أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فتح تحقيق جنائي موسع، ليس فقط في حادثة تعذيب واغتصاب أسير فلسطيني، بل في كيفية "تسريب" مقطع فيديو مروع من سجن "سدي تيمان" سيء الصيت.
الفيديو، الذي يعود للعام الماضي، يظهر جنودا يعتدون بوحشية على الأسير.
وفي خطوة استثنائية تعكس خطورة الأزمة داخل المؤسسة العسكرية، أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس عن تعليق مهام المدعية العامة العسكرية، يفعات تومر-يروشالمي، بسبب شبهات تورط مكتبها في هذا التسريب.
تحقيق في التسريب.. وإهانة للجيش
أثارت الحادثة هزة داخل المؤسستين العسكرية والقضائية للاحتلال، حيث تركز التحقيق الحالي بشكل أساسي على كيفية خروج الفيديو إلى العلن.
وقالت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، إن "قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة يجري هذا التحقيق، بمساعدة مكتب النائب العام"، مؤكدة أنه "لا يمكن تقديم أي تفاصيل إضافية" في هذه المرحلة.
من جهته، أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أنه أبلغ من رئيس الأركان إيال زامير بقرار تعليق مهام المدعية العامة العسكرية.
وعلل كاتس هذه الخطوة "في ظل التحقيق الجنائي الجاري، والتحقيق في تورط مسؤولين في مكتب المدعي العام العسكري في التسريب". ووصف كاتس التسريب بأنه "قضية خطيرة أحدثت إهانة فاضحة لجنود الجيش في أنحاء العالم".
خلفية الفيديو: تعذيب وحشي وإدانة سابقة
يظهر الفيديو المسرب، الذي يعود تاريخه إلى أغسطس/آب 2024، جنودا في سجن "سدي تيمان" وهم يأخذون أسيرا فلسطينيا مستلقيا على وجهه جانبا.
بعد ذلك، يحيطون به بدروع مكافحة الشغب ويواصلون الاعتداء عليه بالضرب المبرح. وقد نقل الأسير لاحقا لتلقي العلاج من إصابات بالغة.
والجدير بالذكر أن حادثة الاعتداء هذه ليست جديدة؛ ففي فبراير/شباط الماضي، قدمت النيابة العسكرية بالفعل لائحة اتهام ضد خمسة جنود إسرائيليين لاعتدائهم الخطير على المعتقل في 5 يوليو/تموز 2024. ووفقا للائحة الاتهام التي أوردتها صحيفة "هآرتس"، تسبب الاعتداء في إصابة الأسير بجروح خطيرة، بما في ذلك كسر في الأضلاع وتمزق داخلي في المستقيم.
ورغم خطورة التهم، حظرت المحكمة نشر أسماء الجنود المتهمين، وهم حاليا "غير محتجزين ولا يخضعون لأي شروط تقييدية" مثل الإقامة الجبرية.
سجن "سدي تيمان": فظائع مروعة وسياق الإبادة
أثارت لقطات الفيديو المسربة ردود فعل حقوقية غاضبة حول العالم، وجددت الدعوات لإغلاق سجن "سدي تيمان" (جنوب)، الذي حوله الاحتلال إلى معتقل مركزي للفلسطينيين من قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023.
وكان جندي احتياط قد كشف لصحيفة "هآرتس" في مايو/أيار الماضي عن "فظائع مروعة" ترتكب في المعسكر، شملت مقتل معتقلين مدنيين جراء "تعذيب شديد"، وإجراء عمليات جراحية لآخرين "دون تخدير".
وتأتي هذه الانتهاكات، وفقا لمنظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، في سياق تصاعد كبير للاعتداءات بحق المعتقلين الفلسطينيين، الذين يتجاوز عددهم 10 آلاف، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة المستمرة منذ سنتين. وقد خلفت هذه الحرب، المدعومة أمريكيا، 68,643 شهيدا فلسطينيا و170,655 جريحا، ودمارا طال 90% من البنى التحتية المدنية.

0 تعليق