كتب عيسى سعد الله:
رغم مرور أسبوعين على توقف العدوان إلا أن شريحة واسعة من سكان بلدة جباليا النزلة لا تزال منشغلة في جمع رفات أبنائها الشهداء والأموات بعد أن تناثرت فوق أجزاء واسعة من البلدة على اثر تجريف قوات الاحتلال مقبرتي البلدة.
ولا يزال هؤلاء يبحثون ويجمعون بقايا جثامين ورفات الأموات التي حولتها قوات الاحتلال إلى أشلاء وقطع وعظام تناثرت في أرجاء واسعة من البلدة.
ولوحظ تعمد قوات الاحتلال شق طرق داخل المقبرتين واستخدامها كمواقع للآليات والجنود.
ويومياً يعثر المواطنون على رفات وأشلاء غير معروفة بسبب التشوهات الكبيرة التي لحقت بها نتيجة عمليات التجريف التي امتدت لعدة أمتار داخل المقبرة.
ولم يسلم إلا عدد محدود جداً من القبور من عمليات التجريف والتدمير والحفريات التي سبقتها عمليات قصف مكثفة للمقبرة بحسب ما أفاد شهود عيان لـ"الأيام".
وأضاف هؤلاء الذين نزحوا في وقت متأخر من البلدة، إن قوات الاحتلال تعمدت قصف ودك المقبرتين بعشرات قذائف المدفعية والغارات الجوية أدت إلى تمزيق أجساد الشهداء حديثي الاستشهاد والأموات حديثي الوفاة.
وأوضح انهم حاولوا بقدر المستطاع قبل النزوح لملمة أشلاء الجثامين ودفنها في مناطق بعيدة عن المقبرة لتجنب إصابتها مرة أخرى.
وقبل انشغاله في تفقد منزله، توجه المواطن طه محمد سعيد برفقة أشقائه وأبنائه إلى المقبرة للبحث عن جثمان شقيقه الذي استشهد قبل أيام من العملية العسكرية العميقة في جباليا في شهر آب الماضي.
ويواصل طه البحث عن جثمان شقيقه والذي لم يعثر على اثر له داخل المقبرة التي حولتها قوات الاحتلال إلى مجموعة من الطرق التي تربط وسط البلدة بحي النزلة الغربي.
ويشك سعيد خلال حديث لـ"الأيام" بقدرته على العثور على الجثمان بسبب الدمار الهائل الذي ألحقته قوات الاحتلال بالمقبرة والمناطق السكنية المحيطة بها.
ويشاركه الرأي والمخاوف المواطن بسام رباح الذي يبحث هو الآخر عن مجموعة من أفراد عائلته الشهداء الذين دفنوا في المقبرة قبل اجتياح قوات الاحتلال للبلدة.
ولم يعثر رباح على القبر الجماعي الذي دفن فيه أقاربه كما لم يعثر على أي اثر لهم في الشوارع والطرقات والركام المحيط بالمقبرة رغم عثور المواطنين على مئات العظام وأجزاء من الجثامين القديمة المتحللة.
ورغم مرور أسبوعين عن بحثه اليومي المكثف عن الجثامين إلا انه لن يتخلى عن هذه المهمة المقدسة.
وفي وسط جباليا، جرفت قوات الاحتلال المقبرة الأقدم في محافظة شمال غزة والتي تضم آلاف القبور القديمة والحديثة.
ولم يبقَ لهذه القبور أي اثر بعد أن حولت قوات الاحتلال المقبرة إلى أكوام وتلال من الرمل الأصفر.
وأصيب المواطنون خلال عودتهم للبلدة المدمرة بالذهول لعدم عثورهم على أي اثر للقبور ورفات وجثامين الشهداء والموتى رغم بحثهم المضني عنها في كل مكان من البلدة.
وعمدت قوات الاحتلال منذ عدوانها على القطاع قبل اكثر من عامين على نبش القبور وتدمير المقابر بحجة بحثها عن رفات وجثامين أسراها.
كما تعمدت سلوك وشق طرق داخل المقابر كبديل للطرق المعروفة لتجنب الاصطدام بألغام وعبوات المقاومة غير آبهة بحرمة المقابر والموتى.
وسبقت قوات الاحتلال تدمير مقبرتي البلدة بتدمير مقبرة الزلبانية خلال اجتياحها السابق لمخيم وبلدة جباليا في شهر تشرين الأول من العام الماضي.
0 تعليق