كيف يكتشف الصحفيون الصور والفيديوهات المولدة بالذكاء الاصطناعي؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بات من السهل اليوم إنتاج صور ومقاطع فيديو فائقة الدقة والجودة بضغطة زر واحدة، حتى إنها قد تتفوق أحيانا على المحتوى الأصلي من حيث الإقناع والواقعية.

لكن هذه القفزة التقنية تحمل في طياتها خطرا متزايدا، إذ تُستخدم أحيانا في تزييف الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة، وهذا يجعل الجمهور عرضة للتضليل والخداع البصري.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ولتفادي الوقوع في فخ التضليل، نستعرض أبرز الخطوات المنهجية والأدوات المجانية التي تمكن الصحفيين والمستخدمين العاديين من التمييز بين المحتوى الأصلي والمولد بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

ولمساعدة الجمهور على مواجهة هذا التحدي، أعد مختبر القصص التابع لهيئة الإذاعة الأسترالية (ABC Story Lab) دليلا بصريا يوضح أبرز الطرق التي تساعد على كشف هذه الخطوة.

نماذج صور شهيرة مولدة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي (هيئة الإذاعة الأسترالية)
نماذج صور شهيرة مولدة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي (هيئة الإذاعة الأسترالية)

1. تفاصيل تفضح التلاعب

يشير الدليل إلى أن أولى العلامات التي تكشف التلاعب "يمكن ملاحظتها بالعين المجردة" استنادا إلى العناصر غير الواقعية في الصورة، مثل: عدد الأصابع، وتموجات الخلفية، وتباين الإضاءة مع موقع الظلال.

ويوضح الخبراء أن خوارزميات توليد الصور "ما زالت تواجه صعوبة في إعادة إنتاج التفاصيل الدقيقة والمعقدة"، خاصة في الأيدي والأسنان، وهذا يجعلها "نقطة انطلاق مثالية" لكشف التلاعب، كما أن هذه العيوب "تبدو أوضح عند تكبير الصورة أو مقارنة أجزائها".

واستشهد الدليل بمثال تاريخي للمصور الأسترالي فرانك هيرلي خلال الحرب العالمية الأولى، إذ دمج عدة لقطات لانفجارات وجنود في صورة واحدة لتبدو واقعية تماما، لكنها كانت صورة مركبة وليست لقطة حقيقية واحدة.

خلل وتشوهات بصرية في نماذج صور مولدة بالذكاء الاصطناعي على تيك توك (الجزيرة)
خلل وتشوهات بصرية في نماذج صور مولدة بالذكاء الاصطناعي على تيك توك (الجزيرة)

ويحذر الخبراء من الاعتماد الكامل على الأدوات التقنية، التي تحدد مناطق التلاعب أو التركيب داخل الصور، لأن نتائجها "إرشادية وليست نهائية"، بل يعتبر الجمع بين التحليل البصري والاستخدام الذكي للتقنيات هو الأسلوب الأكثر أمانا وفعالية.

2. البحث العكسي

ولا يزال البحث العكسي عن الصور من أهم وسائل التحقق وكشف الخداع البصري، فعند الشك في أي صورة، يمكن لمحركات البحث تحليل عناصرها البصرية والبحث عن صور مطابقة أو مشابهة لها نشرت سابقا على الإنترنت.

إعلان

ورغم أن هذه التقنية تعد تقليدية نسبيا، فإنها أثبتت فعاليتها في كشف المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، تمكن فريق "الجزيرة تحقق" عبر هذا الأسلوب من كشف أكثر من 40 مقطع فيديو مزيفا مرتبطا بأحداث مدينة الفاشر السودانية، وذلك بفضل تحليل بصري دقيق وبحث عكسي موسع.

مناشدات مؤثرة حصدت ملايين المشاهدات على المنصات الرقمية توثق معاناة سكان الفاشر (منصات التواصل)
مناشدات مؤثرة حصدت ملايين المشاهدات على المنصات الرقمية توثق معاناة سكان الفاشر (منصات التواصل)

ويمكن للصحفيين ومدققي الحقائق استخدام أداة "البحث بالصورة" (Search by Image)، وهي إضافة مجانية تدعم معظم المتصفحات، وتتيح إجراء بحث عكسي متزامن في عدة محركات شهيرة مثل "ياندكس" و"تين آي" و"غوغل" دفعة واحدة، بدون الحاجة إلى رفع الصورة في كل محرك على حدة.

كما تتيح الأداة المجانية التقاط صور ثابتة من أي مقطع فيديو بضغطة زر واحدة من خلال اختصارات المتصفح، وهذا يسهل عملية البحث والتحقق حتى للمستخدمين العاديين.

الأداة تدعم البحث بالصور من جهازك أو من مواقع عبر الإنترنت 
الأداة تدعم البحث بالصور من جهازك أو من مواقع عبر الإنترنت

3. اكتشاف العلامات المائية

ويعد رصد العلامات المائية من أبسط وأسهل الطرق التعرف لاكتشاف الصور والفيديوهات المولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن كثيرين يغفلون عنها، وهذا يعرضهم بنسبة كبيرة للخداع البصري.

وتظهر العلامات المائية عادة في زوايا الصور أو الفيديوهات المعدلة، وتدل على الأداة أو النموذج الذي أنتجها، مثل شعارات "أوبن إيه آي" (OpenAI) أو "جيميني" (Gemini) الشهيرة.

