إسلام آباد تتهم نيودلهي: مقتل 18 مسلحاً مدعومين من الهند في بلوشستان - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني يصف القتلى بأنهم "مدعومون من الهند" وينتمون إلى ما أسماه "فتنة هندوستان". الرئيس آصف علي ورئيس وزرائه إصداروا بيانات تشيد بـ"شجاعة واحترافية" القوات الأمنية لنجاحها في القضاء على 18 مسلحا. ستنظر نيودلهي إلى بيان الجيش الباكستاني على أنه محاولة لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية في بلوشستان.

في تصعيد سياسي وعسكري لافت، أعلنت قيادة الجيش الباكستاني، اليوم الخميس، عن مقتل 18 مسلحا في عمليتين أمنيتين منفصلتين بإقليم بلوشستان المضطرب.

لم تكن هذه مجرد عملية روتينية لمكافحة التمرد، بل حملت اتهاما سياسيا مباشرا؛ حيث وصف الجناح الإعلامي للجيش (ISPR) القتلى بأنهم "مدعومون من الهند" وينتمون إلى ما أسماه "فتنة هندوستان". يمثل هذا التصريح، واستخدام هذا المصطلح تحديدا، ذروة جديدة في خطاب إسلام آباد الرسمي، الذي يربط بشكل مباشر بين الاضطرابات الداخلية في بلوشستان وما تصفه بـ"مؤامرة" هندية لزعزعة استقرار البلاد، وهو ما تنفيه نيودلهي بشكل قاطع، مما يضع العلاقات بين الجارتين النوويتين أمام تحد إضافي.

شرح السياق التاريخي والسياسي

تعد قضية إقليم بلوشستان واحدة من أعقد الملفات الأمنية والسياسية التي تواجه الدولة الباكستانية منذ عقود. هذا الإقليم، الشاسع جغرافيا والغني بالموارد الطبيعية (خاصة الغاز والمعادن)، هو أيضا الأكثر فقرا وتخلفا على مستوى التنمية البشرية في باكستان. وقد أدى هذا التفاوت، إلى جانب المظالم التاريخية والشعور بالتهميش السياسي والاقتصادي، إلى تغذية حركات تمرد انفصالية متعددة الأوجه على مر السنين.

تتخذ هذه الحركات، مثل "جيش تحرير بلوشستان" (BLA) و"جبهة تحرير بلوشستان" (BLF)، من القوات الأمنية الباكستانية وأهداف الدولة أهدافا لهجماتها. ومع ذلك، فإن السردية الرسمية الباكستانية تصر منذ فترة طويلة على أن هذا التمرد ليس مجرد قضية داخلية، بل هو "حرب بالوكالة" تديرها قوى خارجية.

تأتي الهند على رأس قائمة المتهمين من قبل إسلام آباد. ترى باكستان أن الهند تسعى إلى "تطويقها" وزعزعة استقرارها ردا على الصراع المستمر في كشمير، وبشكل أكثر تحديدا، لتقويض "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" (CPEC). يمر هذا المشروع الاقتصادي الضخم، وهو حجر الزاوية في العلاقات الباكستانية الصينية، عبر إقليم بلوشستان، وينتهي في ميناء جوادر الاستراتيجي. بالنسبة لإسلام آباد، فإن أي هجوم على CPEC أو على المصالح الصينية في بلوشستان هو دليل على تدخل هندي يهدف إلى إفشال المشروع.

تستند باكستان في اتهاماتها العلنية إلى حد كبير إلى قضية كولبوشان جاداف، وهو ضابط بحري هندي مزعوم اعتقلته باكستان في بلوشستان عام 2016، واتهمته بالتجسس وتدبير أعمال تخريبية. ورغم أن الهند تؤكد أن جاداف متقاعد وتم اختطافه من إيران، فإن باكستان تعتبر هذه القضية "دليلا دامغا" على نوايا نيودلهي.

إن استخدام مصطلح "فتنة هندوستان" اليوم يرفع من مستوى هذا الخطاب. فهو لا يعني مجرد "دعم"، بل يشير إلى "مؤامرة منظمة" أو "فتنة" تهدف إلى تقسيم البلاد، وهو ما يعكس قناعة راسخة لدى المؤسسة العسكرية الباكستانية بوجود مخطط هندي منظم يستهدف وحدة أراضيها.

عرض ما جرى (العمليات والتصريحات)

وفقا للبيان الصادر عن جناح العلاقات العامة في الجيش الباكستاني (ISPR)، والذي تناقلته وسائل إعلام محلية بارزة مثل قناة "جيو"، فقد تم تنفيذ العمليتين بناء على معلومات استخباراتية دقيقة.

العملية الأولى: منطقة كويتا

الموقع: جبال شيلتان في منطقة كويتا، عاصمة الإقليم. التنفيذ: بناء على معلومات استخباراتية حول وجود المسلحين، داهمت قوات الأمن الموقع. وذكر البيان أن القوات "اشتبكت بصورة فعالة" مع المسلحين، وبعد "تبادل كثيف لإطلاق النار"، تم تحييد 14 مسلحا. البيان وصف هؤلاء القتلى صراحة بأنهم "مدعومون من الهند".

العملية الثانية: منطقة كيش

الموقع: منطقة بوليدا في مقاطعة كيش، وهي منطقة نائية ومعروفة بنشاط المتمردين. التنفيذ: تم رصد مخبأ للمسلحين بناء على معلومات استخباراتية دقيقة. النتيجة: تم "تحييد أربعة مسلحين بنجاح".

وأكد بيان الجيش أنه تمت مصادرة "ترسانة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات" خلال كلتا العمليتين، وهو ما يشير، بحسب الجيش، إلى أن المجموعة كانت تخطط لعمليات إرهابية واسعة النطاق.

على المستوى السياسي، جاء الدعم سريعا من القيادة المدنية. فقد سارع كل من الرئيس آصف علي زرداري ورئيس الوزراء شهباز شريف إلى إصدار بيانات تشيد بـ"شجاعة واحترافية" القوات الأمنية لنجاحها في القضاء على 18 مسلحا. هذا الدعم الفوري من الرئاسة والحكومة يمنح العملية العسكرية غطاء سياسيا كاملا، ويؤكد تبني الدولة بأكملها، وليس فقط الجيش، لسردية "التدخل الهندي".

 ربط بالمسار العام والتطورات الدولية

لا يمكن فصل هذه العمليات والاتهامات المصاحبة لها عن سياق العلاقات الهندية الباكستانية المتوترة بشكل مزمن. تأتي هذه الأحداث لتؤكد استمرار حالة انعدام الثقة العميقة بين الجارتين.

من منظور باكستاني، يخدم هذا الإعلان غرضين: أولا، توجيه رسالة ردع إلى الهند، وثانيا، حشد الرأي العام الداخلي خلف الجيش في معركته ضد الإرهاب، عبر تأطيرها كدفاع عن السيادة الوطنية ضد عدو خارجي. كما أنه يهدف إلى تقديم "أدلة" للمجتمع الدولي، وخاصة الصين، على أن استثماراتها في CPEC مستهدفة بشكل مباشر من قبل نيودلهي.

من المتوقع أن ترفض الهند هذه الاتهامات بشدة. ستنظر نيودلهي إلى بيان الجيش الباكستاني على أنه محاولة لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية في بلوشستان، وربما ترد باتهامات مضادة حول دعم باكستان المزعوم للجماعات المسلحة في كشمير.

في نهاية المطاف، تعزز هذه الحادثة "حرب السرديات" بين البلدين، وتجعل من الصعب استئناف أي حوار بناء في المستقبل القريب.

0 تعليق