Published On 19/10/202519/10/2025
|آخر تحديث: 09:43 (توقيت مكة)آخر تحديث: 09:43 (توقيت مكة)
الخانقاه الفخرية مجمع معماري في القدس يتكون من مدرسة ومسجد ومئذنة وغرف عدة يتخذها المتصوفة سكنا ويقيمون فيها حلقات للذكر والتهجد. هدمها الاحتلال الإسرائيلي عام 1969 مع ما هدمه من زاويا، وحوّل بعض ما تبقى من مبناها إلى مقر لقسم الآثار الإسلامية، وأصبح فيما بعد مقرا لموظفي المتحف الإسلامي المجاور له.
تعريف الخانقاه
الخانقاه كلمة فارسية تعني بيت الأكل، وقيل إن أصلها "خونقاه"، أي الموضع الذي يأكل فيه الملك، ونشأت "الخوانق" في الإسلام في حدود القرن الرابع للهجرة، وجعلت ليعتكف الصوفية فيها ويتفرغوا لعبادة الله.
تقام "الخوانق" عادة على نظام الصحن الذي يحيطه إيوان واحد أو أكثر، فبعضها تضم بابا واحدا وبعضها قد تضم 4 أبواب، وتكون بلا مئذنة وبلا منبر، كما تضم مسجدا لا تقام فيه صلاة الجمعة، ويلحق به أحيانا ضريح أو مدرسة أو سبيل.
وتُدرس في مدارس "الخوانق" علوم الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، وقد اضطلعت هذه المؤسسات بدور واسع في نشر الوعي الديني.

الموقع والتأسيس
تقع الخانقاه الفخرية قرب باب المغاربة وهي قريبة من المتحف الإسلامي، وتحديدا في الناحية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى ويخرج جزء منها إلى خارجه.
وسميت بالفخرية نسبة إلى ناظر الجيوش الإسلامية آنذاك القاضي فخر الدين أبو عبد الله محمد بن فضل الله، وقد أنشأها سنة 730هـ/1329م، في الفترة المملوكية زمن السلطان محمد بن قلاوون.
وسميت كذلك "زاوية أبو السعود"، نسبة إلى العائلة المقدسية التي خدمت وسكنت فيها، فكان الشيخ أبو السعود من العلماء الذي استقروا في المدرسة، وغدت وقفا لذريته من بعده.
وظيفة الخانقاه الفخرية
شُيدت الخانقاه الفخرية في الأصل لتكون مدرسة، نظرا لعناية القاضي فخر الدين بالعلم وأهله، ثم تحولت في فترة الدولة العثمانية إلى وظيفة إيواء المتصوفة.
يقول المؤرخ الفلسطيني نظمي الجعبة في كتابه "حارة اليهود وحارة المغاربة في القدس" إن الزاوية الفخرية ساهمت عبر تاريخها في الحركتين العلمية والصوفية في القدس، واستضافت كثيرا من رجال العلم والتصوف الذين سكنوا فيها.
تفاصيل الخانقاه
ضمت الخانقاه الفخرية مدرسة ومسجدا و21 منزلا، وكشكا ومكتبة كبيرة وأراضي زراعية (حواكير) بمساحة 7 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع).

إعلان
وهو مسجد مبناه مستطيل من الجنوب إلى الشمال، يصله المصلون عبر مدخل حجري بسيط الشكل، ويوجد فيه محراب له حنية حجرية مزينة بأحجار حمراء وبيضاء، وأعلاها عقد حجري مدبب يرتكز على عمودين رخاميين في جانبي المحراب.
وأرضية المسجد مفروشة برخام ملون من العصر المملوكي، ومئذنته مربعة الشكل، وتعلوه شرفة حجرية مربعة لها صفان من الحنيات، وفي الشرفة بناء صغير مربع الشكل له طاقية حجرية، وهو نهاية المئذنة.
وفي سنة 1341هـ/1922 جدد المجلس الإسلامي الأعلى المئذنة بسبب تصدعها.
مدرسة الزاوية الفخرية:بدأت الزاوية الفخرية مدرسة دينية لأن ذلك كان الهدف الأول لمؤسسها، لكنها تحولت فيما بعد إلى زاوية صوفية.
تهدم جزء من المدرسة تماما، ولم يبق منها سوى ساحة وبقايا آثار تعود لمباني من المسجد الأقصى، إضافة إلى غرفة كبيرة تُستخدم مكتبا لموظفي المتحف الإسلامي، وتمنع سلطات الاحتلال إعمار ما تبقى منها.
المكتبة الفخرية
المكتبة قسم من الخانقاه الفخريّة وتقع داخل المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى، واتخذتها الأوقاف الإسلامية مكاتب.
كانت المكتبة الفخرية غنية بمئات المخطوطات والمجلدات، وفي عام 1927 ضربها زلزال وأتى على بعض محتوياتها، كما استدعى ترميم بعض مكوناتها -خاصة في الطابق العلوي- واستمرت أعمال الترميم في فترة الانتداب البريطاني.

ديوان العائلة
كان يظهر في غالبية صور الزاوية القديمة ديوان للعائلة التي تخدم الزاوية، وكان محمولا على دعائم حجرية ومسقوفا بقرميد أحمر.
استقبل هذا الديوان كبار شخصيات العالم الإسلامي والعربي المشاركة في المؤتمرات والمحافل في القدس، ومن أبرزها المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس سنة 1931.
أوقاف الخانقاه الفخرية
هناك مجموعة من الأراضي والعقارات أوقف ريعها على الخانقاه الفخرية، منها أرض بمساحة 80 دونما في بلدة سلوان، وأخرى بمساحة 180 دونما في المالحة غرب القدس، وأخيرة بمساحة 46 دونما في بلدة جبل المكبر، ثم فيما بعد عُطلّت جميعها ولم يعد ريعها للزاوية المدمرة أصلا.
هدم الخانقاه
هُدمت الخانقاه على مرحلتين بعد عام 1967، ومُسحت كاملة في يونيو/حزيران 1969، وجرى الهدم بوتيرة أبطأ من حارة المغاربة نظرا لوقوعها على الطريق المؤدية للمسجد الأقصى، ومنعا لإثارة الغضب.
ولم يتبق من الخانقاه إلا الطريق المؤدية من حارة المغاربة إلى الأقصى، والتي هدمت لاحقا أيضا واستبدلت بجسر خشبي بدعائم حديدية.
وقد نجا من الهدم المسجد وبقايا المكتبة لوقوعهما داخل الأقصى، وألحقا بالمتحف الإسلامي لتعذر الوصول إليهما بسبب إغلاق المدخل الرئيس للخانقاه الواقع داخل المسجد، أما الأراضي الزراعية فقد صودرت لأغراض حفريات تجريها سلطة الآثار الإسرائيلية.
0 تعليق