دراسة: الإرهاق في غرف الأخبار مأساة للصحفيين وتهديد لحرية الصحافة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

سلطت حاضنة تعليم وتطوير وسائل الإعلام "آي إم إي دي دي" (IMedD) الضوء على ظاهرة الإرهاق في غرف الأخبار، محذرة من أنه لم يعد مشكلة وظيفية فحسب، بل هو تهديد لحرية الصحافة.

وأشارت "آي إم إي دي دي" إلى انتشار واسع للإرهاق بين الصحفيين في أوروبا -وفق باحثين- إذ يواجه كثير منهم ضغوطا مالية ومهنية وصدمات يومية.

ولا يزال الصحفيون يعملون دون توقف لساعات طويلة، وغالبا ما يشهدون صدمات، وأحيانا يلاحقهم التحرش على الإنترنت وفي الشوارع، في وقت تزداد الضغوط الحكومية والرقابة عليهم.

ووفق استطلاع جديد أجراه مشروع "تاك تاك ميديا" -بدعم من الاتحاد الأوروبي– يقول 6 من كل 10 صحفيين في أوروبا إنهم عانوا من الإرهاق، في حين يقول عدد مماثل تقريبا (62%) إنهم يعانون من عدم الاستقرار الوظيفي والحاجة إلى القيام بأعمال إضافية لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية.

" frameborder="0">

ما الإرهاق؟

وبحسب خبراء يختلف الإرهاق عن الإجهاد اليومي الذي يتمثل بالضغط العادي الذي يواجهه الصحفيون في عملهم أو حياتهم، مثل المواعيد النهائية، والمهام المتزاحمة.

ولا تصنف منظمة الصحة العالمية الإرهاق على أنه اضطراب طبي، بل ظاهرة في مكان العمل، وهو نتيجة الإجهاد المزمن الذي لم يجرِ التعامل معه بنجاح.

وفي أحدث تصنيف للأمراض، تصفه المنظمة بأنه شعور متزايد بالانفصال أو السلبية تجاه العمل، وانخفاض في الفعالية المهنية.

وتنقل "آي إم إي دي دي" عن بروس شابيرو مدير المركز العالمي للصحافة والصدمات قوله إن دماغ الصحفي يمكن أن يتعثر عند تعرضه لضغط مفرط، مضيفا "إذا كان هناك ضغط مفرط على مستوى عال جدا لفترة طويلة جدا، يمكن أن يفقد الصحفيون حقا قدراتهم المهنية وحافزهم وقدرتهم على الوفاء بالمواعيد النهائية".

ويشدد شابيرو على ضرورة الانتباه إلى ذلك، لأنه يمكن أن يدمر مسيرة الصحفي المهنية، وهو ما اعتبره ليس فقط مأساة شخصية لهذه الفئة، بل خسارة لحرية الصحافة، لافتا إلى أن الصحفي الذي يُهمش بسبب إصابة نفسية يجري إسكاته كما لو كان مسجونا.

Business, headache and man in office, laptop and tired with fatigue, journalist and pressure. Stress, person and employee in workplace, computer or migraine with anxiety, exhausted or editing mistake; Shutterstock ID 2670757755; purchase_order: aj; job: ; client: ; other:
6 من كل 10 صحفيين في أوروبا قالوا إنهم عانوا من الإرهاق (شترستوك)

إجهاد أم صدمة نفسية؟

وتنصح الدكتورة كيت بورترفيلد إحدى الخبيرات المشاركات في منتدى الصحافة الدولية التابع -لحاضنة تعليم وتطوير وسائل الإعلام- الصحفيين بمراقبة ردود أفعالهم.

إعلان

وتلفت بورترفيلد، وهي عالمة نفسية تتمتع بخبرة 25 عاما في العمل مع الأفراد المتأثرين بالصدمة النفسية والاضطهاد والعنف -بما في ذلك الصحفيون والمهنيون في مجال حقوق الإنسان– إلى أن ثمة فروقات بين الإجهاد والصدمة النفسية، مشيرة إلى أن كليهما يمكن أن يؤثر على جانب من جوانب وظائف الإنسان البيولوجية والنفسية والاجتماعية.

وتأتي الصدمة من التعرض لمواد مزعجة أو مخيفة أو عنيفة، مثل رؤية أو سماع أو نقل أحداث صادمة، وتؤدي إلى رد فعل جسدي وعاطفي.

" frameborder="0">

علامات الإرهاق

وأضافت الدكتورة بورترفيلد أن الإرهاق ينبع من متطلبات الوظيفة نفسها: المهام المتكررة، أو الافتقار إلى السيطرة، أو الشعور بالجمود وتراجع القيمة.

وفي حديثها إلى "آي إم إي دي دي" قالت كيم برايس مؤسِسة "ذا سيلف إنفيستغيشن" وهي منظمة تركز على الصحة النفسية للصحفيين "عندما يشعر شخص ما بالإرهاق لعدة أشهر متتالية، وليس لمدة أسبوع أو أسبوعين فقط، تبدأ علامات الإرهاق في الظهور".

