عاجل

هل الاستثمار في الذهب حقًا أصل خالٍ من المخاطر؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 جدل متجدد: أثار الارتفاع التاريخي للذهب فوق 4000 دولار نقاشًا حادًا حول طبيعته، حيث يراه المؤيدون ملاذًا آمنًا ضروريًا، بينما يعتبره المتشككون أصلًا مضاربيًا ومتقلبًا.  حجة "الملاذ الآمن": يستند مؤيدو الذهب إلى تاريخه الطويل في الحفاظ على القيمة خلال الأزمات، وقدرته على التحوط ضد التضخم، واستقلاليته عن السياسات النقدية للحكومات.  حجة "الأصل الخطير": يرى المنتقدون أن الذهب لا يدر أي عائد دوري (مثل الفوائد أو الأرباح)، وأسعاره شديدة التقلب، كما أنه لا يوفر تحوطًا ثابتًا، مستشهدين بتراجعه خلال بعض فترات الأزمة المالية عام 2008.

في أعقاب موجة الصعود التاريخية التي دفعت أسعار الذهب لتجاوز حاجز 4000 دولار للأونصة، عاد الجدل القديم ليطفو على السطح بقوة: هل الذهب حقًا ذلك الملاذ الآمن الذي لا تشوبه شائبة، أم أنه مجرد أصل مضاربي محفوف بالمخاطر؟

وجهة النظر المتشككة: "لا شيء آمن في الذهب"

تقود هذا التيار كاتبة الرأي في "بلومبرغ"، أليسون شراجر، التي ترى أن "الارتفاع المذهل في أسعار الذهب هو تذكير بمدى كوننا مخلوقات بدائية".

وفي مقال حديث، جادلت شراجر بأنه "لا يوجد سبب منطقي لأن يكون للذهب قيمة متأصلة"، فبخلاف الدولار الذي يمكنه شراء السلع، والأسهم التي تمنح ملكية في شركات مربحة، فإن الذهب لا يقدم سوى كونه "لامعًا ونادرًا".

وتعتبر شراجر أن سعر الذهب "متقلب للغاية" ويضيف فقط المخاطر إلى المحفظة الاستثمارية. ولتدعيم وجهة نظرها، أشارت إلى أن الذهب "لا يوفر حتى تحوطًا متسقًا"، مستشهدة بتراجعه بنسبة 6% خلال بعض أسوأ فترات الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وخلصت إلى أن الاستثمار في الذهب هو للمضاربين، ولا يمكن أن يكون في نفس الوقت "أصلًا منخفض المخاطر ويتفوق على السوق".

وجهة النظر الداعمة: "حصن منيع ضد عدم الاستقرار"

على النقيض تمامًا، يرى مؤيدو الذهب أنه أثبت على مدى آلاف السنين قدرته على العمل كـ "حصن منيع ضد عدم الاستقرار". وعندما تصاب الأسواق المالية بالذعر وتفقد العملات الورقية قيمتها، لا يحافظ الذهب على قيمته فحسب، بل غالبًا ما تزداد.

يستند هذا الرأي إلى عدة خصائص فريدة للذهب:

أصل ملموس ومستقل: الذهب أصل مادي لا يمكن طباعته أو خلقه بقرار من بنك مركزي، مما يجعله مستقلًا عن السياسات النقدية التي قد تؤدي إلى تآكل قيمة العملات.

التحوط ضد التضخم: تاريخيًا، أثبت الذهب قدرته على الحفاظ على القوة الشرائية على المدى الطويل في مواجهة التضخم.

الأداء خلال الأزمات: غالبًا ما يرتفع الطلب على الذهب خلال فترات عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، حيث يبحث المستثمرون عن أصل آمن وموثوق.

سيولة عالية واعتراف عالمي: يمكن بيع وشراء الذهب بسهولة في أي مكان في العالم، مما يجعله أصلًا عالي السيولة.

ماذا حدث في أزمة 2008؟

تشير شراجر إلى تراجع الذهب خلال أزمة 2008 كدليل على عدم موثوقيته. وبالفعل، شهد الذهب انخفاضًا حادًا ومؤقتًا في أواخر عام 2008 بعد انهيار بنك "ليمان براذرز".

لكن السبب وراء ذلك لم يكن فقدان الثقة فيه، بل حاجة البنوك والمؤسسات المالية الماسة للسيولة بالدولار الأمريكي، مما دفعها لبيع أصولها السائلة، بما في ذلك الذهب، للحصول على النقد.

ومع ذلك، وبمجرد استقرار الأسواق نسبيًا، عاد الذهب للارتفاع بقوة. وتشير البيانات إلى أن سعر الذهب ارتفع بنسبة 6% خلال عام 2008 بأكمله، في حين تراجعت الأسهم والسلع الأخرى بنسب وصلت إلى 40% و60%.

وبين عامي 2008 و2012، قفزت قيمة الذهب بنسبة تجاوزت 100%.

ليس خاليًا من المخاطر.. ولكنه فريد

إن وصف الذهب بأنه "خالٍ من المخاطر" هو تبسيط مخل. فالذهب، مثله مثل أي أصل استثماري آخر، يخضع لتقلبات سعرية حادة ويمكن أن يتسبب في خسائر على المدى القصير.

كما أنه لا يدر أي دخل دوري، وتترتب على حيازته المادية تكاليف تخزين وتأمين.

لكن في المقابل، لا يمكن إنكار دوره التاريخي كمخزن للقيمة وأداة تحوط في أوقات الأزمات الكبرى. إنه أصل فريد يجمع بين كونه سلعة وملاذًا آمنًا وعملة.

لذلك، فإن الاستثمار في الذهب ليس "جيدًا" أو "سيئًا" بالمطلق، بل يعتمد على أهداف المستثمر وقدرته على تحمل المخاطر. فبينما قد يكون أداة للمضاربة في أيدي البعض، يمثل للبعض الآخر حجر الزاوية في استراتيجية طويلة الأمد لتنويع المحفظة وحماية الثروة من تقلبات الأسواق المالية التقليدية.

0 تعليق