المشي المتواصل أم المتقطع؟ دراسة تكشف تفوُّق الجلسة الطويلة في حماية القلب وإطالة العمر - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل الأفضل تجميع إجمالي الحركة اليومية في نوبة واحدة متصلة وكبيرة، أم تقسيمها على فترات قصيرة ومجتزأة؟

لطالما كان المشي النشاط البدني الأكثر يسرا وشمولية لكن الجدل يتجدد حول استراتيجيته المثلى: هل الأفضل تجميع إجمالي الحركة اليومية في نوبة واحدة متصلة وكبيرة، أم تقسيمها على فترات قصيرة ومجتزأة؟.

الإجماع العلمي الحديث يميل بوضوح إلى تفضيل الجلسة الطويلة والهادفة لتحقيق أقصى مكاسب صحية، خصوصا فيما يتعلق بصحة القلب والأوعية الدموية وزيادة متوسط العمر.

أفضلية الحركة المتصلة: دليل علمي لا يقبل الجدل

قيم باحثون لأنماط الحركة لأكثر من 33 ألف مشارك، بهدف قياس تأثير مدة كل فترة نشاط على خطر الوفاة وأمراض القلب، بمعزل عن العدد الإجمالي للخطوات.

جاءت النتائج حاسمة؛ إذ تبين أن المشاركين الذين جمعوا غالبية نشاطهم في فترات زمنية مطولة (تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة أو أكثر) كانوا أقل عرضة للوفاة ولأمراض القلب بشكل ملحوظ مقارنة بأولئك الذين اكتفوا بومضات متقطعة تقل عن 5 دقائق.

يعزى هذا التفوق إلى آليات فسيولوجية جوهرية:

استدامة معدل النبض: يضمن التحرك المتواصل (لـ 30 دقيقة على الأقل وبوتيرة معتدلة) بقاء معدل ضربات القلب مرتفعا بما يكفي لتعزيز اللياقة القلبية الوعائية (Cardiovascular Fitness) ، هذا التدريب المستمر يقوي عضلة القلب ويرفع كفاءة الدورة الدموية، وهو الهدف الأساسي لتوصيات النشاط الأسبوعية.

 كفاءة التحول الأيضي (حرق الدهون): يحتاج الجسم عادة إلى حوالي 20 دقيقة من التمرين الهوائي المتواصل للانتقال من حرق الكربوهيدرات إلى حرق الدهون المخزنة ، الجلسة المطولة تتيح للجسم بلوغ هذه "المنطقة الأيضية" والاستمرار فيها، ما يجعلها أكثر فاعلية في خفض دهون الجسم والوزن مقارنة بالنوبات القصيرة.

تحسين المؤشرات الحيوية: يسهم النشاط غير المنقطع بشكل أفضل في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) ورفع الكوليسترول الجيد (HDL) على المدى الطويل، بالإضافة إلى دوره الفعال في مكافحة ارتفاع ضغط الدم، مما يقلل مباشرة من خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية.


النشاط المجزأ: خطوة أولى ضرورية ضد الخمول

على الرغم من ترجيح كفة النشاط المتصل، لا يمكن تجاهل القيمة الكبيرة لالحركة القصيرة والمتقطعة، خاصة للأفراد الذين يعانون من قلة الحركة أو ضيق الجدول اليومي.

تظل القاعدة الذهبية راسخة: "أي قدر من الحركة أفضل من الجمود التام."

كسر الجلوس: إن المشي لمدة 5 إلى 10 دقائق لعدة مرات في اليوم يكسر فترات الجلوس المطولة التي تعد عامل خطر مستقلا.

هذه الفترات تحفز العضلات وتحسن فوريا من حساسية الجسم للأنسولين بعد الوجبات، وهو أمر بالغ الأهمية لمرضى السكري.

بناء القدرة: بالنسبة للمبتدئين أو كبار السن، يعد البدء بنوبات سير قصيرة ومتكررة وسيلة آمنة وناجعة لبناء التحمل واللياقة، مما يمهد للانتقال التدريجي إلى فترات أطول لاحقا.

التوصيات الحديثة تؤكد أن المشي المتواصل لمدة 15 دقيقة أو أكثر في كل مرة هو مفتاح الحماية القلبية وإطالة العمر، خاصة لمن يسعون لفقدان الوزن أو بناء لياقة ملموسة.

يجب على الأفراد الأقل نشاطا (من تقل خطواتهم اليومية عن 8 آلاف خطوة) السعي بشكل خاص لإدماج جلسات السير الطويلة والمنتظمة في جدولهم.

لجني أقصى الفوائد، يقترح الخبراء:

تحديد وقت ثابت: تخصيص 30 إلى 45 دقيقة متواصلة يوميا للمشي بإيقاع سريع.

التدرج في الإنجاز: البدء بنحو 10 دقائق وزيادة الفترة بخمس دقائق كل أسبوع حتى بلوغ الهدف.

الالتزام فوق كل شيء: تظل الاستمرارية والمواظبة هي العامل الحاسم؛ حتى لو تطلب الأمر التبديل بين الأنماط الطويلة والقصيرة حسب ظروف اليوم، مع إعطاء الأولوية للنوبة الطويلة قدر المستطاع.

إن تبني نمط حياة ينطوي على نشاط منتظم يظل استثمارا مضمونا للصحة الجسدية والعقلية.

لكن عند المفاضلة، فإن جودة الحركة واستمراريته تتفوق على مجرد تجميع الخطوات المبعثرة، لا سيما عند السعي لتعزيز صحة القلب بشكل هادف وملموس.

0 تعليق