"أبناء البلد" حركة يسارية فلسطينية تأسست عام 1972، وتعرّف نفسها بأنها "رافد من روافد" حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح). ويتركز نشاطها في الدفاع عن حقوق فلسطينيي الداخل (فلسطينيي 48).
وتعرضت الحركة لانشقاقات عدة بسبب رفضها المشاركة في انتخابات الكنيست، وأقرت العديد من وسائل النضال ضد الاحتلال، وتعرض عدد من قادتها للاعتقال.
النشأة والتأسيس
تأسست حركة "أبناء البلد" في 31 أغسطس/آب 1972 في مدينة أم الفحم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
ويقول مؤسسوها إن نشأتها جاءت في ظل التحولات السياسية التي طرأت على فلسطينيي الداخل عقب نكسة يونيو/حزيران 1967.
وفي تلك المرحلة تأثرت الحركة بالفكر القومي الناصري، وعبرت في خطابها عن توجهات قومية عربية، وأكدت أن الفلسطينيين في إسرائيل جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية.
وهاجمت الحركة الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكح) الذي كان في ذلك الوقت القوة السياسية الوحيدة الفاعلة بين فلسطينيي 48، ونددت بمواقفه تجاه القضية الفلسطينية، وطرحت نفسها بديلا عنه، معتبرة أنه "لا يمثل المصالح الحقيقية للفلسطينيين في إسرائيل".
ورفع مؤسسو "أبناء البلد" شعارات تطالب الحكومة الإسرائيلية بتحسين أوضاع فلسطينيي الداخل. وفي عام 1972 عقد المؤتمر الأول للحركة الذي صاغت فيه برنامجها السياسي وأطلقت عليه اسم "الكراس الأخضر".
وفي العام نفسه خاضت الحركة الانتخابات المحلية في بلدية أم الفحم، لكنها لم تحصل إلا على مقعد واحد.
وفي عام 1976 كثفت جهودها وبنت شبكة علاقات مع لجان الطلبة العرب في الجامعات الإسرائيلية، ثم تحالفت مع تنظيمات سياسية فلسطينية في الداخل.
" frameborder="0">
وفي عام 1979 أسست جناحها الطلابي وأطلقت عليه اسم "الحركة الوطنية التقدمية" للدفاع عن حقوق الطلبة العرب في الجامعات الإسرائيلية.
وشاركت الحركة في إضراب "يوم المساواة" بين العرب واليهود في إسرائيل، والذي نُظم في يونيو/حزيران 1987.
إعلان
وفي عام 1982 حصلت على تمثيل في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالداخل الفلسطيني المحتل، لكنها ما لبثت أن وجهت إليها انتقادات على خلفية انضمام أعضاء الكنيست العرب إلى عضويتها.
ونظرا لنشاطها في الدفاع عن فلسطينيي الداخل ورفضها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اعتقلت إسرائيل عددا من قيادات الحركة، وطالب بعض نشطاء اليمين الإسرائيلي المتشدد بحظرها.
وفي 3 مارس/آذار 2011، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الأمين العام للحركة محمد كناعنة، بزعم اعتدائه على مستوطنين اقتحموا بلدة عرابة في الجليل.
الفكر والأيديولوجيا
انطلقت "أبناء البلد" في البداية من خلفية ترتكز على "رفع صوت فلسطينيي 48 والدفاع عن حقوقهم وتثبيت هويتهم الفلسطينية".
وفي أغسطس/آب 2000، أطلقت برنامجا سياسيا أكدت فيه تمسكها بـ"المبادئ والثوابت الوطنية غير القابلة للتفريط" وعلى رأسها وحدة القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة وبناء دولته المستقلة.
وعرّفت الحركة نفسها بأنها "تشكل امتدادا طبيعيا للحركة الوطنية الفلسطينية، وتعبر عن الانتماء الوطني والقومي للعرب الفلسطينيين في الداخل، وترفض الاندماج في المجتمع الإسرائيلي".
وقالت "أبناء البلد" عن نفسها إنها "حركة اشتراكية وثورية حقيقية من روافد حركة التحرر الوطني الفلسطيني".
وترى أن الفلسطينيين في إسرائيل جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلهم الشرعي والوحيد، مؤكدة ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتصعيد النضال السياسي وتعزيز العلاقة مع القوى التقدمية والثورية العالمية، وتمتين العلاقات مع حركات التحرر.
وتعتز الحركة بـ"انتمائها إلى فلسطين بين التنظيمات السياسية الفلسطينية في إسرائيل". وترى أن القضية الفلسطينية هي محور فكرها، وأن المشكلة الأساسية بالنسبة إليها هي "الهوية الفلسطينية وليس الهوية العربية".
وتقول إن ما يميزها عن الحركات الفلسطينية الأخرى في إسرائيل هو أن طرحها السياسي "أرقى" ونهجها "أكثر وطنية".
موقف الحركة من الصهيونية
يشكل موقف "أبناء البلد" من الحركة الصهيونية وإسرائيل الجانب الأهم في فكرها السياسي، إذ تنظر إلى الصهيونية على أنها "حركة عنصرية استيطانية تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم، ولذلك فإن الصراع معها صراع وجود".
