ماذا تعني عودة استهداف قيادات حزب الله وهل يمكن تعويضها؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت تعكس انتقال العمليات إلى نمط متسارع يعيد الصراع إلى مربّعه الأول، موضحا أن الاستهدافات باتت جزءا من سياسة ثابتة تقوم على ضرب القيادات الأساسية في حزب الله وإحراج الحزب عبر دفعه إلى الرد، بما يفتح على ديناميكية جديدة في المواجهة.

ويشير حنا في تحليل عسكري للمشهد في لبنان إلى أن عودة الاغتيالات بهذا النسق توحي بتطور في أدوات إسرائيل الاستخباراتية، بعدما تمكنت من رصد شخصيات مصنّفة ضمن الهيكل القيادي المتقدم، مؤكدا أن دقة الضربة تعكس تغلغلا أمنيا وتعزيزا للهيمنة الجوية على الضاحية الجنوبية، في مرحلة وصفها بأنها الأعلى حساسية منذ بدء الحرب.

وكان مراسل الجزيرة قد نقل أن الغارة أحدثت انفجارا ضخما في حارة حريك تبعه تحليق مكثّف للطائرات الإسرائيلية، بينما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد وإصابة أكثر من 22 شخصا، وقالت مصادر في الحزب للجزيرة إن توصيف "الرجل الثاني" لا يُعتمد لديهم، وإن الحديث يدور عن قيادي عسكري بارز.

ويرى حنا أن توسيع دائرة الاغتيالات وصولا إلى بيروت يمثّل انتقالا إلى استهداف رؤوس القيادة داخل المثلث المركزي للحزب، الذي يشمل الضاحية والبقاع وجنوب الليطاني، موضحا أن الضاحية هي مركز القيادة، بينما يشكل البقاع عمقا جيوسياسيا ومنطقة الجنوب مسرح الانتشار العملاني.

ويضيف أن استهداف هذا المثلث كاملا يعني محاولة تعطيل منظومة القيادة والسيطرة ومنع الحزب من إعادة التموضع.

ويعيد ذلك إلى مقدمة الهجوم الأخير، إذ تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن مشاركة رئيس الأركان في الإشراف على العملية بعد ورود معلومات حول وجود الهدف داخل منطقة مكتظة بالسكان، بينما أكدت تقديرات أمنية إسرائيلية نجاح الاغتيال، في وقت وُضعت الدفاعات الجوية في حالة استعداد تحسبا لأي رد من حزب الله.

3 دوائر مستهدفة

ويشرح حنا أن إسرائيل تعتمد منهجا غربيا يقوم على 3 دوائر متتابعة: ضرب القيادة العليا، ثم البنى التحتية، ثم القدرات العملانية والتكتيكية، معتبرا أن خسارة قائد من الصف الأول لا يمكن تعويضها سريعا، لأن إعادة إنتاج الخبرة القتالية والمعرفة الجغرافية وأساليب القيادة تحتاج إلى تراكم طويل.

إعلان

وذهب حنا إلى أن استهداف شخصية بحجم رئيس أركان -كما تقول إسرائيل- يعيد المشهد إلى ما حصل عند اغتيال فؤاد شكر مطلع الحرب.

وتزامن ذلك مع تأكيد نتنياهو أن حكومته ستواصل ضرب حزب الله في كل زمان ومكان، بينما شهد الأسبوع الماضي تكثيفا للغارات في الجنوب والبقاع، وصولا إلى واحدة من أعنف الضربات منذ الهدنة في غزة، وهو ما ترى فيه دوائر إسرائيلية محاولة لمنع الحزب من إعادة بناء منظوماته العسكرية أو تحسين قدراته الهجومية.

ويرى حنا أن الاستهداف المتواصل يهدف إلى تعطيل إعادة تركيب المستويات القيادية الثلاثة داخل الحزب، سواء على المستوى الإستراتيجي أو العملاني أو التكتيكي، مبينا أن أي قائد جديد يحتاج إلى وقت لإعادة فهم مناطق الانتشار وتحديث خطط القتال.

قطع الرأس

ويضيف أن إسرائيل تعمل ضمن مقاربة "قطع الرأس" كي تمنع الحزب من ترميم شبكة الربط بين قطاعات جنوب الليطاني وشماله والبقاع.

ويرى حنا أن عدم إصدار إسرائيل خريطة إخلاء للضاحية كما فعلت في مواقع أخرى دليل على استهداف "شخصية محددة" تتطلب عنصر المفاجأة، مشيرا إلى أن العملية تستلزم مراقبة استخباراتية بشرية، ورصدا مستمرا لنمط تحركات الهدف، إضافة إلى وجود الطائرات في الجو بانتظار ضوء أخضر لحظي للتنفيذ.

أما بشأن ما كشفه موقع "أكسيوس" عن أن واشنطن لم تُبلَّغ مسبقا بالهجوم، فيعتبر حنا ذلك مؤشرا إلى رغبة إسرائيل في منع أي احتمال لعرقلة العملية من جانب الولايات المتحدة، لافتا إلى أن واشنطن تسمح في الفترة الحالية بهوامش أوسع لإسرائيل على الساحة اللبنانية، مقارنة بمستوى التقييد المفروض على العمليات في غزة وسوريا.

ويضيف أن الاستهدافات تأتي ضمن سياق فرض قواعد اشتباك جديدة في ظل تراجع فعالية اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، وفي ضوء الرغبة الإسرائيلية بإعادة صياغة الوضع جنوب الليطاني بما يشبه ما حدث بعد اتفاق 17 أيار عام 1983، لكن ضمن مقاربة أمنية أكثر صرامة هذه المرة.

ويحذر حنا من أن استمرار هذه الوتيرة سيضع اللبنانيين أمام تحديات أمنية وسياسية كبرى، خصوصا في ظل محاولات إسرائيل تكريس وقائع ميدانية قبل أي مفاوضات لاحقة، مشددا على أن الضربة الأخيرة تحمل رسالة بأن تل أبيب تريد موقعا تفاوضيا أقوى، وتسعى إلى فرض خطوط جديدة بمعزل عن الموقف الدولي.

0 تعليق