منطقة العزلة وسباق التسلح: القصة المخفية وراء ولادة مصطلح الذكاء الاصطناعي العام - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 الخبراء ورجال الدولة أن من يحقق  "الذكاء الاصطناعي العام" (AGI) أولا سيعزز سطوته في "حرب الذكاء الاصطناعي". جوبرود نشر ورقة بحثية سابقة لعصرها، ادعى فيها أن التقنيات الحديثة ستعيد تعريف الحروب بشكل يجعلها "أخطر من الأسلحة النووية".

يشهد العالم اليوم سباقا محموما بين عمالقة التكنولوجيا لتحقيق ما يعرف بـ "الذكاء الاصطناعي العام" (AGI). هذا المصطلح، الذي أصبح حجر الزاوية في صفقات أيقونية كشراكة "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي"، ينظر إليه اليوم كهدف تجاري وتقني بحت. ويؤكد الخبراء ورجال الدولة أن من يحقق هذا الإنجاز أولا سيعزز سطوته في "حرب الذكاء الاصطناعي".

 لكن بعيدا عن بريق وادي السيليكون، يحمل هذا المصطلح جذورا أعمق وأكثر قتامة. فرغم أن "AGI" يستخدم الآن للإشارة إلى الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي ويتفوق على القدرات البشرية ، إلا أن ولادته الحقيقية لم تكن في سياق تجاري، بل في سياق عسكري بحت، وارتبط منذ اللحظة الأولى بالخوف من سباق تسلح جديد.

الأصل المستتر: "أخطر من الأسلحة النووية"

تعود القصة إلى عام 1997. في ذلك الوقت، كان مارك جوبرود مجرد طالب دراسات عليا مهووس بتكنولوجيا النانو في جامعة ميريلاند. لم يكن يتخيل أنه على وشك صياغة مصطلح سيبنى عليه مستقبل التكنولوجيا.

في ذلك العام، نشر جوبرود ورقة بحثية بعنوان "النانو تكنولوجي والأمن الدولي". كانت الورقة سابقة لعصرها، حيث ادعى فيها أن التقنيات الحديثة ستعيد تعريف الحروب بشكل يجعلها "أخطر من الأسلحة النووية".

وفي قلب هذا البحث، لم يتحدث جوبرود عن الذكاء الاصطناعي التقليدي، بل صاغ مصطلح "الذكاء الاصطناعي العام" (AGI) لأول مرة.

وعرف جوبرود هذا المفهوم لاحقا بأنه: "أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تنافس أو تتجاوز الدماغ البشري في التعقيد والسرعة، والتي يمكنها اكتساب المعرفة العامة ومعالجتها، ويمكن استخدامها فعليا في أي مرحلة من العمليات الصناعية أو العسكرية التي تتطلب عادة وجود ذكاء بشري".

كان جوبرود واضحا في هدفه؛ لقد كان بحاجة لمصطلح يصف ذكاء اصطناعيا "يختلف عن الذكاء الاصطناعي الذي يعرفه الناس الآن". ورغم أن بحثه تنبأ بالكثير مما نعيشه اليوم، إلا أنه لم يلق رواجا في ذلك الوقت، واختفى المصطلح من ذاكرة مجتمع علماء الحاسوب.

العودة للساحة: "اسم سلس وموسيقي"

عاد المصطلح للظهور مجددا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولكن هذه المرة على يد عالم الحواسيب الشهير بن غورتزل. كان غورتزل وزميله كاسيو بيناشين يعملان على كتاب عن تقنيات الذكاء الاصطناعي واسعة الاستخدام.

واجه غورتزل مشكلة في التسمية؛ أراد مصطلحا يفرق بين هذا النوع الجديد وبين "التعلم الآلي" التقليدي. فكر في أسماء مثل "الذكاء الاصطناعي القوي" أو "الحقيقي" أو حتى "الذكاء التخليقي".

ولأنه لم يستقر على اسم، عقد جلسة عصف ذهني مع مؤثرين في القطاع، من بينهم شين ليج (الذي أصبح لاحقا أحد مؤسسي "غوغل ديب مايند").

وهنا، جاء الاقتراح الحاسم من "ليج". ففي حديثه مع صحيفة "وايرد"، يروي ليج ما قاله لغورتزل: "بن، لا تسمه الذكاء الاصطناعي الحقيقي— هذا سيكون إهانة كبيرة لكل المجال. إذا كنت تريد أن تكتب عن آلات لديها ذكاء عام، وليس أشياء محددة فقط، ربما علينا أن نسميه الذكاء الاصطناعي العام. يبدو الاسم سلسلا عندما يقال".

أعجب الفريق بالاسم، ويوضح غورتزل أنهم وجدوا أن الأحرف "إيه جي آي" (AGI) "أكثر سلاسة وموسيقية". ورغم أن كتاب غورتزل لم يصدر حتى منتصف العقد، إلا أن المصطلح كان قد انتشر بالفعل شفهيا بين الباحثين.


علاقات مضطربة وفضل الابتكار

في هذه الأثناء، تمكن مارك جوبرود (المبتكر الأول) من نسب الفضل لنفسه في صياغة المصطلح. التقى جوبرود وغورتزل لأول مرة في مؤتمر الذكاء الاصطناعي العام عام 2006.

ورغم أن العلاقة بدت دبلوماسية في الظاهر، إلا أن "ليج" كان لديه بعض التحفظات. وقال في حديثه لـ "وايرد": "ظهر شخص فجأة وقال: أوه، لقد ابتكرت هذا المصطلح عام 1997. تساءلنا: من هذا الشخص؟ وبعد أن أجرينا بعض الأبحاث وجدنا ورقة بحثية تحمل اسمه ويذكر فيها المصطلح، لذلك أصبح له".

من جانبه، أوضح جوبرود أنه لم يكن يسعى لسرقة عمل غورتزل وليج. كل ما أراده هو "فضل الاستشهاد الأول" للمصطلح، لكنه ترك الفضل في تطوير المفهوم للفريق البحثي اللاحق.

ويضيف جوبرود نقطة جوهرية: "لم أكن أركز بشكل أساسي على استخدامات الذكاء الاصطناعي العام، كل تركيزي كان منصبا على سباق التسلح، وهو الهدف الرئيسي لكتابة هذه الورقة البحثية".

كهل يخشى على البشرية

اليوم، يبلغ جوبرود من العمر 66 عاما ، ويراقب بقلق كيف استغل رواد وادي السيليكون المصطلح الذي ابتكره في سياق عسكري، لبناء إمبراطوريات تجارية تتجاوز قيمتها مئات التريليونات من الدولارات.

لكنه لا يزال متمسكا بخوفه الأصلي؛ الخوف من تحول "AGI" إلى سلاح يقضي على البشرية. ولذلك، لم يتوقف جوبرود في أبحاثه اللاحقة عن الدعوة لمنع الدراسات التي تجرى على الروبوتات الواعية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.

0 تعليق