في تصعيد جديد، شن جيش الاحتلال غارات جوية على قطاع غزة، اليوم السبت، بعد ساعات من تعثر جديد ومثير للجدل في مسار تسليم الجثث المحتجزين.
وأعلن الاحتلال أن ثلاث جثث سلمتها حركة حماس، ليل الجمعة، تبين بعد الفحص أنها لا تعود لأي من المحتجزين التابعين له، وهو ما ردت عليه حماس ببيان توضيحي، متهمة الاحتلال برفض آلية للتحقق المسبق.
وقد أدى هذا الخلاف، الذي يعد الثاني من نوعه في ملف الجثامين الحساس، إلى عودة فورية للقصف في محيط خان يونس جنوب القطاع، مما يضع الاتفاق الهش الذي رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر على حافة الانهيار الكامل.
جثث "مجهولة الهوية"
بدأت الأزمة الأخيرة مساء أمس الجمعة، عندما سلمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ثلاثة جثامين إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر كجزء من تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.
لكن، وفي وقت لاحق من ليل الجمعة، قال مصدر عسكري تابع للاحتلال إنه "لا يعتقد" أن الجثث تعود لمحتجزين، وهو ما تم تأكيده رسميا صباح اليوم السبت.
وأفاد متحدث باسم جيش الاحتلال لوكالة "فرانس برس" أن مختبر الطب الشرعي أجرى فحوصاته، وتبين أن الجثث الثلاثة "لا تعود إلى أي منهم" (المحتجزين التابعين للاحتلال).
من جانبها، سارعت كتائب القسام إلى الرد على رواية الاحتلال. وقالت في بيان، السبت: "قمنا بالأمس وفي إطار عدم إعاقة عمليات تسليم الجثث، بعرض تسليم 3 عينات لعدد من الجثامين المجهولة الهوية، لكن العدو رفض استلام العينات وطلب استلام الجثث لفحصها". وأضافت القسام: "قمنا بتسليمها لقطع الطريق على ادعاءات العدو".
وتشير رواية القسام إلى أنها حاولت تقديم عينات (DNA) أولا للتحقق من الهوية قبل تسليم الجثامين الكاملة، وهو ما رفضه الاحتلال، الذي أصر على استلام الجثث أولا.
غارات على خان يونس
لم يتأخر رد الاحتلال على هذا التعثر. فبعد ساعات قليلة من الإعلان عن نتائج الفحص، أفاد مصدر أمني في غزة لوكالة "فرانس برس" بسماع صوت إطلاق نار وغارات جوية نفذها جيش الاحتلال في محيط خان يونس (جنوب).
ويأتي هذا القصف ليزيد من تفاقم الوضع، خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يندلع فيها خلاف حول الجثامين.
ففي الأسبوع الماضي، اتهم الاحتلال حماس بـ"المماطلة" في تسليم الرفات، وهدد بتقليص المساعدات وإغلاق المعابر، قبل أن يتراجع لاحقا بضغط من الوسطاء.
سياق الاتفاق الهش وتداعيات الحرب
دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول، بعد عامين من حرب الإبادة المدمرة التي شنها الاحتلال على القطاع.
وقد أسفرت هذه الحرب عن استشهاد ما لا يقل عن 68,531 فلسطينيا، وفقا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
فيما بدأ العدوان على غزة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل 1221 شخصا، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية تابعة للاحتلال.
وقد شهدت المرحلة الأولى من الاتفاق نجاحا نسبيا بتبادل المحتجزين الأحياء بآلاف الأسرى الفلسطينيين، وانسحابا جزئيا لقوات الاحتلال إلى ما يعرف بـ"الخط الأصفر".
لكن الانتقال إلى المرحلة الثانية، المتعلقة بتسليم الجثامين، يثبت أنه التحدي الأكبر ، وقد اتهمت حكومة الاحتلال حماس مرارا بانتهاك الهدنة، فيما دعت عائلات المحتجزين إلى تشديد الضغط على الحركة للالتزام بالاتفاق.
ويضع هذا التصعيد الجديد ضغوطا هائلة على الوسطاء، وخاصة الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب عبر طائرات مسيرة، لوقف التدهور ومنع عودة المنطقة إلى مربع الحرب الشاملة.

0 تعليق