وفي بعض الأحيان، تكون العلامة مخفية داخل البيانات الوصفية للصورة أو مضمنة رقميا، وفي هذه الحالة، يمكن كشفها باستخدام أدوات متخصصة مثل "سينث آي دي ديتكتور" (SynthID Detector) التي تقدمها "غوغل" والمتاحة حاليا لعدد محدود فقط من الصحفيين والباحثين.

4. استخدام أدوات الكشف

وإذا تعذرت الخطوات الأولية للتحقق، يمكن الاستعانة ببعض الأدوات المتخصصة في كشف الصور والفيديوهات المولدة بالذكاء الاصطناعي، إذ نستعرض هنا أبرزها من حيث الفعالية والدقة في النتائج العملية.

وتعد (Reality Defender) من الأدوات الرائدة في كشف "التزييف العميق" والفيديوهات المعدلة بالذكاء الاصطناعي، إذ تتيح للمستخدمين إجراء حتى 50 عملية فحص مجانية شهريا للصور أو الصوت، كما تقدم الأداة تقريرا تفصيليا لنتائج المسح النهائية بعدة صيغ يسهل مشاركتها.

ويساعد الإصدار التجريبي لأداة (Synthetic image) التي تقدمها مجموعة (InVID WeVerify) الشهيرة في مجال التحقق، في تحديد نسبة التلاعب واحتمالية أن يكون المحتوى البصري مولدا بالذكاء الاصطناعي، كما تستطيع اكتشاف الصور التي أنشئت بواسطة نماذج الانتشار المعروفة، مثل "ميدجورني" (Midjourney).

وتوفر المنصة أدوات أكثر تقدما للكشف عن التزييف البصري والمحتوى المضلل، مع تحسينات في أداء الكشف عن الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، وتتضمن ميزات مثل تحليل الشبكات الاجتماعية على "إكس" والتحليل الجنائي للصور، إلا أنها مقتصرة على الصحفيين ومدققي الحقائق والباحثين المسجلين، لضمان الاستخدام المسؤول.

عرض قائمة الأدوات المتقدمة لمكوّن التحقق الإضافي في إنفيد وطريقة التفعيل (Verification plugin)
عرض قائمة الأدوات المتقدمة لمكوّن التحقق الإضافي في إنفيد وطريقة التفعيل (Verification plugin)

وتتيح مواقع شهيرة مثل (sightengine) و(Image Whisperer) و(Fake Image Detector) إمكانية اكتشاف الصور المولدة أو المعدلة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعرض للمستخدم درجة احتمالية تعد مؤشرا قويا على ما إذا كانت الصورة حقيقية أم مصطنعة، رغم أن نتائجها لا تكون دائما دقيقة.

إعلان

وتساعد هذه الأدوات الصحفيين ومدققي الحقائق على كشف التزييف بسرعة، غير أنها ما تزال تواجه تحديات كبيرة تتعلق بدرجة موثوقيتها، نظرا للتطور التقني المضاد، والذي يسعى إلى تجاوز قدراتها.

ويوصي الخبراء بعدم الاكتفاء بنتيجة واحدة، إذ يفضل عرض الصورة على أكثر من أداة ومقارنة النتائج والمخرجات، نظرا لاختلاف خوارزميات التحليل وأساليب التقييم من أداة لأخرى، وهذا يمنح المستخدم رؤية أدق ونتيجة أقرب للواقع عند الحكم على مصداقية الصورة.

5. أدوات تفاعلية للمستخدمين

وللتمييز بين ما هو حقيقي ومزيف، يمكن الاستفادة من أدوات تفاعلية شهيرة مثل (Detect Fakes) التي طورها باحثون من جامعة نورث ويسترن الأميركية، وأداة "ريل أور نوت" (Real or Not) التي أنشأتها شركة مايكروسوفت، إذ تختبر هذه الأدوات قدرة الجمهور على التمييز بين الصور ومقاطع الفيديو الحقيقية وتلك المولدة بالذكاء الاصطناعي.

كما يمكن المشاركة في اختبار تفاعلي مشابه عبر أداة "إيه آي أور نوت" (AI or Not) التي يقدمها موقع (Sightengine) المتخصص في كشف المحتوى البصري المولد بالذكاء الاصطناعي، إذ يقدم للمستخدمين سلسلة من الصور، ويطلب منهم تحديد ما إذا كانت منشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي أم حقيقية وملتقطة بكاميرا.

وتهدف هذه الأدوات إلى تدريب العنصر البشري على التفكير النقدي والبصري عند التعامل مع الصور والمحتوى الرقمي، بحيث "لا يصدقون كل ما يرونه دون تحليل أو تمحيص"، كما تمكن المستخدمين من اكتساب مهارات التحقق والتمييز، فضلا عن تعزيز الوعي بأساليب التزييف البصري، دون الاعتماد الكامل على الأدوات التقنية فقط.

وخلاصة الأمر، أن العين البشرية والوعي النقدي لدى المستخدمين يبقيان خط الدفاع الأول في مواجهة موجة التزييف الرقمي المتسارعة في هذا العصر.

ومهما بلغت الأدوات من تطور ودقة، لا يمكنها أن تحل محل الإنسان في الملاحظة والتحليل، فالكشف عن التزييف لا يعتمد على التقنية وحدها، بل على قدرة الإنسان على الشك والتمييز، إذ إن التكامل بين التقنية والإدراك البشري هو السبيل الأمثل للتمييز بين الحقيقي والمزيف في فضاء رقمي تتنامى فيه أساليب الخداع يوما بعد يوم.

0 تعليق