رام الله، غزة – "الأيام": أفرجت سلطات الاحتلال على دفعتين، أمس، عن 250 أسيراً من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات إضافة إلى 1718 مواطناً اعتقلوا من قطاع غزة خلال العدوان، وذلك في أوضاع صحية صعبة جراء تعرضهم لعمليات تنكيل وتجويع ممنهجة، قبل أن يجري إبعاد 154 أسيراً محرراً منهم إلى الخارج، في وقت أصيب خلاله عشرات المواطنين بجروح ورضوض وحالات اختناق خلال عمليات اقتحام واسعة شنتها قوات الاحتلال في محافظات الضفة بزعم منع أي مظاهر احتفالية.
ففي الدفعة الأولى أفرجت سلطات الاحتلال، ظهراً، عن 96 أسيراً محرراً من ذوي المؤبدات والأحكام العالية، من سجن "عوفر" غرب مدينة رام الله، قبل أن تقلهم حافلتان ومركبة إسعاف تابعة للصليب الأحمر الدولي إلى قصر رام الله الثقافي بمدينة رام الله، حيث كانت في انتظارهم عائلاتهم وحشود من المواطنين.
وعلت هتافات آلاف المواطنين عند القصر الثقافي، وبمجرد وصول الحافلتين، بينما سارع ذوو الأسرى المحررين، إلى استقبال أبنائهم الذين لوح العديد منهم بيده بشارة النصر.
وفي الدفعة الثانية، أفرجت سلطات الاحتلال، مساء عن الدفعة الثانية من المعتقلين وضمت 154 أسيراً من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات، الذين نقلوا مباشرة من قطاع غزة إلى جمهورية مصر العربية، إضافة إلى 1718 معتقلاً من قطاع غزة اعتُقلوا خلال العدوان.
ونقلت 38 حافلة، و10 مركبات إسعاف الأسرى والمعتقلين الذين أُفرج عنهم، في الدفعة الثانية إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس.
وحاصرت حشود المواطنين الحافلات التي تقل الأسرى المفرج عنهم، وعلت الزغاريد والهتافات.
وشهدت ساحة مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة ازدحاماً كبيراً مع وصول الحافلات التي تقل الأسرى المحررين، وسط استقبال جماهيري واسع من العائلات التي توافدت للقاء أبنائها.
وقالت أم محمد شاهين، والدة أحد المفرج عنهم، وهي تبكي فرحاً: "لم أصدق أن ابني سيعود إليّ بعد ثماني سنوات من الغياب. انتظرنا هذه اللحظة طويلاً رغم الحرب والدمار".
في الإطار، أعلنت وزارة الصحة أن العديد من الأسرى المحررين نقلوا إلى المشافي بأوضاع صحية صعبة.
وأفادت بأن عدداً كبيراً من المفرج عنهم يعانون أوضاعاً صحية صعبة، إضافة إلى إصابة عدد منهم بأمراض جلدية بفعل الإهمال الطبي المتعمد بحقهم.
وقال شهود عيان إن علامات التعذيب كانت ظاهرة على أيدي وأرجل بعض الأسرى المفرج عنهم، بينما لوحظ نحول أجسادهم جراء سياسة التجويع التي اتبعتها سلطات الاحتلال بحقهم، علاوة على إصابة غالبيتهم بأمراض جلدية جراء الإهمال الطبي.
بينما كشف أسرى محررون عن تعرضهم للتعذيب والتنكيل حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت الإفراج عنهم.
وقال الأسير المحرر كمال أبو شنب إن "مصلحة السجون (الإسرائيلية) تركت الأسرى المنوي الإفراج عنهم مكبلي اليدين والقدمين على الحصى أكثر من 6 ساعات".
بينما قال الأسير محمد أحمد الخطيب: تعرضنا لضغوطات كثيرة، ولكل أشكال العنف، خاصة في اللحظات الأخيرة للإفراج، لكن نبقى نحن شعب الجبارين، ولدينا القوة والعزيمة للصمود.
