لماذا اختارت إيران مقاطعة قمة شرم الشيخ؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

طهران- كشفت الدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة و مصر إلى إيران للمشاركة في قمة شرم الشيخ حول غزة عن انقسام واضح داخل الأوساط السياسية الإيرانية، ففي حين رأى تيار أن المشاركة تمثل فرصة سانحة لكسر العزلة الدولية واستعادة الدور الإقليمي لطهران، اعتبر آخرون أن الحضور يعني منح شرعية لمخططات خصومها في ظل غياب حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويرى مراقبون أن الدعوة وضعت طهران أمام اختبار صعب بين خيارين: القبول بما ينظر إليه كاعتراف دولي بمكانتها الإقليمية، أو الالتزام بمبدأ رفض التطبيع الذي قد يتزعزع بمجرد الجلوس إلى طاولة تضم إسرائيل.

وبعد نقاشات مطولة، خرج اجتماع الحكومة الإيرانية الأحد الماضي بقرار حاسم يقضي بعدم المشاركة في القمة المقرر التوقيع خلالها على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس وسط حضور دولي كبير.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده، رغم انفتاحها على الدبلوماسية، "لا يمكنها التعامل مع من هاجم الشعب الإيراني ولا يزال يهدده ويفرض عليه العقوبات".

وأضاف في منشور على منصة "إكس" أن إيران ترحب بأي مبادرة تنهي الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي في غزة، وتؤدي إلى خروج قوات الاحتلال.

حسابات إقليمية معقدة

يرى أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الخوارزمي، يد الله كريمي بور، أن قرار طهران بالمقاطعة يأتي ضمن حسابات إقليمية دقيقة، موضحا أن القمة تمثل منعطفا جيوسياسيا يتجاوز حدود غزة، إذ تسعى واشنطن والقاهرة إلى ترسيخ نفوذهما في مرحلة ما بعد الحرب عبر قيادة عملية إعادة الإعمار والإشراف على وقف إطلاق النار.

إعلان

وفي تحليل نشره عبر قناته على منصة "تليغرام"، اعتبر كريمي بور أن القمة تهدف إلى "منح شرعية دولية واسعة للخطة الأميركية، وفتح المجال أمام قوى فلسطينية جديدة، وإرساء منظومة أمنية وإدارية مغايرة لغزة"، في وقت يجري فيه استبعاد قوى كبرى مثل روسيا والصين من دوائر صنع القرار.

وأوضح الأكاديمي الإيراني أن مقاطعة بلاده تستند إلى جملة من الدوافع، أبرزها:

رفض إضفاء الشرعية على مشروع تعتبره مناقضا لمصالحها. تجنب الانخراط في مبادرة تقودها واشنطن، إلى جانب ضغوط داخلية من تيارات مناهضة للغرب. خشية أن يؤدي الحضور إلى تقويض "محور المقاومة".

استدرك بأن كلفة الغياب قد تكون عالية، لأنها تحرم طهران من التأثير في رسم ملامح المشهد الفلسطيني الجديد، وتعمق عزلتها السياسية، مضيفا أن "الاستبعاد الذاتي" قد يتحول إلى عبء جيوسياسي متزايد على الجمهورية الإسلامية.

أمن قومي ومصالح مهددة

من جهته، شدد قاسم محبعلي، المدير العام الأسبق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإيرانية، على أن مشاركة طهران في القمة كانت "ضرورة إستراتيجية"، مؤكدا أن غيابها سيكون له تبعات جسيمة على مصالحها في المنطقة.

وأوضح محبعلي أن لإيران اليد العليا في دعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، فضلا عن حضورها المؤثر في سوريا واليمن، ولذلك "لا يجوز أن تغيب وقت صياغة الاتفاقات".

وفي مقابلة مع صحيفة ستاره صبح الإيرانية، شبه محبعلي الموقف بالمثل الفارسي القائل "من حضر العزاء يجب أن يحضر الفرح أيضا"، معتبرا أن القمة قد تشكل بداية لتحولات كبيرة في الشرق الأوسط، ومن مصلحة إيران أن تكون حاضرة عند اتخاذ القرارات لا أن تتخذ نيابة عنها أو في غيابها.

وأضاف أن السياسة الخارجية الإيرانية تتحرك وفق خطوط حمراء جامدة وغير مرنة، معتبرا أن هذا النهج يحول دون اتخاذ قرارات مناسبة للزمان والمكان، وأن غياب طهران عن مواقع القرار قد يدفعها مستقبلا إلى القبول بما كانت ترفضه اليوم بعد أن يصبح أمرا واقعا.

" frameborder="0">

قمة مسيسة

في المقابل، يرى طيف واسع من المحافظين والناشطين السياسيين أن قمة شرم الشيخ ليست سوى محاولة لإعادة تسويق ما يسمى بـ"صفقة القرن" واتفاقات إبراهام في ثوب جديد، تهدف إلى تحويل الهزيمة العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى إنجاز سياسي.

وأشاد رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الإيرانية المصرية علي رضا سليمي بقرار الحكومة مقاطعة القمة، معتبرا أن إيران "لا يمكن أن تكون متفرجا على الآخرين وهم يقررون مصير المنطقة"، مؤكدا أن الفلسطينيين وحدهم أصحاب الحق في تقرير مستقبلهم.

وفي تصريح لوكالة "إيلنا"، شدد سليمي على أن "إيران لا يمكن أن تغض الطرف عن جرائم الكيان الصهيوني"، مضيفا "نشك في النوايا الأميركية والإسرائيلية، فقد أظهرت التجارب أنهم يخططون خلف الكواليس لتحقيق أهداف أخرى".

" frameborder="0">

بدائل دبلوماسية

ورغم الرفض الرسمي المستند إلى الخطوط الحمراء للسياسة الإيرانية، تدعو أصوات أخرى إلى تبني دبلوماسية أكثر مرونة تحفظ حضور طهران في رسم مستقبل غزة دون التنازل عن ثوابتها.

وفي هذا السياق، يرى السفير الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد أن مشاركة رمزية على مستوى منخفض – كوفد من نواب الوزراء أو المديرين العامين– كانت ستتيح لإيران إيصال مواقفها وتجنب اتهامها بالتقاعس عن مبادرات السلام.

إعلان

وأوضح في حديث لوكالة "إيلنا" أن الدعوة الأميركية المباشرة لطهران تمثل "سابقة في العلاقات الثنائية المتوترة"، وكان الأجدر استثمارها دبلوماسيا دون الانخراط الكامل.

وحذر فرجي راد من أن الغياب قد يستغل مستقبلا لتصوير إيران كطرف رافض للسلام، مؤكدا في الوقت ذاته أن السياسات الأميركية تجاه طهران لم تتغير، خاصة ما يتعلق بملفي التخصيب النووي والبرنامج الصاروخي، داعيا إلى الحذر من محاولات واشنطن تحسين صورتها على حساب المصالح الإيرانية.

0 تعليق