أبو زيد يكشف سبب عدم رد القسام على خروقات الاحتلال للهدنة في غزة..فيديو - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أبو زيد: فهم سلوك المقاومة الحالي يتطلب النظر إلى الصورة الأوسع

في وقت يترقب فيه العالم حدوث أي تطورات عسكرية في قطاع غزة ردا على الخروقات المتكررة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد اتفاق وقف إطلاق النار، تلتزم المقاومة الفلسطينية بصمت ميداني شبه تام.

هذا الهدوء الحذر، الذي يفسره البعض "ضعفا"، كشف الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد عن كواليسه، مفجرا مفاجأة حول استراتيجية المقاومة في مرحلة ما بعد 733 يوما من الحرب.

ففي تحليله لبرنامج "نبض البلد"، أكد أبو زيد أن ما نشهده ليس ترددا، بل هو تطبيق مدروس لسياسة "ضبط النفس"، والتي لا تمثل نقطة ضعف، بل هي "نقطة القوة" الأبرز للمقاومة في هذه المرحلة، وهي استراتيجية مبنية على قراءة دقيقة للواقع، وتاريخ طويل من المواجهات، واستعداد لمعركة لا تزال طويلة.

ليست الحرب الأولى.. والمقاومة تقرأ خطوات الاحتلال

أوضح أبو زيد أن فهم سلوك المقاومة الحالي يتطلب النظر إلى الصورة الأوسع.

فالحرب الحالية، رغم كونها الأكثر تدميرا، ليست الأولى التي يخوضها القطاع.


فمنذ عام 2008، شن الاحتلال حروبا مدمرة بشكل دوري كل 3 إلى 4 سنوات. كما أن هذا الانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال ليس الأول؛ فقد سبق وانسحب أرئيل شارون من مستوطنات "غوش قطيف" في 2005، وهو ما تعتبره المقاومة مجرد تغيير في شكل الاحتلال وليس إنهاء له.

وبسبب هذا التاريخ الطويل من الصراع، تمتلك المقاومة الفلسطينية خبرة تراكمية تمكنها من قراءة نوايا عدوها.

ويؤكد أبو زيد أن المقاومة "تعرف ما هي الخطوات القادمة للاحتلال"، وتدرك أن هذه الخروقات والاستفزازات على "الخط الأصفر" هي محاولات إسرائيلية محسوبة لجر المقاومة إلى رد فعل غير مدروس، يمنح جيش الاحتلال الذريعة التي يبحث عنها لنسف الاتفاق بالكامل واستئناف الهجمات، وهو ما يطالب به اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو.

القوة في "ضبط النفس": أولوية "إعادة ترتيب الأوراق"

بعد 733 يوما من الصمود الأسطوري أمام آلة حرب إسرائيلية مدعومة دوليا، يرى أبو زيد أن أولوية المقاومة القصوى ليست الرد على الاستفزازات، بل "إعادة بناء قدراتها" و"إعادة ترتيب أوراقها".

وقال إن صمود المقاومة لهذه المدة يمنحها الآن ترف "ضبط النفس"، لاستغلال الهدنة الهشة في تحقيق أهداف استراتيجية أهم من الرد العسكري المباشر، أهمها:

إعادة بناء القدرات: تحتاج المقاومة إلى وقت لإعادة ترميم ما دمرته الحرب، سواء على مستوى البنية التحتية العسكرية أو تجديد المخزون البشري واللوجستي.

تأمين الجبهة الداخلية: وهو التحدي الأبرز حاليا.

فالمقاومة لا تواجه الاحتلال فقط، بل تواجه أيضا "ميليشيات" داخلية مدعومة من الاحتلال، مثل "مليشيات أبو شباب"، التي حاولت "إسرائيل" زرعها لخلق فوضى أمنية وبديل لسلطة المقاومة.

تطهير العملاء: تركز المقاومة جهودها حاليا على ملاحقة شبكات العملاء والخونة الذين نشطوا خلال الحرب، وهو ما يفسر الحملات الأمنية المشددة وعمليات الإعدام الميدانية التي تنفذها "قوة رادع" التابعة لوزارة الداخلية، والتي تحظى بدعم كامل من الفصائل.

إن كل ما يحدث الآن، بحسب أبو زيد، هو "عملية مدروسة من المقاومة" لضمان أن تكون الجبهة الداخلية صلبة ومؤمنة قبل أي مواجهة قادمة.

مواجهة "حرب العقول": استطلاع أمريكي وبريطاني فوق غزة

أضاف الخبير العسكري بعدا آخر لسبب الصمت، وهو البعد الاستخباراتي. فالمقاومة تدرك أنها لا تواجه جيش الاحتلال وحده. سماء غزة الآن، حتى بعد وقف إطلاق النار، مليئة بطائرات الاستطلاع الأمريكية والبريطانية، كما كشفت تقارير إعلامية مؤخرا.

هذه الطائرات لا تراقب وقف إطلاق النار فقط، بل هي في مهمة استخباراتية ضخمة، تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة (AI) لرصد أي تحرك، ومحاولة بناء بنك أهداف، ورسم خرائط للوجوه وبصمات الأعين لقادة وعناصر المقاومة، كما ظهر في تكتيكات "وحدة الظل" المضادة.

إن أي رد فعل عسكري غير محسوب من المقاومة في هذا التوقيت، سيتم رصده وتحليله فورا من قبل هذه القوى العظمى، وقد يكشف عن مواقع أو قدرات لا ترغب المقاومة في كشفها الآن، لذلك، فإن "ضبط النفس" هو أيضا تكتيك استخباراتي لخداع هذه المنظومة الاستطلاعية المعقدة.

يخلص الخبير العسكري نضال أبو زيد إلى أن صمت المقاومة في غزة اليوم ليس صمت العاجز، بل هو صمت القوي الذي يدرك أن "المواجهة مع الاحتلال ما تزال طويلة".

إنه صمت استراتيجي مدروس، يهدف إلى كسب الوقت لإعادة ترتيب الأوراق داخليا، وتأمين الجبهة من العملاء، وإفشال مخططات الاحتلال لجر المقاومة إلى معركة في توقيت يختاره هو، وفي ظل رقابة استخباراتية دولية غير مسبوقة.

0 تعليق