قُتلت من أجل النفقة: تصاعد جرائم قتل النساء في مصر يفتح ملف العنف الأسري والقانوني - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تصاعد جرائم قتل النساء يفتح ملف العنف الأسري والقانوني

تقف جدة مصدومة أمام حفيدتيها الصغيرتين بعد أن شهدت مقتل ابنتها طعناً على يد زوجها بسبب خلافات مادية تتعلق بالنفقة.

هذه الحادثة المأساوية في مدينة الإسكندرية ليست حالة فردية، بل تمثل جزءاً من سلسلة متصاعدة من جرائم قتل النساء في مصر، والتي تسلط الضوء على دور الضغوط الاقتصادية والثغرات القانونية في تفاقم العنف الأسري.

أرقام صادمة ومؤشرات مقلقة

بحسب تقرير حديث صادر عن مؤسسة "إدراك للتنمية والمساواة"، شهد النصف الأول من عام 2025 وحده توثيق 120 جريمة قتل لنساء على يد الزوج أو أحد أفراد العائلة.

ويأتي هذا الرقم امتداداً لمؤشر تصاعد مستمر منذ عام 2023 الذي شهد 140 جريمة، ليرتفع العدد إلى 261 جريمة في عام 2024، ما يعكس تفاقم العنف الأسري بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.

وتوضح مديرة وحدة الرصد في المؤسسة أن "جرائم قتل النساء لا تأتي وليدة الصدفة، بل هي نهاية مسار طويل من العنف، وغالباً ما يسبقها تاريخ من التهديد والاعتداءات المتكررة، والتي لم يتم التعامل معها بجدية من قبل القانون أو المجتمع".

ثغرات قانونية وثقافة مجتمعية تحد من الحماية

رغم صدور بعض أحكام الإعدام في قضايا مماثلة، يشير حقوقيون إلى وجود ثغرات قانونية ومجتمعية تحول دون توفير حماية حقيقية للنساء.

تقول محامية بالنقض: "القوانين الحالية لا تتعامل بجدية مع بلاغات التهديد أو العنف المنزلي، وغالباً ما تُقيّد كـ‘إثبات حالة’ دون اتخاذ إجراءات رادعة."

إضافة إلى ذلك، الثقافة المجتمعية في بعض المناطق قد تلوم المرأة عند التبليغ، وتعتبر لجوءها للقانون فضيحة اجتماعية، مما يمنع الكثيرات من طلب الحماية.

وفي هذا الإطار، تطالب نائبة برلمانية بضرورة الإسراع في إصدار "قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة"، والذي تم التقدم به سابقاً وسيُطرح مجدداً في البرلمان، لحماية النساء وفرض عقوبات رادعة على المعتدين.


الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على العنف الأسري

يرى أستاذ في علم الاجتماع أن تدهور الوضع الاقتصادي في مصر أسهم بشكل مباشر في تصاعد العنف الأسري، موضحاً أن "التوترات داخل البيوت تتزايد نتيجة الضغوط المالية، وتظل النساء الحلقة الأضعف والأكثر دفعاً للثمن في ظل غياب نظام حماية فعّال".

وتؤكد أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2021 أن نحو ثلث النساء المتزوجات في مصر تعرضن لشكل من أشكال العنف على يد الزوج، سواء كان لفظياً أو جسدياً.

ورغم إعداد مسودة قانون موحد لمواجهة هذه الظاهرة، إلا أنها لم تُطرح بعد للنقاش البرلماني، وسط مطالبات حقوقية مستمرة بإقرارها فوراً لحماية النساء وتوفير بيئة آمنة لهن.

نداء للتوعية والإصلاح القانوني

يرى خبراء أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب مزيجاً من التوعية المجتمعية، والدعم القانوني، والسياسات الاقتصادية التي تخفف الضغوط على الأسر.

ويضيفون أن توفير خطوط ساخنة، ودور رعاية مؤقتة للنساء المعرضات للخطر، والتدريب على التعامل مع حالات العنف المنزلي، كلها عناصر أساسية لتقليل معدلات القتل الأسري.

وتختتم المؤسسة الحقوقية تقريرها بالتأكيد على أن العنف ضد النساء ليس مجرد قضية فردية أو عائلية، بل مشكلة اجتماعية وقانونية واقتصادية تتطلب تعاون الدولة والمجتمع المدني لوضع حلول فعالة وعاجلة.

0 تعليق