بيليز توافق على استقبال مهاجرين أمريكيين بموجب اتفاق الدولة الثالثة الآمنة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
اتفاق "الدولة الثالثة الآمنة": بيليز توافق على استقبال مهاجرين مرحّلين من أميركا ترحيل طالبي اللجوء إلى بيليز.. ما هي أبعاد الاتفاق الأميركي الجديد في أميركا الوسطى؟

في خطوة دبلوماسية لافتة، كشفت حكومة بيليز، الدولة الصغيرة في أميركا الوسطى، النقاب الثلاثاءعن التوصل إلى اتفاق "مبدئي" مع الإدارة الأميركية، يقضي بتحويل بيليز إلى محطة عبور مؤقتة لطالبي اللجوء الذين ترحّلهم الولايات المتحدة.

هذا الاتفاق، الذي يأتي في سياق جهود أميركية مستمرة لإدارة تدفقات الهجرة على حدودها الجنوبية، يضع بيليز رسمياً ضمن ما يُعرف قانونياً بـ "الدول الثالثة الآمنة"، وهو ترتيب يتيح لواشنطن نقل عبء استضافة ودراسة ملفات المهاجرين إلى دولة أخرى.

الإعلان، الذي جاء عبر بيان مقتضب نُشر على صفحة الحكومة الرسمية في "فيسبوك" - في اعتماد متزايد على منصات التواصل الاجتماعي للإعلانات السيادية - أوضح آلية العمل الجديدة.

بموجب الاتفاق، ستستقبل بيليز المهاجرين الذين ترحّلهم السلطات الأميركية، وتوفر لهم إقامة "مؤقتة"، وذلك "ريثما ينتهي البتّ" في طلبات لجوئهم الأصلية المقدمة إلى الولايات المتحدة.

"الدولة الثالثة الآمنة": تحليل المصطلح وآلياته

يكمن جوهر هذا الاتفاق في مصطلح "الدولة الثالثة الآمنة" (Safe Third Country Agreement).

هذا المفهوم، الذي تطبقه الولايات المتحدة ودول أخرى ككندا ودول الاتحاد الأوروبي، يفترض أن طالب اللجوء يجب أن يقدم طلبه في أول دولة آمنة يصل إليها.

بموجب هذا الترتيب الجديد، فإن الولايات المتحدة ستعتبر بيليز دولة قادرة على توفير الحماية الأساسية لطالبي اللجوء.

وبالتالي، بدلاً من بقاء المهاجرين (الذين ربما عبروا بيليز أو دولاً أخرى للوصول إلى أميركا) على الأراضي الأميركية أثناء نظر قضاياهم، سيتم إعادتهم قسراً إلى بيليز للانتظار هناك.

البيان الحكومي البليزي شدد على كلمة "مؤقتاً"، وهو ما يثير تساؤلات لوجستية وإنسانية حول طبيعة هذه الاستضافة.

لم يوضح البيان مدة هذه الإقامة المؤقتة، ولا آلية البتّ في الطلبات، وما إذا كانت بيليز ستتحمل التكاليف اللوجستية والأمنية لهذه الاستضافة، أم أن الاتفاق يتضمن حزمة مساعدات أميركية (وهو ما لم يذكره النص).


الأبعاد السياسية: "انتصار" لواشنطن وتحدٍ لبيليز

من منظور واشنطن، يمثل هذا الاتفاق نجاحاً لسياستها الخارجية الهادفة إلى "تصدير" أو "أقلمة" (Regionalization) إدارة ملف الهجرة.

لطالما سعت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى إشراك دول أميركا الوسطى والمكسيك في تحمل جزء من عبء الهجرة، وهذا الاتفاق هو تطبيق عملي لتلك الاستراتيجية.

فهو يقلل الضغط على مراكز الاحتجاز الأميركية وعلى النظام القضائي الأميركي الخاص بالهجرة، كما يخفف من حدة التجاذبات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة حول ملف الحدود.

أما بالنسبة لبيليز، وهي "دولة صغيرة" كما وصفها التقرير، فإن الموافقة على هذا الاتفاق تضعها أمام تحديات جسيمة.

بيليز، التي يقل عدد سكانها عن نصف مليون نسمة، تمتلك موارد اقتصادية وبنية تحتية محدودة. إن استضافة أعداد (غير محددة بعد) من المهاجرين المرحّلين، الذين هم في وضع نفسي وقانوني معقد، سيتطلب ترتيبات أمنية وإنسانية وصحية كبيرة.

تبقى الدوافع وراء موافقة حكومة بيليز على هذا العبء غير معلنة في البيان، لكن غالباً ما ترتبط مثل هذه الاتفاقيات بحوافز دبلوماسية أو اقتصادية تقدمها القوة العظمى (الولايات المتحدة) للدولة المستضيفة.

عقبة تشريعية حاسمة: الكلمة الأخيرة لمجلس الشيوخ

على الرغم من الإعلان عن "التوصل إلى اتفاق" بين الحكومتين، فإن البيان كان واضحاً في تحديد عقبة أساسية متبقية: الاتفاق ليس ساري المفعول بعد.

لقد أكدت حكومة بيليز أن الاتفاق "يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ في بليز لكي يصبح ساري التنفيذ". هذه النقطة محورية، وتظهر أن القرار لا يزال خاضعاً للتدقيق السياسي والتشريعي الداخلي في بيليز.

هذا الشرط يفتح الباب أمام نقاش مجتمعي وسياسي داخل بيليز حول جدوى الاتفاق وتداعياته.

من المتوقع أن يواجه الاتفاق معارضة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، التي غالباً ما تنتقد اتفاقيات "الدولة الثالثة الآمنة" بوصفها تتهرب من الالتزامات الدولية تجاه اللاجئين وتضع العبء على دول أقل قدرة على تحمله.

ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة لمراقبة المداولات داخل مجلس الشيوخ البليزي، والتي ستحدد المصير النهائي لهذا الاتفاق الهام الذي يعيد رسم خريطة إدارة الهجرة في الممر الواصل بين أميركا الوسطى والولايات المتحدة.

إن إيداع هذا التقرير من غواتيمالا، وهي دولة مركزية أخرى في ملف الهجرة، يؤكد الأهمية الإقليمية لهذه الخطوة، والتي قد تشكل نموذجاً تسعى واشنطن لتطبيقه مع دول أخرى في المنطقة.

0 تعليق