العائدون إلى مدينة غزة.. تشرّد لا يقل صعوبة عن النزوح - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب خليل الشيخ:

 

"لا يقل التشرد صعوبة عن النزوح إن لم يزد قسوة وألماً"، هكذا وصف المواطن "أبو فهد" (56 عاماً) حاله وهو يتشاجر مع أحد الجيران الذي عاد للتو للبحث عن مكان منزله وسط أكوام الركام، شرق حي النصر بمدينة غزة.
وقال: "كان منزلي هنا والدليل أن نافذة غرفتي كانت تطل على مئذنة الجامع المتهاوية على الأرض"، مشيراً إلى أن معالم بيته غائبة تماماً ولا يوجد سوى أكوام ركام.
وقامت جرافات وآليات الاحتلال عقب قصفها لهذه المنازل بدائية الصنع بتجريفها وإزاحة الركام في أماكن جانبية لشق طرق، وتمكين الآليات من المرور فوق الركام.
وأوضح "أبو فهد" أنه اكتشف من بين الركام وجود علامات تدل على مكان وجود منزله، لكن هذه العلامات تناثرت في كل مكان بمسافة مئات الأمتار، ولم يعد يستطيع تحديد مكان منزله.
من جهته، افتقد المواطن "أبو صالح" جودة (62 عاماً) أية فرصة لإقامة خيام لأفراد أسرته الممتدة، ووقف عاجزاً أمام ركام المنزل وهو يشعر بحيرة كبيرة.
وقال: "استشهد اثنان من أبنائي في خان يونس أثناء النزوح وعند العودة إلى مدينة غزة لا أحد يستطيع مساعدتي في تحديد مكان منزلنا الذي تدمر بالكامل"، مؤكداً أنه لا يقوى على الشجار والمشادات الكلامية مع الجيران عند تحديد مكان المنزل.
وتنشب بين فترة وأخرى ومكان وآخر في مدينة غزة مشادات كلامية بين العائدين إلى ركام منازلهم، في محاولة لتحديد أماكن منازلهم وأصول إقامتها، قبل أن تقوم قوات الاحتلال بتدميرها بشكل كامل، لا سيما في المناطق التي تم تجريفها.
وأشار جودة، الذي كان يسكن في حي الشيخ رضوان، إلى أنه لم يكن يتوقع أن يكون الدمار بهذا الشكل، وهو ما يجعله يفكر في العودة للنزوح مرة أخرى طالما بقي من دون خيمة أو حتى مكان لنصبها بسبب هذا الركام.
وقال المواطن سهيل نصر(45 عاماً): "وصلت قبل عدة أيام ووجدت الجيران قد أقاموا خياماً مؤقتة مكان منزلي وعلى جنبات ركامه، ولم أستطع حينها تحديد تفاصيل المنطقة".
وأضاف: "اجتهدت أنا وأحد هؤلاء الجيران في تحديد مكان منزلي بسبب قيام الاحتلال ببعثرة الركام في كل مكان، ما ضيّع معالم المربع السكني بالكامل".
ويعتبر المواطن نضال الخطيب (40 عاماً) من المحظوظين الذين وجدوا بقايا منزل يمكن تحديد معالمه. وقال: "بقليل من الأقمشة المهترئة استطعت أن أهيئ غرفة تعلوها كومة من الركام وتلاصقها أكوام أخرى كي يستطيع أطفالي النوم والاستقرار".
وأضاف: "لم تكن تهيئة ركام بناية مكونة من ثلاثة طوابق أمراً هيناً أو سهلاً، فأكوام الركام عالية الارتفاع ولا يمكن التعامل معها بأدوات بسيطة"، مبيناً أنه استطاع تهيئة مساحة لم تزد على 40 متراً مربعاً على شكل مستطيل، ولفها بـ"شوادر" بلاستيكية وألواح خشبية، واعتبرها مسكنه الجديد مع أفراد أسرته الخمسة.
كما شرع مواطنون بمحاولات صعبة وشبه مستحيلة لنصب خيام صغيرة كي تؤوي أسرهم فيها.
وذكر المواطن غازي دهمان (38 عاماً) أنه نصب خيمة صغيرة بالقرب من الركام بمنطقة سكناه في حي تي الهوا بعدما استعان بآلية جرف "كباش" مارة بطريق الصدفة لكي تزيل الركام عن مساحة لم تزد على 20 متراً مربعاً.
ويتواصل منذ أسبوعين وصول العائدين من جنوب ووسط القطاع إلى مدينة غزة لتفقد منازلهم، ومحاولة إيجاد مساحات ولو صغيرة بين الركام لنصب خيام والعيش فيها، رغم قسوة الظروف وشدة الألم النفسي.

 

0 تعليق