كيت بلانشيت تتحدث عن معاناة الفلسطينيين والسودانيين أثناء تكريمها في الجونة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظهور إنساني مؤثر على هامش مهرجان الجونة السينمائي في مصر، أطلقت الممثلة الأسترالية الحائزة على الأوسكار كيت بلانشيت "نداء من أجل اللاجئين حول العالم"، وفي مقدمتهم الشعبان الفلسطيني والسوداني، مؤكدة أن "وراء كل رقم إنسانا له اسم وذاكرة وأمل".

بلانشيت، التي تشغل منصب سفيرة النيات الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تحدثت خلال جلسة حوارية أدارتها الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، عن رحلتها الطويلة في خدمة قضايا النزوح الإنساني، مشددة على أن الفن يمكن أن يكون جسرا بين الوعي والرحمة، ويعيد للضحايا حضورهم الإنساني وسط ضجيج العالم.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وأوضحت النجمة البالغة من العمر 56 عاما أن عملها مع المفوضية مكّنها من الاقتراب من قصص اللاجئين عن قرب، ومن بينهم اللاجئون الفلسطينيون الذين ما زالوا، رغم مرور عقود على النكبة، يحلمون بالعودة إلى أرضهم.

وقالت، "أجيال وُلدت في المنافي، تحمل ذاكرة جماعية من الفقدان والأمل في آن واحد. هؤلاء الناس لا يريدون سوى أن تُسمع أصواتهم وأن تُحترم إنسانيتهم".

وأضافت بلانشيت أن المفوضية تعمل منذ عامين على تطوير صندوق دعم خاص بالنازحين، إلى جانب حملات توعية دولية لإيصال أصوات المتضررين من الحروب والنزوح إلى المجتمع الدولي. وأكدت أن الفن والسينما يمكن أن يُسهما بفعالية في تغيير النظرة السطحية تجاه اللاجئين، من خلال تسليط الضوء على حكاياتهم وقيمهم الإنسانية.

مصر.. نموذج في الاحتضان

وخلال الجلسة، أشادت بلانشيت بالدور الكبير الذي تقوم به مصر في دعم السلام والاستقرار الإقليمي، مشيرة إلى أن القاهرة تتحمل أعباء ضخمة في استضافة اللاجئين من دول الجوار، خاصة من السودان وسوريا.

وقالت "تستضيف مصر اليوم نحو مليون ونصف المليون لاجئ، وربما أكثر من ذلك بكثير، حسب تقديري. ما يميز التجربة المصرية هو أن اللاجئين لا يعيشون في مخيمات مغلقة، بل يندمجون داخل المجتمع ذاته، وهو ما يمنحهم إحساسا بالكرامة والإنسانية بدلا من العزلة والاغتراب".

إعلان

وأكدت الممثلة الأسترالية أن هذا النموذج الإنساني الذي تقدمه مصر "يستحق التقدير الدولي"، لأنه يضع الكرامة في صميم السياسة الإنسانية، وهو ما تفتقده كثير من الدول في تعاملها مع اللاجئين.

السودان.. مأساة مفتوحة

بلانشيت تطرقت أيضا إلى الوضع المأساوي في السودان، واصفة إياه بأنه "واحد من أكبر النزاعات الإنسانية في العالم حاليا"، مشيرة إلى أن أكثر من 12 مليون شخص اضطروا للنزوح بسبب الحرب الدائرة هناك.

وقالت بأسى، "التقيت بعائلات فرت من منازلها في منتصف الليل دون أن تحمل معها شيئا سوى أطفالها. يعيش هؤلاء في ظروف قاسية وسط الطين والعجز المالي الحاد الذي تعانيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين".

وأضافت أن الأزمة السودانية تذكّر العالم بمدى هشاشة أوضاع اللاجئين، وأن نقص التمويل الدولي يزيد من تفاقم معاناتهم، محذرة من أن تجاهل هذه الأزمات "يهدد قيم التضامن الإنساني التي تربطنا كبشر".

8 سنوات في خدمة الإنسانية

كما استعرضت بلانشيت رحلتها الممتدة منذ 8 سنوات في دعم قضايا اللاجئين، ووصفتها بأنها "تجربة غيرت نظرتها إلى الحياة".

وقالت "العمل في الميدان جعلني أدرك أن المساعدة لا تقتصر على توفير المأوى أو الغذاء، بل تشمل الحفاظ على الهوية والكرامة الإنسانية لمن فقدوا كل شيء".

ولفتت إلى أن عدد اللاجئين والمشردين في العالم تضاعف خلال العقد الأخير ليتجاوز 60 مليون شخص، مؤكدة أن النقص المزمن في التمويل جعل المجتمعات المضيفة تتحمل عبئا يفوق قدراتها.

وشددت على أن الدعم النفسي والمعنوي لا يقل أهمية عن الدعم المادي، خاصة في ظل ما يعانيه اللاجئون من صدمات الحرب والتغير المناخي وفقدان الأمن الشخصي.

من "كابوريا" إلى هوليود

وفي الجزء الثاني من الجلسة، تحدثت بلانشيت عن بداياتها في عالم التمثيل، كاشفة أنها لم تكن تخطط مطلقا لأن تصبح ممثلة. وروت أنها ظهرت في مشهد قصير ضمن فيلم "كابوريا" للمخرج خيري بشارة وبطولة الفنان الراحل أحمد زكي، حين كانت طالبة تدرس التاريخ في القاهرة.

وقالت ضاحكة "شاركت في الفيلم مقابل مبلغ بسيط وسندوتش فلافل! لم أكن أتخيل أن تلك التجربة العفوية ستكون الشرارة التي غيّرت حياتي كلها".

وأضافت أن تلك اللحظة كانت درسا مبكرا في أن الفن لا يعرف حدودا أو لغات، وأن التواصل الإنساني الصادق هو اللغة التي يفهمها الجميع.

جائزة "بطلة الإنسانية"

وفي ختام الجلسة، كرّم مهرجان الجونة السينمائي النجمة كيت بلانشيت بمنحها جائزة "بطلة الإنسانية" تقديرا لجهودها المستمرة في الدفاع عن قضايا اللاجئين ودعم المبادرات الإنسانية حول العالم.

وصعدت بلانشيت إلى المسرح لتتسلّم الجائزة قبل عرض فيلمها الجديد "أب، أم، أخت، أخ" (Father, Mother, Sister, Brother) للمخرج جيم جارموش، الذي شهد مهرجان الجونة عرضه الأول في العالم العربي.

وقالت في كلمتها أمام الحضور، "الفن لا يغيّر الواقع وحده، لكنه يذكّرنا بإنسانيتنا المشتركة، وبأن وراء كل أزمة إنسانا ينتظر أن يُسمع صوته".

وختمت حديثها بابتسامة مؤثرة قائلة، "إذا كان للفن دور، فهو أن يجعلنا نرى العالم بعيون الآخر… وهذا ما نحاول جميعا أن نفعله هنا في الجونة".

0 تعليق