وقد يجد الصحفيون صعوبة في إنجاز مهامهم اليومية، ويشعرون بأنهم ليسوا على طبيعتهم، وحتى يتجاهلون المخاوف المتكررة من الأصدقاء والعائلة. وهذه كلها علامات على بدء ظهور الإرهاق، ورغم ذلك يبقى الإرهاق أمرا غير واضح تماما، إذ يواجهه الصحفيون بطرق مختلفة، وفق برايس.

وقالت أيضا "نحن نأخذ أنفسنا بالكامل إلى العمل، ويمكننا فصل المنزل والعمل في أذهاننا، وحتى جسديا، لكن أجسادنا وحالتنا العاطفية لا تعترف بهذه الحدود".

ويمكن أن تؤثر الأبوة والأمومة، والصدمات الشخصية، والاختلافات العصبية، وحتى التغيرات الهرمونية، على طريقة استجابة الناس للتوتر، مما يؤدي غالبا إلى تعميق أو تسريع الإرهاق.

إستراتيجيات التأقلم

وحسب بورترفيلد، يحتاج الصحفيون إلى مجموعتين منفصلتين من الأدوات: واحدة لإدارة المواد الصادمة في الميدان، والأخرى للتعامل مع التوتر والإرهاق في مكان العمل. وأضافت أن الأدوات قد تتداخل، لكن فهم الفرق بينها يساعد الصحفيين على حماية أنفسهم والتعافي بشكل فعال.

وأشارت إلى دعم الزملاء بعضهم البعض باعتباره نهجا فعالا، لا سيما للمهن المعرضة بانتظام للصدمات، وقالت "من المثير للاهتمام أن الناس في العديد من المجالات يفضلون الانفتاح على أقرانهم أكثر من أي شخص آخر".

وقد ساعد دعم الأقران في تطبيع التجارب الصعبة وربط الصحفيين بالمساعدة المناسبة التي يحتاجونها. وتلفت بورترفيلد إلى أن الصحفيين الذين غالبا ما يفخرون بكونهم أقوياء سيستفيدون من الانفتاح أكثر على زملائهم الذين يفهمون طبيعة الضغوط التي يعيشونها.

Employees work in the Reuters newsroom in London. REUTERS/Simon Newman
هناك علامات على الإرهاق كأن يجد الصحفيون صعوبة في إنجاز مهامهم اليومية ويشعرون بأنهم ليسوا على طبيعتهم (رويترز)

مسؤولو غرف الأخبار كمعالجين نفسيين

وقال شابيرو لحاضنة تعليم وتطوير وسائل الإعلام "الإرهاق هو القاتل الصامت لمسيرة الناس المهنية" مضيفا أن البيئة الاجتماعية في غرفة الأخبار تلعب دورا حاسما بالنسبة للصحفيين الذين يعانون من الإرهاق والصدمات.

وكما أشار مدير المركز العالمي للصحافة والصدمات، تظهر الدراسات أن المراسلين وفرق الأخبار التي تغطي الأحداث الصادمة تواجه خطرا أكبر للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، لا سيما عندما تكون إدارة غرفة الأخبار غير كافية، مما يؤكد أهمية القيادة الداعمة في مكان العمل.

إعلان

وقال أيضا "نشأت في عصر كان من الطبيعي فيه أن ترمي الآلة الكاتبة عبر غرفة الأخبار إذا كنت غاضبا، وهذا لا يعني أن قادة غرفة الأخبار يجب أن يتصرفوا كمعالجين نفسيين. وعلى العكس من ذلك، فإن دورهم هو الإدارة بهدوء وترو وبناء الثقة في عملهم".

ويوصي قادة غرفة الأخبار بدعم فرقهم قبل وأثناء وبعد المهام الصعبة، في حين تركز المؤسسات أيضا على الأجور العادلة وظروف العمل العامة.

وحسب برايس، فإن الدعم المتبادل بين الزملاء ضروري بين مديري غرف الأخبار بقدر أهميته بالنسبة للصحفيين الأفراد، مضيفة "نرى أن العديد من الإدارة الوسطى لا يخصصون الوقت الكافي للجلوس والتفكير الجماعي، لذا فإن تخصيص وقت للتفكير في أي مستوى إداري أمر أساسي".

وأشارت أيضا إلى أن إدارة الصحفيين في غرف الأخبار تواجه تحديا أكبر، إذ يقوم العديد من مديري غرف الأخبار فعليا بوظيفتين: قيادة التغطية الإخبارية ودعم الصحفيين. وما يحدث غالبا أن هؤلاء المديرين يعملون في نوبتين: الأخبار وإدارة الأفراد، وغالبا ما يقضون وقتا أطول في الأخبار وأقصر مع الأفراد.

0 تعليق