على الرغم من أن أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية شبه موحدة، إلا أن السعر الذي يدفعه المستهلك لتعبئة خزان سيارته بالوقود يختلف بشكل جذري من دولة إلى أخرى. هذا التباين هو نتيجة مباشرة لسياسات الحكومات المتعلقة بالضرائب والدعم. يستعرض هذا التقرير آليات تسعير الوقود، ويسلط الضوء على خريطة الأسعار العالمية، مع التركيز على نماذج التسعير المتبعة في دول الشرق الأوسط والتوجه العالمي نحو إصلاح منظومات الدعم.
من الأرخص إلى الأغلى: خريطة أسعار البنزين عالمياً
يبلغ متوسط سعر البنزين حول العالم 1.30 دولار للتر، لكن الفروقات شاسعة. فبينما يعتمد التسعير في الأسواق الحرة على العرض والطلب والتكاليف الحقيقية، تتدخل دول أخرى عبر الدعم لخفض الأسعار على المستهلكين. ووفقاً لبيانات منصة "GlobalPetrolPrices.com"، تشمل قائمة الأقطاب السعرية ما يلي:
الدول الأرخص سعراً (بالدولار/لتر):
ليبيا: 0.028 دولار الكويت: (المركز الخامس عالمياً) الجزائر ومصر: (ضمن قائمة العشرة الأوائل)الدول الأغلى سعراً (بالدولار/لتر):
هونغ كونغ: 3.655 دولار أيسلندا: 2.483 دولار الدنمارك وهولندا وإسرائيل: (تتجاوز 2.2 دولار)آليات التسعير في الشرق الأوسط.. لكل دولة طريقتها
تعتمد دول المنطقة مزيجاً من آليات السوق والدعم الحكومي، مما يؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة وميزانيات الدول.
السعودية: تجري أرامكو مراجعة شهرية للأسعار بناءً على معادلة ترتبط بالأسعار العالمية وتكاليف التشغيل والضرائب، مع احتفاظ الحكومة بالقدرة على التدخل.
الإمارات: منذ عام 2015، تتبع لجنة متخصصة آلية تسعير شهرية مرنة تعكس الأسعار العالمية، مما يوفر شفافية للمستهلك.
مصر: تعتمد لجنة تسعير الوقود على متوسط أسعار خام برنت وسعر صرف الدولار. وتعتزم الحكومة رفع الدعم تدريجياً بحلول نهاية 2025.
الكويت: تاريخياً، كان السعر مدعوماً بشكل كبير. وحالياً، هناك توجهات لتحويل الدعم ليقتصر على فئات معينة مثل المواطنين بدلاً من الدعم الشامل.
الأردن: تقوم لجنة تسعير المشتقات البترولية بمراجعة شهرية للأسعار بناءً على الأسعار العالمية للشهر السابق والتكاليف والضرائب المحلية.
دول أخرى: تتبع سلطنة عُمان نظام دعم موجهاً للمواطنين المستحقين، بينما تقوم قطر والبحرين بمراجعات شهرية للأسعار.
7 تريليونات دولار.. حجم الدعم العالمي للوقود الأحفوري
كشف صندوق النقد الدولي أن دعم الوقود الأحفوري وصل إلى 7 تريليونات دولار عام 2022. ويشمل هذا الرقم نوعين من الدعم:
الدعم الصريح: الفروقات التي تتحملها الحكومات مباشرة لإبقاء الأسعار منخفضة.
الدعم الضمني: التكاليف غير المحتسبة للآثار البيئية والصحية الناتجة عن استخدام الوقود.
وتتصدر الدول الكبرى المنتجة للنفط، مثل السعودية وروسيا، قائمة أكبر الداعمين، حيث تقدم الصين دعماً يقدر بنحو 30 مليار دولار، تليها السعودية بحوالي 28.7 مليار دولار، ثم روسيا بنحو 24 مليار دولار.
لماذا تتراجع الدول عن دعم الوقود؟
يشهد العالم حالياً توجهاً واضحاً نحو تقليص دعم الوقود، مدفوعاً بثلاثة عوامل رئيسية:
الضغوط المالية: تسعى الحكومات لخفض العجز في ميزانياتها، خاصة بعد زيادة الإنفاق خلال جائحة كورونا.
الضغوط المؤسسية والبيئية: تضغط مؤسسات التمويل الدولية والمنظمات البيئية من أجل سياسات أكثر كفاءة واستدامة.
استقرار أسعار الطاقة: أدى هبوط أسعار النفط بعد ذروة 2022 إلى تقليص الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية، مما جعل إصلاحات الدعم أسهل سياسياً واقتصادياً.
0 تعليق