نقلت وكالة "رويترز" للأنباء، اليوم الثلاثاء، عن مصادر متعددة، أن احتمالية تقسيم قطاع غزة "بحكم الأمر الواقع" باتت مرجحة بشكل متزايد. ويأتي هذا المأزق في ظل تعثر الجهود الرامية لدفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب، إلى ما بعد مرحلة وقف إطلاق النار الأولى.
وأكد ستة مسؤولين أوروبيين، مطلعين مباشرة على جهود تنفيذ المرحلة التالية، للوكالة أن الخطة "توقفت فعليا"، وأن أي مساع لإعادة الإعمار من المرجح الآن أن تقتصر فقط على المنطقة الخاضعة لسيطرة الاحتلال. وحذر هؤلاء المسؤولون من أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم يستمر لسنوات.
واقع منقسم على الأرض
بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق، التي دخلت حيز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، يسيطر جيش الاحتلال حاليا على 53% من مساحة القطاع. تشمل هذه المنطقة معظم الأراضي الزراعية الحيوية، إلى جانب مدينة رفح في الجنوب، وأجزاء من مدينة غزة ومناطق أخرى.
في المقابل، يعيش جميع سكان القطاع تقريبا، والبالغ عددهم نحو مليوني نسمة، مكدسين في خيام مؤقتة أو وسط أنقاض المدن المحطمة، في بقية المناطق التي تخضع لسيطرة حركة "حماس".
المرحلة الثانية.. جمود وعقبات
وتتضمن المرحلة الثانية من الخطة (المتعثرة) انسحابا إضافيا لقوات الاحتلال انطلاقا مما يسمى "الخط الأصفر" المتفق عليه، بالتزامن مع إنشاء سلطة انتقالية لحكم غزة، ونشر قوة أمن متعددة الجنسيات لتسلم المسؤولية، وكذلك البدء في نزع سلاح حماس وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لكن الواقع يظهر أن الخطة تفتقر إلى أي جداول زمنية أو آليات واضحة للتنفيذ. وفي الوقت نفسه، ترفض "حماس" بشكل قاطع نزع سلاحها، ويرفض الاحتلال أن يكون للسلطة الفلسطينية أي دور في الحكم، فيما لا يزال الغموض يكتنف مصير القوة متعددة الجنسيات المطروحة.
هذا الجمود لخصه وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في مؤتمر المنامة الأمني هذا الشهر بقوله: "لا نزال نعمل على صياغة أفكار... الجميع يريد انتهاء هذا الصراع (...) السؤال هو كيف نحقق ذلك؟".
"الخط الأصفر".. حدود فعلية؟
وفي غياب أي جهد أمريكي كبير لكسر هذا المأزق، يبدو أن "الخط الأصفر" سيصبح الحدود الفعلية التي تقسم غزة إلى أجل غير مسمى، وفقا لما نقلته "رويترز" عن 18 مصدرا (بينهم ستة مسؤولين أوروبيين ومسؤول أمريكي سابق مطلع على المحادثات).
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة صاغت مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي تمنح القوة متعددة الجنسيات وهيئة الحكم الانتقالية ولاية لمدة عامين، إلا أن عشرة دبلوماسيين أكدوا أن الحكومات لا تزال مترددة في الالتزام بإرسال قوات. وأوضحوا أن الدول الأوروبية والعربية على وجه الخصوص "من غير المرجح أن تشارك" إذا امتدت المسؤوليات إلى ما هو أبعد من حفظ السلام، أو إذا كانت تهدف إلى مواجهة مباشرة مع حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى.
مقترحات لـ "مناطق نموذجية"
وزاد من المخاوف ما ذكره نائب الرئيس الأمريكي جي.دي فانس، وصهر ترامب جاريد كوشنر، الشهر الماضي، من أن أموال إعادة الإعمار قد تبدأ بالتدفق بسرعة "إلى المنطقة التي يسيطر عليها الاحتلال فقط"، حتى دون الانتقال إلى المرحلة التالية، بناء على فكرة إنشاء "مناطق نموذجية" يعيش فيها بعض سكان غزة.
وقد علق مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، مايكل وحيد حنا، بأن مثل هذه المقترحات تشير إلى أن واقع القطاع المنقسم على الأرض، يهدد بأن يصبح "أمرا أطول أمدا بكثير".

0 تعليق