«بي بي سي»: الادعاء الأميركي يتمسّك باعتراف «طوعي» لأبو عجيلة… والدفاع يطالب باستبعاده في قضية «لوكربي»
ليبيا – تناول تقرير لشبكة «بي بي سي» تطورات سير محاكمة المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي (74 عامًا) المتهم بالتورط في «تفجير لوكربي»، ناقلًا عن المدعين في الولايات المتحدة تأكيدهم أن المريمي اعترف طوعًا بالتهمة أثناء استجوابه في مركز احتجاز ليبي، في مقابل رواية للمتهم وفريق دفاعه تفيد بأنه أُكره على الإقرار من قبل ثلاثة ملثمين هددوا سلامته وسلامة أسرته لإجباره على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها.
مرافعات الادعاء: «اعتراف طوعي وموثوق ودقيق»
أكد محامو وزارة العدل الأميركية أنهم قادرون على إثبات أن الاعتراف كان طوعيًا وموثوقًا ودقيقًا، رافضين مزاعم الإكراه، ومعتبرين أن طلب فريق الدفاع منع هيئة المحلفين من سماع الاعتراف هو محاولة لحجب «أدلة بالغة الأهمية» تتعلق بهجومين إرهابيين كبيرين ضد أميركيين.
دفوع الدفاع: اعتراف «مُملى» تحت التهديد
أوضح فريق الدفاع أنه تقدّم بالتماس لمنع استخدام الاعتراف كدليل في المحاكمة المقررة في واشنطن العام المقبل، مؤكدًا أن موكّلهم تلقّى ورقة مكتوبة بخط اليد من الملثمين الثلاثة تضمنت اعترافًا بـ«تفجير لوكربي» وهجوم آخر، وطُلب منه حفظها وتكرارها في اليوم التالي أمام جهة الاستجواب، وأنه امتثل تحت وطأة الخوف على نفسه وأطفاله.
سياق الاحتجاز كما يقدّمه الادعاء: «المكان الأكثر أمانًا» بعد 2011
بحسب المدعين، احتُجز المريمي وأعضاء سابقون آخرون في جهاز المخابرات الليبي داخل سجن سري تديره ميليشيا مسلحة خلال فوضى ما بعد 2011، وكان ذلك المكان «الأكثر أمانًا» في تلك الظروف. ونقل التقرير إفادة ضابط شرطة ليبي متمرّس قاد الاستجواب بأن منشأة السجن أُديرت بشكل جيد، وأن السجناء لم يكونوا مقيّدين ولم تظهر عليهم علامات تعذيب أو إكراه، وأن المتهم بدا بصحة جيدة وواثقًا من نفسه، وروى على مدار يومين تفاصيل تورطه في «تفجير لوكربي».
جدل خطّ السير والزمن: نسخة أُخفيت ثلاث سنوات قبل تسليمها
أشار التقرير إلى أن السلطات الليبية سلّمت في يناير 2017 نسخة من الاعتراف المزعوم إلى المحققين الاسكتلنديين الذين أحالوها لاحقًا إلى نظرائهم الأميركيين. كما بيّن ما أورده محامو وزارة العدل من أن ضابط الاستجواب أدرك حساسية المعلومات فاحتفظ بها في منزله ثلاث سنوات «نظرًا للفوضى وعدم الاستقرار»، قبل أن يسلّمها عام 2015 لمسؤول حكومي ليبي رفيع لم يُكشف عن اسمه أو منصبه، لتنتقل لاحقًا إلى السلطات الاسكتلندية ومن ثم الأميركية.
مزاعم إضافية يسوقها التحقيق الأميركي
نقل التقرير عن «مكتب التحقيقات الفيدرالي» (FBI) مزاعم تقول إن المريمي اعترف بتصنيع عبوة ناسفة فجّرت ملهى ليليًا في برلين الغربية عام 1986 وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم جنديان أميركيان وإصابة العشرات. كما أورد رواية عن دور مزعوم في محاولة اغتيال وزير خارجية أميركي لم يُكشف عن اسمه خلال جنازة رسمية في باكستان، عبر معطف مفخخ كان يرتديه مرافق للسياسي، غير أن المريمي — بحسب هذه الرواية — قرر الامتناع عن التفجير بعد أن علم أن حامل المعطف لم يكن على علم بالمهمة الانتحارية، رغم حضور رئيسه المباشر في العملية واستفساره عمّا يجري.
تقييم منطق الروايات المتقابلة
يتمسّك الادعاء بأن فرضية رفض عميل استخباراتي تنفيذ «مهمة قاتلة» بحضور رئيسه «غير مرجّحة»، ويرى أن رواية الإكراه «غير معقولة» وقابلة للدحض بأدلة مستقلة جُمعت على مدى سنوات. في المقابل، يطعن الدفاع في سلامة الظروف والإجراءات التي أحاطت بالاستجواب والاعتراف، ويتمسّك بأن الإقرار انتُزع تحت التهديد ويجب استبعاده من ملف الإثبات.
المسار الإجرائي: بين عدم الاختصاص وقبول الاستئناف
ذكّر التقرير بحكم قضائي أميركي صدر في أبريل 2024 بعدم الاختصاص، قبل أن تقبل محكمة الاستئناف طلبات المدعين في يونيو من العام نفسه، ما أبقى الملف مفتوحًا على سجال «الطوعية» و«الإكراه». وأكد أن جلسة استماع ستُعقد في الوقت المناسب للبت في طلب الدفاع بحجب الاعتراف عن هيئة المحلفين من عدمه قبيل المحاكمة المقررة في واشنطن.
ترجمة المرصد – خاص
0 تعليق