سجلت أسعار الذهب في السوق المصري قفزة هائلة اليوم الخميس، حيث تجاوز سعر الغرام من عيار 24 حاجز الـ 6000 جنيه، في خطوة تعكس بشكل مباشر الاضطرابات والتحولات الكبرى في الأسواق العالمية. هذا الارتفاع الحاد، الذي تجاوز 22 جنيها في الغرام، لم يكن وليد الصدفة، بل جاء مدفوعا بشكل أساسي بانفراجة غير متوقعة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع طفيف للدولار، مما أعاد للمعدن الأصفر بريقه كملاذ آمن وأداة استثمارية مفضلة.
البيانات: الأسعار المحلية تشتعل
شهدت منصات تداول الذهب في مصر تحديثات سريعة للأسعار منذ بداية تعاملات الصباح. ووفقا لمنصة "آي صاغة"، جاءت الأسعار (وقت كتابة هذا التقرير) كالتالي:
محركات الصعود العالمية
الارتفاع في مصر هو صدى مباشر لما حدث عالميا. ارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة ملحوظة بلغت 1.10% ليصل إلى 3973.31 دولار للأوقية (الأونصة)، وهو مستوى يقترب من حاجز 4000 دولار النفسي.
1. قمة "ترامب وشي" المفاجئة (المحرك الرئيسي): المحرك الأكبر للأسواق اليوم كان الاجتماع الإيجابي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. نتائج الاجتماع، الذي وصفه ترامب بأنه "12 من 10"، فاجأت الأسواق:
2. تراجع الدولار: عادة ما يؤدي التفاؤل الاقتصادي إلى بيع الذهب (لأنه ملاذ آمن)، لكن ما حدث هو العكس. التفاؤل الناتج عن القمة أدى إلى هبوط مؤشر الدولار بنسبة 0.2%، بعد أن كان في أعلى مستوياته في أسبوعين. انخفاض الدولار يجعل الذهب (المسعر بالدولار) أرخص لحائزي العملات الأخرى، مما يزيد الطلب عليه.
3. سياسة الفيدرالي الداعمة (البيئة الحاضنة): يعمل الذهب في بيئة داعمة له أساسا. فالمعدن الأصفر، الذي لا يدر عائدا، يزدهر في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) قد خفض الفائدة مرتين هذا العام، لتصل إلى نطاق 3.75%-4%. ورغم أن هذا المعدل لا يزال مرتفعا تاريخيا، إلا أن اتجاه الفيدرالي نحو التخفيض، بالإضافة إلى "حالات الضبابية الاقتصادية"، يوفر أرضية صلبة لأسعار الذهب.
تعليق الخبراء (صعوبات التوافق في الفيدرالي)
رغم النظرة الإيجابية للأسواق اليوم، لا يزال القلق قائما. تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول الأخيرة تزيد من هذه الضبابية. باول أشار إلى "صعوبات في التوصل إلى توافق في الآراء" داخل المجلس حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية.
وحذر باول الأسواق من "افتراض خفض آخر في أسعار الفائدة بنهاية العام". هذا التعليق المتضارب – بين واقع خفض الفائدة مرتين وتحذير من عدم خفضها مجددا – يخلق حالة من "الضبابية" التي ذكرها التقرير، وهي الحالة التي يزدهر فيها الذهب كأداة للتحوط ضد عدم اليقين في قرارات السياسة النقدية.
التوقعات
ينصب تركيز السوق الآن على ترجمة مخرجات قمة ترامب-شي إلى أفعال. ستبحث الأسواق عن أدلة ملموسة على استئناف مشتريات فول الصويا الصينية وتطبيق خفض الرسوم الجمركية. إذا تم تنفيذ هذه الوعود، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضعف في الدولار، وبالتالي مزيد من الارتفاع للذهب.
على المدى القصير، يبدو أن سعر الأوقية يستهدف بقوة مستوى 4000 دولار. أما محليا في مصر، فإن بقاء الأوقية العالمية فوق مستوى 3950 دولارا، مع استقرار سعر الصرف المحلي، يعني أن أسعار عيار 21 مرشحة للبقاء فوق مستوى 5300 جنيه، مع احتمالية اختبار مستويات أعلى إذا واصل الدولار العالمي تراجعه. لا يوجد في الأفق ما يشير إلى تراجع قريب،

0 تعليق