ضمن زيارته الرسمية لمحافظة سوهاج لافتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج، ومتابعة الموقف التنفيذي لأعمال مشروع تطوير “قصر ثقافة سوهاج” حرص الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، على عقد لقاء موسع بعدد من الأدباء والمبدعين والمثقفين بالمحافظة، وذلك لبحث آليات تطوير منظومة العمل الثقافي بالمحافظة، بما يُعزز دور الثقافة في بناء الإنسان المصري وترسيخ قيم الوعي والانتماء
حيث استعرض الدكتور أحمد فؤاد هَنو خلال اللقاء الرؤية الشاملة لوزارة الثقافة لبناء أجيال جديدة قادرة على الإبداع والابتكار وصون الهوية الوطنية، موضحًا أن هذه الرؤية تقوم على مجموعة من المحاور التكاملية التي تعكس توجه الدولة نحو الاستثمار في الإنسان بوصفه الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة.
وأوضح أن هذه الرؤية تشمل التوسع في البنية التحتية الثقافية من خلال إنشاء وتطوير القصور والمكتبات والمراكز الثقافية في المدن والقرى والنجوع، بما يتناسب مع متطلبات العصر ويضمن العدالة في توزيع الخدمات الثقافية بين مختلف فئات المجتمع.
كما ترتكز على إعداد الكوادر البشرية المؤهلة للعمل في المجال الثقافي عبر منظومة تدريبية حديثة تهتم برفع كفاءة العاملين وتزويدهم بمهارات الإدارة الثقافية والتواصل المجتمعي والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة في العرض والتوثيق والترويج، إلى جانب تعزيز التحول الرقمي في العمل الثقافي من خلال رقمنة المحتوى الثقافي المصري وتوسيع منصات الثقافة الإلكترونية وتوظيف التقنيات الحديثة في الوصول إلى الجمهور عبر العروض الافتراضية والبرامج التفاعلية.
وأشار وزير الثقافة إلى أهمية تكامل جهود المثقفين مع جهود وزارة الثقافة المصرية المبذولة لرعاية المبدعين والموهوبين في مختلف المجالات الأدبية والفنية، بدءًا من اكتشافهم في المراحل المبكرة مرورًا بصقل مهاراتهم وتوفير فرص العرض والانتشار لهم داخل مصر وخارجها، بما يساهم في بناء قاعدة إبداعية جديدة تمثل امتدادًا واعيًا للتراث الثقافي المصري. وأكد أهمية إسهام المثقفين في المشاركة بتوسيع قاعدة تفعيل البرامج الثقافية الموجهة للفئات المتعددة من الأطفال وذوي الهمم وسكان المناطق الحدودية والنائية وغيرهم، تأكيدًا على مبدأ العدالة الثقافية للجميع.
كما شدد على أهمية تعزيز الشراكات الثقافية بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لإطلاق مبادرات مشتركة تساهم في نشر الثقافة وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في صناعة الوعي والإبداع، من خلال عمليات التشبيك الثقافي بما يعيد للثقافة مكانتها كقوة دافعة في مسار التنمية. وأكد دعم الوزارة للثقافة المجتمعية المرتبطة بالهوية المحلية، من خلال إحياء الفنون التراثية والحرف التقليدية وإعادة دمجها في منظومة الاقتصاد الإبداعي بما يحافظ على خصوصية الشخصية المصرية. وأوضح أن الثقافة مشروع وطني متكامل يستهدف بناء الإنسان الواعي القادر على التفكير والإبداع والانتماء، وأن تحقيق هذه الرؤية يتطلب تضافر الجهود التكاملية بين الدولة والمثقفين والمؤسسات الثقافية والمجتمع المحلي.
وأكد وزير الثقافة أن الوزارة منفتحة على جميع الرؤى والمقترحات التي يقدمها المثقفون والمبدعون، مشيرًا إلى أن هذا الانفتاح يعكس إيمان الدولة بدورهم المحوري في بناء الوعي الجمعي وتشكيل الهوية الثقافية، وأن الحوار مع المثقفين هو السبيل الأمثل لتطوير منظومة العمل الثقافي وتفعيل دور القوى الناعمة المصرية. وطالبهم بضرورة تقديم رؤى متطورة ومبتكرة وجذابة لتوصيل المنتج الثقافي إلى المتلقي بأساليب عصرية قادرة على التأثير الإيجابي في سلوكه ووجدانه.
كما استعرض الوزير عددًا من الخطط والمشروعات الجاري تنفيذها في المحافظة، وفي مقدمتها تطوير قصور الثقافة وتحويلها إلى منصات مستدامة للأنشطة الفنية والأدبية، ودعم المواهب الشابة، وإطلاق برامج تستهدف الأطفال والنشء لبناء أجيال جديدة تمتلك الوعي والإبداع والانتماء.
وأكد أن مثقفي وأدباء سوهاج والصعيد يمثلون ركيزة أساسية في دعم مسيرة الإبداع في محافظاتهم، وأن الوزارة حريصة على الاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم، إيمانًا بأن الحوار والتفاعل المباشر هو السبيل الأمثل لتطوير العمل الثقافي وتحقيق التنمية المستدامة.
ووجّه وزير الثقافة اللواء خالد اللبان والكاتب محمد ناصف بمراجعة لائحة المكافآت الخاصة بالمحاضرين المركزيين، وكذلك اللائحة التي تم التوافق عليها في مؤتمر الأدباء، كما وجّه بزيادة عدد الفائزين بجائزة الثقافة الجماهيرية في الآداب والفنون لتصبح ستة فائزين ابتداءً من العام المالي القادم.
وأشاد اللواء الدكتور عبد الفتاح سراج محافظ سوهاج بأهمية الدور الكبير الذي تؤديه وزارة الثقافة وجهودها في دعم كفاءة المواقع الثقافية بالمحافظة وإدخالها منظومة الخدمة الثقافية من جديد بعد توقفها لسنوات، مؤكدًا استمرار التعاون والتنسيق الكامل مع الوزارة لتفعيل المزيد من أهداف الدولة في بناء الإنسان.
وشهد اللقاء العديد من المناقشات المثمرة حول سبل تفعيل الأنشطة الثقافية بالمراكز والقصور، وتوسيع برامج دعم المواهب الشابة في مجالات الشعر والأدب والفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى، إلى جانب مقترحات لتطوير البنية التحتية الثقافية وتعزيز التعاون بين المؤسسات المعنية ببناء الإنسان واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الوصول إلى الجمهور الأوسع، لاسيما في المناطق الريفية والنائية.
وأبدى المثقفون والأدباء والفنانون المشاركون سعادتهم بهذا اللقاء مؤكدين أنه يُجسد اهتمام الدولة بالمبدعين وسعيها الدائم للتواصل معهم والاستفادة من خبراتهم، وأن مثل هذه اللقاءات تمثل فرصة حقيقية لتعميق الحوار بين الدولة والمثقفين من أجل الارتقاء بالوعي العام ودعم قيم الجمال والتنوير في المجتمع.
ويأتي هذا اللقاء في إطار سلسلة من اللقاءات التي يعقدها وزير الثقافة مع المثقفين في مختلف المحافظات، ترسيخًا لنهج الشراكة الفكرية في صياغة المشهد الثقافي بما يتناسب مع أهداف الدولة المصرية لبناء الإنسان

0 تعليق