Published On 12/11/202512/11/2025
|آخر تحديث: 20:52 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:52 (توقيت مكة)
قبل أكثر من 4 عقود، تخيّل الكاتب الأميركي ستيفن كينغ عالما ديستوبيا مرعبا تُبث فيه برامج ألعاب قاتلة عبر الشاشات في عام 2025. واليوم، تتحول تلك الرؤية التي كتبها "ملك الرعب" عام 1982 إلى واقع سينمائي جديد بفيلم "ذا رَننغ مان" (The Running Man) من إخراج إدغار رايت، ليعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر قصص كينغ سوداوية وإثارة للتأمل.
الرواية التي نشرها كينغ تحت الاسم المستعار ريتشارد باكمان، تتحول اليوم إلى فيلم يزاوج بين الترفيه البصري والرسالة الاجتماعية الحادة. حيث عمل المخرج البريطاني إدغار رايت -المعروف بأفلام "شون أوف ذا ديد" (Shaun of the Dead) و"بيبي درايفر" (Baby Driver)- على النسخة الجديدة، التي تضم نخبة من النجوم: مثل غلين باول، وجوش برولين، وكولمان دومينغو، ولي بيس، ومايكل سيرا، وإميليا جونز.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listيجسّد باول، الذي لمع في "توب غان: مافريك" (Top Gun: Maverick) و"توويسترز" (Twisters)، شخصية بن ريتشاردز، وهو رجل بسيط يسعى لجمع المال لعلاج ابنته المريضة في مجتمع مفكك تسوده الفوارق الطبقية.
وحين يفقد الأمل، يقرر خوض تجربة أخيرة: المشاركة في برنامج ألعاب مميت يحمل اسم "ذا رَننغ مان" (The Running Man)، حيث يُطارد المتسابقون من قبل قتلة محترفين لـ30 يوما، في بث مباشر يلهب شغف الجمهور المتعطش للعنف. لكن ريتشاردز لا يكتفي بالهرب، بل يقاتل من أجل البقاء وكشف فساد النظام الإعلامي الذي يحوّل المعاناة إلى تسلية جماهيرية.
يقول باول "إنه رجل عادي في مواجهة نظام خُلق لسحق من يحاولون فعل الصواب من أجل أسرهم. شخص يقاتل الظلم بجسده وروحه"، ويضيف مبتسما "مشاهد الحركة كانت شاقة للغاية… لا أنكر أنني خرجت ببعض الكدمات".
بين شوارزنيغر وباول
يواجه باول في الفيلم الجديد تحديا كبيرا، فكيف يملأ فراغ النسخة الشهيرة عام 1987 التي جسّد فيها أرنولد شوارزنيغر الدور ذاته؟ تلك النسخة التي أخرجها بول مايكل غلاسر ركزت على مشاهد الأكشن السريعة وابتعدت عن روح الرواية الأصلية.
أما نسخة رايت، فتعود إلى جوهر النص الأدبي، مطاردة تستمر 30 يوما في دولة مفككة بين مدن عالية التقنية وأحياء فقيرة، تهيمن عليها شبكة تلفزيونية ضخمة تبث الأكاذيب وتستغل الجماهير.
المخرج رايت قال، "ما كتبه كينغ في الثمانينيات يبدو وكأنه كتب عن عالم اليوم. رواية تتنبأ بمستقبل الإعلام الزائف وثقافة الترفيه التي تلتهم المآسي".
رؤية مستقبلية تُحاكي الواقع
يدمج "ذا رَننغ مان" الواقعية المستقبلية بتفاصيل "ريترو" مستوحاة من زمن صدور الرواية. فبدل الأجهزة المتطورة، يعتمد المتسابقون على كاميرات فيديو قديمة لتوثيق نجاتهم، مما يخلق تباينا بصريا لافتا.
إعلان
كما أضفى رايت لمساته الخاصة من السخرية السوداء، حتى أنه استأذن شوارزنيغر لاستخدام صورته على أوراق نقدية في مشاهد رمزية.
ويؤدي جوش برولين شخصية المنتج المتلاعب دان كيليان، الرجل الأنيق الذي يحرّك الخيوط من وراء الكواليس، متجسدا الوجه الآخر للسلطة والإعلام.
يقول برولين، "كيليان ليس مجرد شخصية شريرة، إنه انعكاس لأحلك ما فينا، لذلك هو مخيف إلى هذا الحد".
بين مشاهد المطاردة والانفجارات، يحرص رايت على أن يحتفظ العمل بجوهره التحذيري: كيف يمكن لعالم متخم بالإعلام أن يفقد إنسانيته تماما؟
يوضح المخرج، "أدب الديستوبيا وُجد ليُحذرنا… الفيلم يعرض الواقع كمرآة مشوّهة، مرآة نرى فيها أنفسنا بوضوح مؤلم".
حين تتحقق نبوءة كينغ
بعد أكثر من 40 عاما على كتابة الرواية، يرى غلين باول أن العالم الذي تنبأ به كينغ أصبح حقيقيا، "الكثير مما تخيله تحقق للأسف… الإعلام الموجّه، الترفيه الذي يتغذى على الألم، والانقسام الاجتماعي. الفيلم يجعلك تستمتع، لكنه يجبرك أيضا على التفكير".
أما كينغ نفسه، فقد عبّر عن رضاه الكامل عن النسخة الجديدة، بعد أن انتقد سابقا نسخة شوارزنيغر. وكتب عبر حسابه على منصة "إكس" -"تويتر" سابقا-، "هذا هو الفيلم الذي كنت أتمنى رؤيته. إنه أقرب إلى روح الرواية… يشبه في طاقته فيلم "داي هارد" (Die Hard)".
بهذه العودة، لا يقدم "ذا رَننغ مان" (The Running Man) مجرد فيلم حركة صاخب، بل تجربة بصرية تعيد إحياء كابوس مستقبلي يبدو مألوفا بشكل مقلق. إنه تذكير بأن ما كان خيالا مظلما في الثمانينيات، قد يصبح -في 2025- واقعا يشبهنا أكثر مما نودّ الاعتراف به.

0 تعليق