مقتل رئيس فوق “المنحدر العظيم” - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

موزمبيق – فقدت موزمبيق رئيسها سامورا ماشيل إثر تحطم طائرته الرئاسية طراز “تو- 134” في ظروف غامضة، أثناء عودته من زيارة إلى زامبيا مساء 19 أكتوبر 1986.

اصطدمت طائرة الرئيس الموزمبيقي بأحد سفوح جبال “ليبومبو” التابعة لسلسلة “المنحدر العظيم” في جنوب إفريقيا، وكانت وقتها لا تزال تحت حكم الأقلية العنصرية، وفي حالة عداء مستحكم مع موزمبيق.

نجا في حادثة الاصطدام من بين 44 شخصا كانوا على متن الطائرة الرئاسية الموزمبيقية التي كان يقودها طاقم سوفيتي، عشرة أشخاص فقط، وهم تسعة من أفراد الحاشية الرئاسية كانوا يجلسون على الجانب الأيمن من الذيل، علاوة على مهندس الطيران السوفيتي فلاديمير نوفوسيلوف.

نجاة المهندس السوفيتي كانت بمثابة معجزة وذلك لأنه لم يكن يرتدي حزام الأمان. بقية الركاب بمن فيهم الرئيس سامورا ماشيل لقوا مصرعهم على الفور. بعد شهرين ونصف توفى أحد الركاب الجرحى في أحد مستشفيات جنوب إفريقيا وارتفع بذلك عدد القتلى في الكارثة إلى 35 شخصا.

الحادث المأساوي الذي أودى بحياة رئيس دولة جرى في ظل ظروف متوترة جدا بين موزمبيق بقيادة سامورا ماشيل وجنوب إفريقيا في عهد نظام الفصل العنصري.

وقتها دعمت حكومة ماشيل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، فيما دعم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا متمردي حركة المقاومة الوطنية الموزمبيقية “رينامو” بهدف زعزعة استقرار موزمبيق.

أصابع الاتهام في العديد من الدوائر أشارت إلى النظام العنصري في جنوب إفريقيا. افترض دبلوماسيون وضباط استخبارات أن الطائرة الرئاسية الموزمبيقية قد تكون أسقطت بصاروخ مضاد للطائرات.

الطائرة المنكوبة سقطت ليلا بعد أن انحرفت من دون سبب واضح يمينا بزاوية 37 درجة بعيدا عن مسارها المقصود وهو مابوتو عاصمة موزمبيق.

تشير نصوص مُسجل صوت قمرة القيادة إلى أن الطاقم كان في حيرة من أمره، وكان يعتقد أن أجهزة الملاحة الجوية في عاصمة موزمبيق مابوتو لا تعمل.

اللافت أيضا أن الرئيس الموزمبيقي قبل أيام قليلة من الحادث، واجه رئيس مالاوي هاستينغز باندا، حليف جنوب إفريقيا، لدعمه حركة التمرد الموزمبيقية “رينامو”، وهدد بإغلاق الحدود بينهما. مثل هذا الإجراء كان سيلحق ضررا كبيرا بالمعارضة المسلحة المدعومة من النظام العنصري في جنوب إفريقيا، ما منحه دافعا محتملا للقضاء على ماشيل.

من جانب آخر، أفاد الناجون والشهود الأوائل الذين وصلوا إلى موقع التحطم أن قوات الأمن الجنوب أفريقية فتشت حطام الطائرة الرئاسية وصادرت وثائق منها، كما تأخرت المساعدة الرسمية للناجين لساعات طويلة.

تولت جنوب إفريقيا بنظامها العنصري وقتها مهمة التحقيق في الكارثة. ترأس لجنة التحقيق القاضي سيسيل مارغو، فيما انسحبت السلطات السوفيتية والموزمبيقية بعد أن شعرت باستبعادهما. جرى أيضا انتقاد هذا التحقيق بسبب رفضه أدلة عن وجود محتمل “لجهاز تشويش على الترددات” عثر عليه في الموقع لاحقا. لجنة التحقيق اعتبرته غير ضار.

تراوحت احتمالات الحادث بين خطأ الطيار ومؤامرة تخريبية معقدة. شكك السوفييت والموزمبيق في تورط “برج ملاحة مزيف” قام باستدراج الطائرة عمدا ما جعلها تنحرف عن مسارها.

من بين الأسباب الأخرى التي سيقت في تفسير الكارثة أن طاقم الطائرة فشل في اتباع الإجراءات وهبط إلى ما دون الارتفاع الآمن في الظلام، متجاهلا نظام التحذير من الاقتراب من الأرض.

حضر عشرات الآلاف جنازة سامورا ماشيل في العاصمة مابوتو في 28 أكتوبر، كما شارك أكثر من 100 وفد أجنبي، بمن في ذلك ابنة الرئيس الأمريكي وقتها رونالد ريغان. جنوب إفريقيا لم تشارك في الحداد، فيما ظهرت ملصقات في الساحة اتهمت نظام الفصل العنصري باغتيال رئيس البلاد.

بقيّ ملف الكارثة مفتوحا حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا والتحول الديمقراطي الذي جرى في موزمبيق عام 1994.

لاحقا، حصلت لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا على أدلة جديدة تربط حادث التحطم بقوة الدفاع الجنوب أفريقية السابقة. مع ذلك، لم يجر تحقيق شامل وعدت السلطات به، ولا تزال القضية حتى الآن من دون حل رسمي.

المصدر: RT

0 تعليق