"صهر الشام" والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممداني - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

واشنطن – "أنا منكم وإليكم"، هكذا تحدث عمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني بلسان عربي مبين وهو يخاطب أنصاره، أمس الثلاثاء، في أول كلمة له فور انتخابه لذلك المنصب، ليصبح بذلك أول مسلم يتولى إدارة أكبر مدينة أميركية اقتصاديا وسكانيا.

وفي الخطاب ذاته أهدى ممداني (34 عاما) ذلك الفوز التاريخي، ودائما بلغة الضاد، إلى "ماما وبابا" وإلى من سماها "حياتي" ويقصد بذلك زوجته السورية الأميركية الفنانة راما صوّاف دواجي (28 عاما) التي اقترن بها في مطلع العام الجاري.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وبمجرد ما أنهي ممداني خطابه الحماسي، التحقت به على المنصة من وصفها بـ"زوجتي الرائعة" ووالده الأكاديمي محمود ممداني ووالدته السينمائية العالمية ميرا ناير، ووقف الجميع أمام عدسات الصحافة في لوحة تؤرخ لبداية "عهد جديد" في تاريخ نيويورك التي "بناها المهاجرون وحان الوقت لكي يتولى شؤونها المهاجرون"، كما جاء في كلمته.

وتعكس تلك اللوحة والأجواء الاحتفائية بفوز ممداني بمنصب العمدة روح التعدد الثقافي والعرقي والديني واللغوي التي نشأ فيها وهي سمة تاريخية للمدينة العملاقة التي يقطنها قرابة 8 ملايين نسمة وتعتبر أحد مراكز المنظومة المالية العالمية.

وقبل خطاب أمس، ظهر ممداني في أكثر من مناسبة يتحدث باللغة العربية وأحيانا باللغة الإسبانية أثناء حملته الانتخابية في تجسيد معبر لتعدد الروافد الثقافية التي ارتوى منها، بدءا من طفولته في أوغندا وجنوب أفريقيا قبل أن يحط الرحال بنيويورك وهو في سن السابعة.

وفي ذروة الحملة الانتخابية لمنصب العمدة ظهر ممداني في مقطع فيديو وهو يتحدث بالعربية: "مرحبا.. أنا اسمي زهران ممداني وعم رشّح حالي لأكون العمدة الجديد في مدينة نيويورك. بعرف شو عم تفكرو. شكلي كأني صهركم من الشام. بس العربي تبعي بدها شوي شغل".

" frameborder="0">

ويضيف ممداني "مع هيك أنا حابب اليوم أطلب دعمكم يوم 4 نوفمبر. العيشة بنيويورك صارت غالية للكل.. وصار صعب نعيش فيها، ونربي أولاد. أنا كعمدة رح أجمّد الإيجارات لأكثر من مليوني شخص، وخلي الباصات سريعة ومجانا وأضمن رعاية الأطفال شاملة لكل العائلات.. أنا منكم وإليكم".

إعلان

وبالإضافة إلى كونه "صهر الشام" كما تم التلميح له في ذلك المقطع، فإن علاقة ممداني بلغة الضاد تمتد أبعد وأعمق من ذلك، وتعود جذورها إلى البيئة العائلية التي كانت تتنفس فكرا وثقافة وسياسة في كنف والد يعتبر من رواد الدراسات الأفريقية وما بعد الكولونيالية في جامعة كولومبيا، ووالدة ذات منجز سينمائي عالمي في التمثيل والإخراج.

في تلك الأجواء كان ضيوف البيت من عمالقة الوسط الأكاديمي ورواد مناهضة الاستعمار من قبيل زميلي والده في الجامعة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، والمؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي، وهو ما أسهم أيضا في تفتق الوعي السياسي لممداني وما تجسد في انخراطه المبكر في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

وسار ممداني أكاديميا على درب والده وحصل عام 2014 على بكالوريوس في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين (ولاية مين)، وشارك هناك في تأسيس فرع لمنظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين".

" frameborder="0">

"الملتحي" في القاهرة

في تلك الأجواء الفكرية الثرية، بدأ ممداني يتعلم اللغة العربية، ولتعميق إلمامه بها سافر وهو سن الـ22 إلى القاهرة في يونيو/حزيران 2013، في رحلة تعليمية استغرقت 6 أسابيع وتزامنت مع أجواء الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، وهو ما جعلها أكثر من محطة للتعلم بل فرصة للوقوف على فترة حرجة من تاريخ البلاد الحديث.

وقد دون ممداني تلك التجربة وقتها في مقال رأي بعنوان "الملتحي في القاهرة" في إشارة إلى ما سببته له لحيته من شكوك وريبة في صفوف من تعامل معهم في المعهد الدراسي أو مكان الإقامة وفي ميدان التحرير حيث كان البعض يعتبره "إخوانيا"، قبل أن يضطر إلى قص تلك اللحية.

ومن أكثر اللحظات تعبيرية في تلك التجربة أن ممداني تابع بتوجيه من مدرّسه المصري ولدواع لغوية آخر خطاب ألقاه الرئيس مرسي قبل الإطاحة به، لكنه لم يفهم ما ورد فيه فطلب خدمة الترجمة من شريكه المصري في السكن، لكن الأخير فاجأه بالقول إنه لم يفهم بدوره فحوى الخطاب. وعلق ممداني على ذلك الموقف بالقول إن زميله كان يرتاب منه بسبب لحيته ويشك في انتمائه لجماعة "الإخوان المسلمين".

" frameborder="0">

تجربة الراب

وقبل أن ينغمس كليا في العمل السياسي، خاض ممداني تجربة في الغناء بما يوحي بتأثير والدته في تكوينه الثقافي، ومزج فيها بين أسلوب الراب وهيب هوب، واختار لقبي "يونغ كارداموم" و"مستر كارداموم" في عروضه الموسيقية.

وكان "مغني الراب" ممداني يستوحي أعماله الفنية من جذوره الأفريقية والهندية، ويطعّمها بإشارات اجتماعية من حياته في نيويورك، وقد ظهر في الموسيقى التصويرية لفيلم "ملكة كاتوي"، الذي أخرجته والدته ميرا ناير عام 2016.

وفي أكثر من موقف أثبت ممداني خلال الحملة الانتخابية أنه لا يزال وفيا لماضيه الفني، وأن الغناء والتمثيل يسريان في عروقه حيث ظهر في عدة مناسبات وهو يغني أو يمثل بشكل مرتجل، مما يعكس روحه المرحة وحسه الفكاهي.

ويبدو أن الفن والالتزام السياسي كان هو الكيمياء التي جمعته بالفنانة السورية راما صوّاف دواجي التي تعبر رسومها وتصاميمها عن اهتمام كبير بالأزمات الإنسانية في غزة والسودان ولبنان، وباقي قضايا الشرق الأوسط.

إعلان

0 تعليق