفة، حيث قال: «كنت أبحث عن معلومات حول إجراءات تجديد الهوية، والروبوت الموجود على الموقع قدم لي خطوات واضحة وروابط مباشرة للطلبات. لم أضطر للبحث الطويل أو الاتصال بأي شخص. كانت الخدمة مفيدة وفعالة».

نقلة نوعية

قال محمد أبو الحوف، استشاري التسويق والتحول الرقمي، أن الذكاء الاصطناعي أحدث نقلة نوعية في روبوتات المحادثة مقارنة بالأنظمة التقليدية. وأشار إلى أن أنظمة المحادثة المتقدمة تتعامل مع 50–70% من الاستفسارات دون الحاجة لتدخل بشري.

وأضاف: «باتت هذه الروبوتات تفهم نيّة المستخدم وسياق السؤال، ما يجعل الردود أكثر دقة وواقعية. هذه الأنظمة تقوم بالرجوع إلى قاعدة المعرفة الداخلية للمؤسسة والوثائق الرسمية المعتمدة قبل تقديم أي إجابة، ما يقلل بشكل كبير من أي خطأ. كما أصبحت قادرة على تقديم ردود مخصصة بناء على ملف العميل وسجله، وتتعلم من تكرار الأسئلة وتطوّر نفسها دورياً. كذلك هناك عدة مؤشرات تساعد المؤسسات على تحسين فعالية الروبوت بشكل مستمر، وتقليل الحاجة لتدخل بشري في معظم الحالات، من أبرزها: مراقبة نسبة الحل من أول محاولة، معدل رضا العملاء، متوسط وقت المعالجة».

أخطاء ونصائح

أشار أبو الحوف، إلى أن أبرز الأخطاء في تنفيذ روبوتات المحادثة تتمثل في إطلاقها دون إدارة محتوى واضحة، أو دون ربطها بقواعد معرفة موثوقة. وشدّد على ضرورة تعيين «مسؤول معرفة» يتولى تحديث المحتوى وضبط السياسات الأمنية. كما حذر من استخدام «ذكاء اصطناعي خام»، لا يعتمد استرجاع المعرفة من مصادر المؤسسة، ما يؤدي إلى ردود غير موثوقة. إضافة إلى الخطأ الأكبر وهو تجاهل خصوصية البيانات، واستخدام نسخة موحّدة لكل المستخدمين دون تخصيص النبرة أو اللغة حسب الشريحة.

وتابع: «تصميمها يجب أن يراعي طبيعة كل قطاع. ففي القطاع المصرفي، تركز المؤسّسات على الدقة والأمان. أما في المتاجر الإلكترونية، فالأولوية لتجربة المستخدم السريعة، من التوصية بالمنتجات إلى الدفع وتتبع الشحن والإرجاع. وفي الجهات الحكومية، يجب أن يكون التصميم مبسّطاً، متعدد اللغات، وسهل الاستخدام لذوي الإعاقة».

وأكد أن روبوتات الذكاء الاصطناعي لم تعد مجرد أدوات للرد، بل أصبحت قنوات إنجاز قادرة على تنفيذ المهام بشكل متكامل، في حال أحسنت الشركات استغلالها.

سرعة ومخاوف

قالت زينب حمارشة، المختصة في التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي، إن الاعتماد المتزايد على روبوتات المحادثة يعود إلى عاملي السرعة والتكلفة، حيث تجد الشركات أن هذه التقنية قادرة على تقديم خدمة فورية للعملاء على مدار الساعة، من دون الحاجة إلى توظيف فرق ضخمة تعمل بنظام المناوبات وتستنزف الأموال من الميزانية.

وأضافت: «الروبوتات لم تعد مجرد آلة ردود، بل أصبحت قادرة على تقديم إجابات دقيقة وتحليل أسئلة العملاء لاقتراح حلول، ما يحوّلها من أداة دعم فني إلى قناة تسويقية. هذا لا يعني أنها لا تسبّب مخاطر تقنية، فهناك عدة مخاوف، أبرزها ضعف الخصوصية وأمن البيانات، حيث يمكن أن يتم استغلال الثغرات لاختراق محادثات العملاء، كما أن الاعتماد الكلي على الروبوتات قد يؤدي أحياناً إلى تجربة محبطة للمستخدم، خصوصاً إذا لم يكن الروبوت مدرَّباً كفاية للتعامل مع الأسئلة المعقدة أو الخارجة عن السياق».

تحديات وحلول

وأشارت حمارشة، إلى أن الذكاء الاصطناعي قادر على محاكاة التعاطف عبر تحليل نبرة الكتابة أو الصوت واختيار ردود أكثر إنسانية، لكنه لا يزال بعيداً عن التعاطف الحقيقي، لأن التعاطف يرتبط بالوعي والمشاعر، وهي عناصر لم ينجح العلماء حتى الآن في نقلها للآلة. معتبرةً أن ما نراه هو تعاطف برمجي وليس إنسانياً، لكنه قد يكون كافياً لإقناع المستخدم بأنه مفهوم ومقدَّر.

وتابعت: «هناك تحديات قانونية تتعلق بحماية البيانات الشخصية، خاصة إذا كان الروبوت يتعامل مع معلومات مالية أو طبية، كما أن هناك تحدياتٍ أخلاقية تتعلق بمدى شفافية الشركات، مثل ضرورة إبلاغ العميل بأنه يتحدث مع روبوت، والتأكد من أن الأنظمة ليست متحيزة في ردودها بسبب طبيعة البيانات التي تدربت عليها. وأكدت ضرورة استحداث «زر طوارئ» مباشر لتحويل المستخدم إلى موظف بشري. حيث أثبتت التجارب أن أفضل أنظمة خدمة العملاء هي التي تدمج بين الروبوت والإنسان.

رضا العملاء

أظهرت نتائج استبيان «الخليج»، على مجموعة من العملاء الذين استخدموا روبوتات المحادثة في تعاملاتهم، أن 60% من المشاركين، اعتبروا أن ردود روبوت المحادثة لم تكن مفيدة في تلبية استفساراتهم، فيما وصف 20% الردود بأنها مفيدة، ونسبة مماثلة اعتبرتها متوسطة الفائدة. أما فيما يتعلق بالرضا العام عن تجربة استخدام روبوتات المحادثة، أفاد 43.3% بعدم رضاهم إطلاقاً، مقابل 30% راضين وتمت مساعدتهم، في حين كان 26.7% مترددين في تقييمهم. وبخصوص الشعور بالراحة والثقة أثناء التفاعل مع الروبوتات، أشار 53.8% إلى عدم شعورهم بالثقة إطلاقاً، و38.5% شعروا بالثقة إلى حد ما، بينما عبر 7.7% فقط عن ثقتهم الكاملة.

0 تعليق