طعنت المحكوم عليها على هذا الحكم بالاستئناف
في قرار قضائي مهم يرسم حدود تطبيق قانون الحماية من العنف الأسري في دولة الإمارات، أيدت المحكمة الاتحادية العليا طعنا قدمته امرأة ضد حكم صادر عن محكمة الاستئناف كان قد أدانها بارتكاب جريمة من جرائم العنف الأسري.
وكانت التهمة قد بنيت على إرسالها رسالة "واتس أب" لزوجها تحتوي على عبارة "ما برحمك والله".
وأكدت المحكمة العليا الإماراتية في قرارها أن أوراق الدعوى "خلت من أي دليل يمكن التعويل عليه" في إدانتها. وبناء على ذلك، قررت إلغاء الحكم الصادر ضدها، والقضاء مجددا ببراءتها مما أسند إليها.
تفاصيل الدعوى ومراحلها
تعود تفاصيل القضية إلى وقت سابق، حين أسندت النيابة العامة للمرأة تهمة ارتكاب جريمة من جرائم العنف الأسري، باستنادها إلى نص المرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2024.
وتمثل الفعل الجرمي في تهديد المجني عليه (زوجها) عبر رسالة "واتس أب" نصها "ما برحمك والله".
وفي المرحلة الأولى من التقاضي، كانت محكمة أول درجة قد قضت حضوريا بإدانتها. وكانت العقوبة المطبقة حينئذ هي إلزامها بـ "حفظ ما تيسر من القرآن الكريم خلال شهر"، باعتباره من أعمال الخدمة المجتمعية، بالإضافة إلى إلزامها بدورة تأهيل ضد العنف في مراكز متخصصة.
وبعد أن طعنت المحكوم عليها على هذا الحكم بالاستئناف، قضت محكمة الاستئناف برفض طعنها وتأييد حكم الإدانة. هذا الأمر دفع المرأة إلى الطعن بالنقض أمام المحكمة الاتحادية العليا، بينما قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طالبت فيها برفض الطعن.
أسباب النقض والبراءة
استند دفاع المحكوم عليها الطاعنة في طعنه أمام "الاتحادية العليا" إلى أن الحكم أدانها "رغم انتفاء أركان الجريمة"، خاصة ركن "القصد الجنائي"، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وقد وافقت المحكمة الاتحادية العليا على هذا الدفع، وأوضحت في حيثيات حكمها أن تسبيب الأحكام يجب أن يكون مفصلا وجليا، وليس مجرد "عبارات عامة مجملة" كما فعل الحكم المطعون فيه.
وأكدت المحكمة العليا أن العبرة في تحري معنى اللفظ هي "بسياقه الذي ورد فيه". وبالنسبة لعبارة "ما برحمك والله"، رأت المحكمة أنها "لا ترقى بذاتها إلى التهديد المعاقب عليه"، خاصة وأنها صدرت "بين زوجين دبت بينهما الخلافات الزوجية المعتادة".
وأوضحت "الاتحادية العليا" أن صرف الحكم السابق لهذا اللفظ إلى "التهديد" كان "تحميلا للفظ أكثر من معناه"، خصوصا دون بيان كون الهدف منه هو "إلحاق الأذى أو الضرر" على النحو الذي حددته المادة الرابعة من قانون الحماية من العنف الأسري.
وبناء على ذلك، انهار "الركن المادي" للجريمة المنسوبة للطاعنة. كما أكدت المحكمة أن الأوراق "قصرت عن توافر القصد الجنائي لديها".
وخلصت المحكمة إلى أن إقرار الزوجة بصدور اللفظ منها لا يغير من الأمر شيئا، "طالما لم يشكل التهديد الذي تقوم به الجريمة"، معتبرة أن الدعوى بذلك قد خلت من أي دليل يقيم الاتهام.

0 تعليق