كيف تستفيد فلسطين وسوريا من القرار الأممي بالسيادة على الأرض والموارد؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

دمشق- في خطوة حملت دلالات مهمة على صعيد الرأي العام والسياسة الدولية، جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد قرار يؤكد السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في أراضيه المحتلة وللسوريين في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية، وسط تأييد دولي واسع.

واعتمدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية -الأربعاء الماضي- مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وللسوريين في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".

وتقدّمت بالمشروع مجموعة الـ77 والصين، وحاز على تأييد 152 دولة، مقابل معارضة إسرائيل و7 دول أخرى، بينها الولايات المتحدة الأميركية، في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت.

تأكيد الحقوق

ويعيد القرار التأكيد على الحقوق غير القابلة للتصرف لكل من السوريين في الجولان المحتل والفلسطينيين في أرضهم ومواردهم الطبيعية، بما يشمل الأراضي والمياه وموارد الطاقة.

ويشير مدير مركز جسور للدراسات، محمد سرميني، إلى وجود دلالات قانونية لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار، أبرزها:

التأكيد على عدم قانونية الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة، وترسيخ مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة. الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالتعويض عن استغلال موارده الطبيعية أو إتلافها. اعتبار الجدار العازل والمستوطنات انتهاكا صريح للقانون الدولي ومصدرا لحرمان الفلسطينيين من مواردهم الطبيعية، بما يُعزّز حججهم القانونية أمام الهيئات الدولية. إعادة التأكيد على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وإلزام إسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني. منح القرار وزنا سياسيا وقانونيا كبيرا بسبب التصويت الساحق لصالحه، ما يجعله مرجعا مهما في محكمة العدل الدولية ومداولات مجلس الأمن. تعزيز الإجماع الدولي بشأن طبيعة الاحتلال وسياساته، وتشجيع الدول والمنظمات على الالتزام بسياسات تحترم القانون الدولي. تأكيد دعوة مجلس الأمن للتمييز بين "إقليم دولة إسرائيل" والأراضي المحتلة عام 1967 في كافة المعاملات الدولية.
يظهر المشهد جانبًا من الأحياء السكنية في مستوطنة
تكمن أبعاد القرار قانونيا باعتباره المستوطنات انتهاكات للقانون الدولي (الجزيرة)

ويرى سرميني، في حديث للجزيرة نت، أن تصويت الدول الغربية على مشروع القرار يدل على تحول ملحوظ في موقف الغرب، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي وكندا، تجاه سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان

ويشير إلى أن هذا التحول يؤكد أن هذه الدول لم تعد تمنح إسرائيل غطاءً دبلوماسيا تلقائيا كما في السابق، ويُبرز قلقها من الأضرار الناتجة عن المستوطنات والجدار وانتهاكات الموارد الطبيعية.

ويوضح سرميني أن الدول الأوروبية تبرز التزامها بالتمييز بين "أمن دولة إسرائيل" والسياسات الاحتلالية في الأراضي المحتلة، وأن التقييم النهائي لهذا التحول سيظهر عبر سلوك هذه الدول في مجلس الأمن وتنفيذها للسياسات العملية المتعلقة بالتمييز بين إسرائيل والأراضي المحتلة.

دعم للتفاوض

ويأتي اعتماد مشروع القرار الأممي في وقت تسعى فيه دمشق إلى التوصل لاتفاق أمني مع إسرائيل يضع حدا لاعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية، ويُبدّد مزاعمها بالتعرض إلى التهديد، وهو ما يعتبره الباحث المختص بالشأن السوري وائل علوان بمثابة "ورقة دعم مهمة للحكومة السورية في مفاوضاتها مع إسرائيل".

لكن علوان يوضّح أن موقف دمشق سيظل ضعيفا نسبيا أمام التغوُّل الإسرائيلي المستمر و"الدعم الأميركي المتواصل لمصالح إسرائيل على حساب مصالح المنطقة".

وأوضح أن القوة الأساسية لسوريا في المفاوضات مع إسرائيل تكمن في الضغط الإقليمي والدولي، بما في ذلك الضغط الأممي، لكنه يؤكد أن هذا الضغط لا يحقق تأثيرا فعليا على إسرائيل ما لم يصاحبه ضغط أميركي حقيقي.

ويرى علوان أن مصالح الولايات المتحدة قد تتوافق جزئيا مع هذا الضغط، رغم أن إدارة دونالد ترامب اعترفت سابقا بالجولان لإسرائيل مخالفة بذلك القرارات الدولية الصريحة.

" frameborder="0">

وهو ما يذهب إليه الباحث محمد سرميني أيضا، معتبرا أن القرار الأممي يتيح لسوريا تعزيز موقفها التفاوضي بشأن الجولان المحتل، مؤكدا أن القرار يضمن حق السكان العرب في السيادة على مواردهم الطبيعية ويمنع استغلالها أو تدميرها، ما يوفر لدمشق قوة ضغط إضافية في أي مفاوضات مستقبلية.

ويرى المحلل أن التصويت الدولي الساحق لصالح اعتماد مشروع القرار يزيد من عزلة إسرائيل، ويدعم المطلب السوري بإنهاء الاحتلال وفق القانون الدولي، مؤكدا أن القرار يربط بين الوضع في الجولان ونظيره في الأراضي الفلسطينية، ويُدعّم موقف سوريا في مطالبتها بحل سلمي شامل وعادل.

ويشير سرميني إلى أن القرار يُمثّل أداة دولية قوية للضغط على إسرائيل، ويعطي الدول والمجتمع الدولي إطارا للتمييز بين سياسات الاحتلال ومصالح الدول في المنطقة، ما يُعزّز من احتمالية التوصل إلى تسويات سلمية عادلة.

قوات إسرائيلية تطل على سوريا من هضبة الجولان المحتلة بعد أسبوعين من الإطاحة بنظام الأسد (رويترز) Israeli soldiers look into Syria, after the ousting of Syria's Bashar al-Assad, in Ein Zivan in the Israeli-occupied Golan Heights, December 25, 2024. REUTERS/Jamal Awad TPX IMAGES OF THE DAY
جنود إسرائيليون يطلون على سوريا من هضبة الجولان المحتلة (رويترز)

استثمار مستقبلي

ورغم تأكيد مشروع القرار على سيادة السوريين والفلسطينيين على مواردهم الطبيعية، يرى الباحث وائل علوان أن مسألة الموارد "تخضع غالبا لمنطق القوة وليس الحق، ما يجعل الانتهاكات الإسرائيلية واضحة قانونيا ومدانة، لكنها إدانات لا تغير الواقع على الأرض".

ولكن في الوقت نفسه، يشدد الباحث على أن الحكومة السورية لا يمكنها تجاهل هذه القرارات والمواقف الدولية؛ لأنها تمثل ورقة أساسية يمكن الاعتماد عليها في أي مفاوضات مستقبلية.

إعلان

وأشار إلى أن سوريا تستطيع كسب دعم إقليمي ودولي في هذا المجال، خصوصا مع الاستياء المتزايد من سياسات حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة– على المستويين الأوروبي والإقليمي.

ويعتبر علوان أن استثمار هذا الاستياء يزيد الضغط على إسرائيل ويؤثّر على الموقف الأميركي المنحاز لها، ما يمنح سوريا فرصة لتقوية موقفها التفاوضي والسعي نحو تسويات مستقبلية عادلة.

0 تعليق