عاجل

جارة القمر تحتفل للمرة الأولى بعيد ميلادها دون شريك الإبداع - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
فيروز تحتفل للمرة الأولى دون "شريك الإبداع".. وتصر على دفنه في حديقة منزلها.

يحل عيد ميلاد "جارة القمر"، السيدة فيروز، التسعين هذا العام، وسط أجواء من الحزن العميق والشجن، إذ تحتفل "أرزة لبنان" للمرة الأولى في غياب نجلها الأكبر ورفيق دربها الفني ، زياد الرحباني.

طقوس عيد "بطعم الـوداع"

واعتادت السيدة فيروز، في كل عام، الاحتفال بهذه المناسبة في جو عائلي دافئ مع أبنائها، حيث كانت ابنتها المخرجة ريما تحرص على إحضار كعكة العيد مزينة بشمعة واحدة فقط.

إلا أن هذا العام يكتسيه السواد بعد رحيل زياد، الذي أكدت وسائل إعلام لبنانية أن فيروز "أصرت على دفنه في حديقة منزلها" في منطقة الشوير شمال لبنان، رافضة دفنه بجوار والده عاصي الرحباني في بلدة أنطلياس.

زياد وفيروز: ثنائية التمرد والإبداع

شكل الراحل زياد الرحباني محطة فارقة في مسيرة والدته، ناقلا إياها من المدرسة الرحبانية الكلاسيكية إلى آفاق فنية أكثر حداثة وواقعية.

بدأت هذه الرحلة مبكرا حين ترك زياد المنزل في سن الرابعة عشرة متأثرا بخلافات والديه، قبل أن يعود ليقدم لها أولى ألحانه الخالدة "سألوني الناس" أثناء مرض والده.

وتوالت النجاحات عبر ألبومات مثل: "وحدن" 1979، و"كيفك إنت" 1991، و"إلى عاصي" 1995.

ورغم القطيعة التي دامت ثلاث سنوات بسبب تصريحات سياسية، إلا أن العلاقة عادت أقوى بجملة واحدة قالتها الأم لابنها: "حمد الله على السلامة يا حبيبي".

شجرة العائلة الرحبانية

وتتكون أسرة السيدة فيروز، التي تزوجت من عاصي الرحباني عام 1955، من:

زياد: الابن الأكبر وشريك النجاح. هلي: مواليد 1958، الذي أصيب بمرض في صغره. ليال: مواليد 1960، توفيت عام 1988. ريما:مواليد 1965، المخرجة وحلقة الوصل مع الجمهور.

و لم يغب الأردن يوما عن ذاكرة السيدة فيروز، ولم تكن هي مجرد ضيف عليه، بل كان صوتها جزءا من ذاكرة المكان وتاريخه.

فقد صدحت حنجرتها الذهبية في جنبات المدرج الروماني وسط عمان، وعانقت حجارة البترا، وسارت في شوارع القدس حين كانت تحت الحكم الأردني، تاركة إرثا غنائيا خالدا يتغنى بالبطولة والجمال.

عمان.. "موطن المجد" وملعب الإباء

في إحدى زياراتها التاريخية للأردن، وقفت فيروز على خشبة المسرح في المدرج الروماني لتقدم أوبريت "حصاد ورماح".

ومن خلاله، أطلقت أغنيتها الوطنية الخالدة "موطن المجد"، التي لا تزال تتردد في المناسبات الوطنية الأردنية:

"يا موطني يا قصة الجمال.. ولحن شعب رائع النضال يا موطني يا ملعب الإباء.. وراية تموج في السماء"

ولم تقف الرحلة هنا، بل تجلت في قصيدة الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل، "عمان في القلب"، التي لحنها الأخوان رحباني.

وقد عكست هذه القصيدة إيمان عقل بوحدة بلاد الشام، وجاء صوت فيروز ليضفي عليها نكهة الأصالة والحب الصادق للعاصمة الأردنية.

القدس 1964: قصة "المزهرية" التي صنعت أغنية

وتحتفظ الذاكرة بزيارة فيروز التاريخية لمدينة القدس عام 1964، رفقة زوجها عاصي وصهرها منصور الرحباني، للمشاركة في احتفالية تراتيل بمناسبة زيارة البابا بولس السادس للمدينة المقدسة .

وخلال تجوالها في أزقة القدس العتيقة، التف حولها الناس يشكون هموم النكبة والمعاناة.

وفي مشهد مؤثر، تقدمت سيدة مقدسية يعلو وجهها الحزن، فتأثرت فيروز وبكت، ولأن السيدة لم تجد ما تهديه لـ"جارة القمر" تعبيرا عن حبها، سارعت لشراء "مزهرية" بسيطة وقدمتها لها.

هذا الموقف الإنساني ألهم منصور الرحباني لكتابة رائعة "شوارع القدس العتيقة" عام 1965، التي وثقت تلك اللحظة:

"مريت بالشوارع.. شوارع القدس العتيقة قدام الدكاكين.. الـ بقيت من فلسطين حكينا سوا الخبرية.. وعطيوني مزهرية قالوا لي هيدي هدية.. من الناس الناطرين"

الكرامة: "القصة الكبيرة"

ولم تغب فيروز عن تمجيد البطولة الأردنية؛ فقد غنت لمعركة الكرامة الخالدة 1968 من كلمات الرحابنة، واصفة إياها بـ"القصة الكبيرة" التي يكتبها الجميع:

"ويكتب الأردن.. بذهب الكرامة.. بالعز بالشهامة.. تاريخا كبيرا يكتبه الأردن... والقصة الأخيرة قصتنا الكبيرة نكتبها جميعا بالأحرف الكبيرة"

ستظل هذه الأغاني شاهدة على الرابط الروحي العميق بين فيروز ووجدان الشعبين الأردني والفلسطيني، مخلدة صور المجد والحنين والنضال.

كما لا تغيب مصر عن ذاكرة "سيدة الصباح"،فقد غنت لها "شط إسكندرية" و"مصر عادت شمسك الذهب"، وارتبطت بفن سيد درويش وموسيقى محمد عبد الوهاب.

وشهدت مصر زيارات تاريخية لفيروز، بدءا من شهر العسل عام 1955، مرورا بحفل حديقة الأندلس عام 1976 حيث كرمت بجائزة التقدير الذهبية، وصولا إلى وقوفها الشامخ أمام الأهرامات عام 1989.


سيدة المسرح الغنائي

ولم تكن فيروز مطربة فقط، بل كانت "العمود السابع لبعلبك" ورائدة المسرح الغنائي، حيث قدمت سلسلة من المسرحيات التي حملت هموم الوطن ورمزية الأرض، من "جسر القمر" 1962 و"بياع الخواتم" 1964، مرورا بـ "ناطورة المفاتيح" و"ميس الريم"، وصولا إلى الملحمة التاريخية "بترا" 1977.

0 تعليق