في تحليل عسكري هو الأعمق من نوعه، كشف الخبير العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، عن مفاجأة كبرى تتعلق بالظهور الأخير لعناصر "وحدة الظل" التابعة لكتائب القسام خلال عمليات تسليم جثث المحتجزين.
ففي حديثه لبرنامج "نبض البلد"، تجاوز أبو زيد التحليلات التقليدية ليقدم تفسيرا استخباراتيا دقيقا للسبب الذي دفع عناصر النخبة هؤلاء إلى ارتداء أقنعة كاملة تغطي الأعين وقفازات، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بإخفاء الهوية التقليدي، بل هو إجراء مضاد متقدم لخداع أنظمة الاستطلاع الإسرائيلية التي تعمل بـ "الذكاء الاصطناعي" والمصممة لرصد "بصمة العين" و"رسم الوجه".
لغز القفازات والأقنعة.. ما وراء التخفي التقليدي
لفتت مشاهد تسليم المحتجزين وجثث المحتجزين أنظار العالم، ليس فقط للحدث بحد ذاته، بل للمظهر الصارم والانضباطي لعناصر "وحدة الظل".
لكن الخبير نضال أبو زيد توقف عند تفصيل دقيق: لماذا الإصرار على ارتداء قفازات (القفازات) وأغطية وجه كاملة تشمل نظارات داكنة أو أغطية للأعين (غطاء الأعين)، رغم أن الشمس لم تكن قوية أو الأجواء لا تستدعي ذلك بالضرورة؟
بحسب التحليلات التقليدية، ينظر إلى هذا اللباس على أنه إجراء روتيني لإخفاء هوية المقاتلين. لكن أبو زيد قدم رؤية أعمق، مشيرا إلى أن المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، باتت تدرك تماما التطور الهائل في قدرات جيش الاحتلال الاستخباراتية.
القسام يتنبأ بـ"حرب البصمات": مواجهة الذكاء الاصطناعي
المفاجأة التي كشف عنها أبو زيد هي أن القسام "يتنبأ بعمليات الاستطلاع التي يقوم بها الاحتلال".
وأوضح أن جيش الاحتلال لم يعد يعتمد فقط على الطائرات المسيرة (الدرونز) للتصوير العادي، بل يستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي متطورة (AI) قادرة على جمع بيانات بيومترية (حيوية) دقيقة عن بعد.
ووفقا لتحليل أبو زيد، فإن الاحتلال يعمل بشكل مكثف على بناء بنك أهداف ضخم يعتمد على:
رسم الشكل والوجه (Facial Mapping): تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي الآن إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد لوجه الشخص حتى لو كان ملثما جزئيا، وتحليل شكل الجمجمة والمسافات بين ملامح الوجه.
بصمة العين (Iris Scanning): وهو التهديد الأخطر.
يمكن للكاميرات عالية الدقة المثبتة على الطائرات المسيرة أو عبر أنظمة المراقبة الأرضية التقاط بصمة قزحية العين (بصمة العين) للتعرف على هوية الشخص بشكل قاطع، حتى لو غطى وجهه بالكامل وترك عينيه مكشوفتين.
وأكد أبو زيد أن "القسام انتبهت لهذا الأمر"، وأدركت أن مجرد اللثام التقليدي لم يعد كافيا.
"زيادة في التخفي".. كيف تعمل الإجراءات المضادة؟
بناء على هذا الإدراك، جاء اللباس الذي ظهر به عناصر "وحدة الظل" مصمما خصيصا كإجراء مضاد مباشر لهذه التقنيات، وهو ما وصفه أبو زيد بـ"زيادة في التخفي":
غطاء الأعين (النظارات الداكنة): الهدف المباشر منه هو منع كاميرات الاحتلال وأنظمته التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من التقاط "بصمة العين"، مما يفشل عملية التعرف البيومتري الأكثر دقة.
القفازات: لا تقتصر أهميتها على إخفاء بصمات الأصابع التقليدية، بل تمتد أيضا لمنع أنظمة الذكاء الاصطناعي من التعرف على "هندسة اليد" أو أي علامات فارقة مثل الندوب أو الوشوم، والتي يمكن استخدامها كمعرف ثانوي للهوية.
القناع الكامل (Balaclava): بالإضافة إلى إخفاء ملامح الوجه، يعمل القناع الكامل على إخفاء شكل الفم والذقن، مما يعرقل برامج "رسم الوجه" ويجعل عملية التعرف عليها شبه مستحيلة.
حرب العقول.. المقاومة تتابع تطورات العدو بدقة
شدد نضال أبو زيد في تحليله على أن "المقاومة تتابع بدقة عمليات الاستطلاع الإسرائيلية بالذكاء الاصطناعي في غزة".
وهذا يثبت، بحسب الخبير، أن المعركة لم تعد تقتصر على الرصاص والصواريخ، بل هي "حرب عقول" وحرب تكنولوجية واستخباراتية بامتياز.
إن ظهور عناصر "وحدة الظل" بهذا الشكل ليس مجرد استعراض قوة، بل هو تطبيق عملي ومدروس لنتائج متابعة استخباراتية مضادة.
إنه يؤكد أن المقاومة تكيفت مع التهديدات الجديدة، وأجبرت الاحتلال على العودة إلى نقطة الصفر في محاولاته للتعرف على هويات عناصر وحداته الأكثر نخبوية وسرية، والذين نجحوا في الاحتفاظ بالمحتجزين وإخفائهم عن أعين أعتى الأجهزة الأمنية في العالم لمدة عامين كاملين.

0 تعليق