بدوره أكد الأسير المحرر سامر الحلبية أن معظم الأسرى يعانون أوضاعا صحية صعبة، وكلهم يشتكون الألم والجوع، ما تسبب في نقص في الوزن بشكل كبير وملحوظ.
أما الأسير المحرر سالم العيد من زيتا بمحافظة طولكرم، فعلق على ظروف الأسر بالقول إن "رحلة السجن كلها رحلة عذاب، الأقسام مغلقة على بعضها البعض، ولا أخبار ولا معلومات تصل إليهم، إضافة إلى منع الزيارات منذ أعوام، حيث نقص الأكل والدواء والشراب، ولا وسادة تضع رأسك عليها، وكل لحظة هناك اقتحام وتنكيل".
في الإطار، شهدت محافظات الضفة عمليات اقتحام وقمع واسعة في محاولة لمنع أي مظاهر احتفالية بالإفراج عن الأسرى.
فقد أصيب شاب بالرصاص الحي والعشرات بحالات اختناق، عقب قمع قوات الاحتلال المواطنين الذين كانوا في انتظار الإفراج عنهم أمام سجن "عوفر" العسكري المقام على أراضي بلدة بيتونيا غرب رام الله.
وألقت تلك القوات منشورات قرب "عوفر" تحذر فيها عائلات الأسرى المقرر الإفراج عنهم من إقامة أي مظاهر استقبال أو احتفاء، قبل أن تقتحم بلدة بيتونيا، وسط إطلاق الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع صوب المواطنين والصحافيين والمنازل المحيطة.
بينما اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال لمخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، ودهمت منزل الأسير المحرر صابر مسالمة، وأطلقت قنابل الغاز والصوت، وأجبرت المواطنين القادمين لتهنئة الأسير على مغادرة المكان، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عند المدخل الرئيس للمخيم.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة العبيدية وقرية دار صلاح، وتمركزت في محيط منازل الأسرى المفرج لمنع أي مظاهر احتفالية، في وقت دهمت فيه منزل الأسير المفرج عنه المهدي عز الدين الجراشي في بلدة الخضر جنوب بيت لحم.
وفي بلدة العيسوية، بالقدس المحتلة، نشرت شرطة الاحتلال قواتها بكثافة وأغلقت عدداً من الطرق بعد الإفراج عن الأسير محمد محيسن، قبل أن تستهدف طائرة مروحية القرية بالقنابل المسيلة للدموع.
وفي بلدة كفر عقب، شمال القدس، اقتحمت قوات الاحتلال منزل الأسير أيمن الكرد، واعتدت على شقيقه بالضرب، ما أدى إلى إصابته بكسور ورضوض في الأنف والقدم، كما حطم جنود الاحتلال باب المنزل ومقتنياته.
وكانت سلطات الاحتلال استدعت، فجراً، عائلات العديد من الأسرى إلى مركز تحقيق غرب مدينة القدس المحتلة، وهددتهم من مغبة إظهار أي مظاهر احتفالية.
وفي ما يتعلق، بالأسرى المبعدين، فقد استبقت سلطات الاحتلال عملية الإبعاد، بمنع أقاربهم من السفر خارج فلسطين لاستقالهم.
وقالت القناة الـ15 العبرية إن السلطات الإسرائيلية منعت سفر نحو 100 من أقارب الأسرى المبعدين، مشيرة إلى أن أقارب الأسرى كانوا يخططون للسفر إلى الأردن ثم مصر للقاء أبنائهم.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، أكدت مصادر متعددة وصول 154 أسيراً مبعداً إلى الجانب المصري من معبر رفح.
وقال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس، في بيان مساء أمس إنه جرى: "استلام الأسرى المبعدين إلى الخارج، وعددهم 154 أسيراً وجرى نقلهم إلى جمهورية مصر العربية لإتمام إجراءات الإفراج عنهم.
0 تعليق