في تصعيد ميداني خطير، أدت غارة جوية نفذتها طائرة مسيرة تابعة للاحتلال، ظهر الجمعة، إلى استشهاد مواطنين اثنين وإصابة اثنين آخرين بجروح في بلدة تول بقضاء النبطية، جنوب لبنان. وعرف من بين الشهداء عباس حسن كركي، الذي استهدف بشكل مباشر في سيارته.
وتأتي عملية الاغتيال هذه في توقيت لافت، بالتزامن مع إعلان جيش الاحتلال رسميا عن اختتام تمرين عسكري ضخم لرفع الجاهزية الهجومية والدفاعية على الحدود اللبنانية، مما يرفع منسوب التوتر في المنطقة إلى مستويات مقلقة.
تشهد الجبهة اللبنانية تصعيدا مستمرا منذ أكثر من عامين، تحول إلى حرب استنزاف يومية تتخللها عمليات قصف متبادل واغتيالات مستهدفة.
وقد كثف الاحتلال في الأشهر الأخيرة من سياسته المتمثلة في تنفيذ ضربات جوية دقيقة عبر الطائرات المسيرة، لاغتيال قادة ميدانيين وكوادر في حزب الله وفصائل فلسطينية تنشط في جنوب لبنان.
ولم تعد هذه الاستهدافات مقتصرة على القرى الحدودية المباشرة، بل توغلت مرارا لتطال مناطق في العمق اللبناني، مثل قضاء النبطية، في محاولة لضرب ما يعتبره الاحتلال خطوط إمداد لوجستية أو كوادر قيادية.
وتأتي هذه الأحداث في ظل جمود الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق النار على هذه الجبهة، التي لا تزال مرتبطة بشكل وثيق بمسار الأحداث في قطاع غزة.
غارة تول الدامية:
أكدت مصادر ميدانية أن العدوان الجوي للاحتلال استهدف سيارة بصاروخ موجه، وذلك أثناء سيرها على طريق تول - مفترق حاروف.
وأدى الاستهداف المباشر إلى استشهاد عباس حسن كركي على الفور، واحتراق سيارته بالكامل.
وللشهيد كركي خلفية رمزية، فهو شقيق الشهيد رضوان كركي، الذي قضى في مثل هذه الأيام خلال حرب الـ 66 يوما.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية، في بيان رسمي، أن الحصيلة النهائية للغارة على السيارة في بلدة تول هي "سقوط شهيدين وإصابة مواطنين اثنين بجروح".
وفور وقوع الغارة، عملت فرق الدفاع المدني اللبناني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية الإسلامية على إخماد النيران المشتعلة في السيارة، ونقل الشهداء والجرحى إلى مستشفيات المنطقة. ولم تقتصر أضرار الغارة على الهدف المباشر، بل تسببت بأضرار مادية بالشقق السكنية والمحال التجارية المحيطة بمكان الاستهداف، كما أدى عصف الانفجار إلى تحطم زجاج عشرات المنازل والمحال في المنطقة.
تمرين الاحتلال على الحدود:
بالتزامن مع هذه التطورات الميدانية، أعلن جيش الاحتلال رسميا عن "اختتام تمرين الفرقة 91"، والذي يهدف إلى "رفع الجاهزية العملياتية في الدفاع والهجوم على الحدود اللبنانية".
وأشار بيان الاحتلال إلى أن هذا التمرين كان شاملا، وحاكى سيناريوهات قتالية على الجبهة الشمالية "بحرا وجوا وبرا".
يمثل التزامن بين عملية الاغتيال في العمق النسبي لقضاء النبطية، والإعلان عن إنهاء تمرين هجومي ضخم، رسالة مزدوجة من الاحتلال.
فبينما يستمر في استهداف الكوادر بشكل دقيق، فإنه يعلن جاهزيته لسيناريو أوسع.
ويرتبط المسار العام للأحداث الآن برد الفعل المرتقب من جانب حزب الله على عملية الاغتيال، ومدى استعداد الأطراف للانجرار نحو مواجهة شاملة، في ظل استمرار غياب أي أفق سياسي لوقف إطلاق النار على هذه الجبهة المشتعلة.

0 تعليق