Published On 29/10/202529/10/2025
|آخر تحديث: 08:50 (توقيت مكة)آخر تحديث: 08:50 (توقيت مكة)
أثار العفو الذي منحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمؤسس منصة باينانس -وهي أكبر منصة لتداول العملات المشفرة في العالم- جدلا كبيرا وصل إلى حد أن اعتبره البعض "فسادا مفتوحا وغير مسبوق، واستغلال العفو لمصالحه المالية ومصالح عائلته".
وبعد أن منح دونالد ترامب عفوا للملياردير تشانغ بينغ تشاو يوم الخميس الماضي قال إن مؤسس باينانس "تعرض للاضطهاد" من قبل وزارة العدل التابعة لإدارة الرئيس السابق جو بايدن فيما وصفها البيت الأبيض بـ"حرب على العملات المشفرة".
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listلكن مراقبين يؤكدون -بحسب مقال نشره موقع "ذي إنترسبت" الأميركي للكاتب مات سليدج- أن هذا الادعاء غير دقيق، فقد اعترف تشاو طواعية بتهمته ضمن صفقة تفاوضت عليها وزارة العدل بقيادة المدعي العام السابق ميرك غارلاند، وأدت في النهاية إلى دفع شركته غرامات بقيمة 4 مليارات دولار، وقضاء 4 أشهر فقط في السجن.
وفي ذلك الوقت، اعتبر أحد المحللين الصفقة "انتصارا" واضحا لباينانس وتشاو.
وعلى نحو آخر، يرى كثيرون أن هذا التصريح محاولة لتبرير العفو الذي وصفه البعض بـ"صفقة تبادل مصالح واضحة مع رجل استخدمت شركته رموزا رقمية مرتبطة بترامب في صفقة استفادت منها شركة عائلته".
واتهمت منصة باينانس بتسهيل أنشطة تتراوح بين الإرهاب وصور إساءة للأطفال قبل أن تحصل على صفقة سمحت لمؤسسها بقضاء بضعة أشهر في السجن، ودفع غرامة ضئيلة مقارنة بثروته.
وقال دينيس كيلير الرئيس التنفيذي لمنظمة الإصلاح المالي غير الربحية "بيتر ماركيتز" في رسالة بريد إلكتروني "لقد احتفظ بكل أمواله، وتحكم في باينانس، وسُمح له باختيار الرئيس التنفيذي الذي يخلفه، وحتى قراءة سريعة لمستندات الاتهام تكشف أن باينانس وتشاو حصلا على صفقة مميزة من وزارة العدل".
اختيار سجن فاخر
وعلى مدى سنوات وجهت انتقادات إلى وزارات عدل بايدن وباراك أوباما منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى حينما نجح كبار المصرفيين في تجنب السجن عن أدوارهم في انهيار سوق الإسكان.
إعلان
وحسب تقرير أصدرته مؤسسة "بابليك سيتيزن" في وقت سابق من هذا العام، وصلت مقاضاة مجرمي الشركات إلى أدنى مستوياتها في السنة الأخيرة من ولاية بايدن.
وقال بارت نيلور -الناشط في السياسات المالية في منظمة "بابليك سيتيزن"- إن "بايدن بالتأكيد ليس شخصا يُستشهد به كمثال لمن يقومون باضطهاد الآخرين".
وكانت "باينانس" من الشركات القليلة التي واجهت المحاكمة، إذ يعتبرها النقاد الاستثناء الذي يثبت القاعدة بعد أن تحدت بجرأة قوانين مكافحة غسل الأموال الأميركية المصممة لمنع الإرهابيين وتجار المخدرات من تبييض أموالهم.
وعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة التي وجهتها وزارة عدل بايدن إلى مؤسسها خلال صفقة الاعتراف بالذنب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 فقد أمّنت الصفقة لبينانس استمرار مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في السوق.
وعلى خلاف المصرفيين الذين نجوا من العقاب قضى مؤسسها بضعة أشهر داخل جدران سجن منخفض الأمن في كاليفورنيا، ليعود بعدها مرجعا و"رمزا" لعشاق صناعة العملات المشفرة.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة "الباب الدوار" جيف هاوزر "إذا اعتبرنا المعيار استجابة للأزمة المالية الكبرى فإن الحكم كان مقبولا، بل وأكثر صرامة من المعتاد في الماضي، لكنه بالنظر إلى جدية المؤسسات السياسية في كلا الحزبين تجاه قضايا مثل الإرهاب فإن عقوبة السجن لمدة 4 أشهر تبدو غير كافية بشكل ساخر".
وذكرت مجلة "فورتشن" بعد الإعلان عن الصفقة "بينما تمثل الغرامة الضخمة ضربة لخزانة الشركة ويقلل تراجع مكانة تشاو من ميزتها طويلة الأمد لكن الاستجابة المبكرة للسوق تشير إلى أن الشركة ستصمد"، وتظل "باينانس" أكبر منصة لتداول العملات المشفرة في العالم.
من جهته، قال ترامب "لم تكن هناك جريمة، ولم يتعرض للاضطهاد من قبل إدارة بايدن، لذلك منحته العفو بناء على طلب عدد كبير من الأشخاص الطيبين جدا".
"فساد مكشوف وغير مسبوق"
وخلال إدارة بايدن وما بعدها رسم المطلعون على سوق العملات المشفرة صورة قاتمة لمحاولات الجهات التنظيمية فرض ضوابط على الصناعة بعد احتيال سام بانكمان فرايد مؤسس "إف تي إكس"، مشيرين إلى الرقابة المكثفة من وكالات مثل هيئة الأوراق المالية ووزارة العدل.
وأوضح الكاتب أن جيف هاوزر اعتبر فكرة تركيز الإدارة على "سحق" العملات المشفرة أمرا غير منطقي، مؤكدا أن وزارة العدل ووزارة الخزانة وأجهزة الأمن لم تسع إلى تقويض شرعية العملات أو ربطها بالإرهاب، وأن سردية مختلفة كان من الممكن أن تغيّر سمعة الصناعة وتؤثر على قرارات ترامب.
ومنذ تنصيبه سعى ترامب بسرعة إلى عكس صورة الحكومة الفدرالية تجاه العملات المشفرة، فأصدر عفو عن عدد من التنفيذيين، في خطوة غير مسبوقة، وشارك هو وعائلته مباشرة في مشاريع العملة المشفرة لتعزيز ثروتهم.
وربط ترامب عفوه عن تشاو بـ"حرب إدارة بايدن على العملات المشفرة"، في حين جنت عائلته فوائد مالية من استثمار صندوق أبو ظبي السيادي في "باينانس" باستخدام عملات ثابتة تخصهم.
من جهته، اعتبر فرانك بومان أستاذ القانون بجامعة ميزوري أن العفو قد يكون "الأكثر فسادا صراحة في التاريخ الأميركي، إذ ساعد تشاو ترامب على جني المليارات وحصل على العفو، وهو فساد غير مسبوق ومكشوف".
إعلان

0 تعليق