وتؤكد الحركة أن الحل الجذري للقضية الفلسطينية يتجسد في تأسيس "مجتمع ديمقراطي علماني يضم العرب واليهود على أرض فلسطين التاريخية" وترفض أي تسوية لا تحقق هذا الهدف بالكامل.
الانشقاقات
عشية انتخابات الكنيست العاشرة عام 1981، تفجرت الخلافات بين قيادات "أبناء البلد" حول عدد من القضايا، أبرزها الموقف من المشاركة في انتخابات الكنيست والتعاون مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي والتنظيمات السياسية الإسرائيلية.
وعلى خلفية ذلك، تشكلت داخل الحركة جبهة جديدة عُرفت باسم "جبهة الأنصار" وهاجمت قيادة "أبناء البلد" بسبب إعلانها مقاطعة انتخابات الكنيست.
وفي يونيو/حزيران 1983، أعلن عدد من أعضاء الحركة انفصالهم عنها وتأسيس أخرى تحت اسم "أبناء البلد- جبهة الأنصار" للمشاركة في انتخابات الكنيست، وقد حظيت الحركة الجديدة آنذاك بدعم منظمة التحرير الفلسطينية.
إعلان
وفي عام 1995، انضم عدد كبير من قيادات الحركة وكوادرها إلى حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" مع استمرار عضويتهم داخل "أبناء البلد" مما دفع الحركة إلى إصدار بيان أكدت فيه أن مواقفها تتعارض جوهريا مع البرنامج الانتخابي للتجمع.
وأعلنت في بيانها وقف العلاقة مع التجمع الوطني الديمقراطي بشكل نهائي، وهو ما أدى إلى إعلان عدد من قادة الحركة انشقاقهم عنها.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول 2012، عقدت الحركة مؤتمرها السابع تحت شعار "الوحدة وإعادة البناء" بهدف توحيد صفوفها وإعادة المنشقين إليها.
وسائل النضال
أقرت الحركة العديد من وسائل النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، من أبرزها:
مقاطعة انتخابات الكنيست. تنظيم الأنشطة والفعاليات الطلابية. المشاركة في المسيرات والفعاليات الوطنية. العمل على تمتين الصف الداخلي بين فلسطيني 48.أبرز القادة
من أبرز مؤسسي الحركة السياسي رجا إغبارية، إلى جانب كوكبة من القادة المؤسسين، مثل محمد كناعنة وقدري أبو واصل ومحمد كيال وسهيل صليبي وحاتم شهلا وجميل صفوري وأسامة إغبارية.
وقد وُلد رجا إغبارية عام 1952 في مدينة أم الفحم بالداخل الفلسطيني المحتل، ويحمل شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية وعلم النفس. وقد ترأس الأمانة العامة للحركة فترة من الزمن، وعلى خلفية نشاطه السياسي فصلته سلطات الاحتلال من عمله.
وقد اعتُقل مرات عدة وفرضت عليه سلطات الاحتلال الإقامة الجبرية، وكان أبرزها في 9 أبريل/ نيسان 2025، حين اعتُقل إداريا (دون محاكمة) مدة 4 أشهر بقرار من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
ومن أبرز تصريحاته التي وجهها لأعضاء في الكنيست قوله "إن استقلالكم هو يوم نكبتنا، والنكبة نوع من أنواع الكارثة".
أما كناعنة، فقد شارك في تأسيس حركة "أبناء البلد" وتولى أماناتها العامة، وهو قيادي وعضو في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالداخل الفلسطيني المحتل.
" frameborder="0">
وقد اعتقلت السلطات الإسرائيلية كناعنة مرات عدة وأطلقت سراحه في 28 مايو/أيار 2008، بعد أن أمضى بالسجن 4 سنوات.
وفي سبتمبر/أيلول 2012 حٌكم عليه مرة أخرى بالسجن 15 شهرا، وبالسجن مع وقف التنفيذ 18 شهرا، بزعم "الدخول إلى منطقة عسكرية مغلقة وعرقلة عمل الشرطة وإلقاء الحجارة والمشاركة في مواجهات في مجدل شمس بالجولان السوري المحتل في ذكرى النكسة".
كما اعتُقل في يونيو/حزيران 2021 في القدس على خلفية كلمة ألقاها بمظاهرة في حي الشيخ جراح، ووجهت له إسرائيل لائحة اتهام تضمنت "التحريض على العنف والإرهاب عبر منشورات على فيسبوك".
ومن القادة المؤسسين صليبي الذي قاد شؤون الحركة عام 2011، ضمن خطوة توحيد شقيها، وانتُخب في 5 يوليو/تموز 2015 رئيسا للمكتب السياسي.
أما صفوري فهو من أبرز قيادات الحركة، واعتقلته قوات الاحتلال بتهمة قتل الجندي ناتان زادة عام 2005، وأفرجت عنه يوم 18 يونيو/حزيران 2015.

0 تعليق