ذاكرة النزوح اللبنانية: 76 عاما من التهجير والصمود المتكرر - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

تتواصل معاناة 96 ألف نازح من جنوب لبنان بعد مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية واحتلال مناطق تمنعهم من العودة إلى منازلهم المدمرة.

وتبقى 24 قرية حدودية مفرغة من سكانها بالكامل أو بشكل شبه كامل، بينما تتجاوز الأضرار المادية 3 مليارات و400 مليون دولار للمباني والبنى التحتية وحدها.

وسلطت فقرة "نافذة إنسانية" الضوء على واقع النازحين الذين خسروا كل شيء في حرب أفرغت قراهم وحولت حياتهم إلى معاناة يومية بين الانتظار والخوف.

وعكست صورة امرأة منهكة خرجت من بلدة يارون قبل عام ملامح القلق والخوف التي ما زالت حاضرة على وجوه آلاف الجنوبيين، بينما جسدت صورة اللبناني أسعد بزيع جالسا قرب منزله المدمر في زبقين بداية نزوح لم يتوقف حتى اليوم.

وفي سياق متصل، عبّر النازحون عن معاناتهم القاسية، حيث روت إحدى النازحات من كفركلا أنها تركت بلدتها منذ بداية الحرب وأمضت 3 سنوات خارج منزلها المدمر بالكامل، مضطرة لبيع ذهبها لشراء معدات عمل بسيطة تساعدها على الاستمرار.

في حين أضاف نازح آخر أنه فقد 90 تنكة زيت سنويا كان ينتجها، إضافة إلى 50 رأس نحل، ولم ينقذ من منزله سوى عصا يتكئ عليها.

وكشفت الأرقام الرسمية عن حجم الكارثة الإنسانية، إذ تضررت نحو 240 ألف وحدة سكنية بين تدمير كلي وأضرار جسيمة وطفيفة.

ويتوزع النازحون البالغ عددهم 96 ألفا على أقضية صور وصيدا والنبطية وبيروت وجبل لبنان، في حين لا يتجاوز عدد المقيمين في مراكز الإيواء الحكومية 1300 نازح فقط.

أضرار اقتصادية

وعلى صعيد الأضرار الاقتصادية، قدر البنك الدولي أضرار القصف المباشر على المباني والبنى التحتية بـ3 مليارات و400 مليون دولار، بينما تضرر اقتصاد الجنوب بأكثر من 5 مليارات دولار إجمالا، مما يعكس عمق الأزمة التي يواجهها الجنوب اللبناني.

إعلان

وفي إطار تاريخي، بدأ درب النزوح في الجنوب اللبناني عام 1948 مع مجزرة حولا التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه وأسفرت عن مقتل 94 لبنانيا وإعدام 34 معتقلا.

وتكررت موجات النزوح مع عملية الليطاني 1978 التي أنشأت شريطا أمنيا عازلا، ثم اجتياح 1982 الذي حول بيروت لأول عاصمة عربية يحتلها الجيش الإسرائيلي، ليستمر الاحتلال نحو 18 عاما حتى الانسحاب عام 2000.

وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح الأكاديمي في العلوم الاجتماعية الدكتور سعيد عيسى أن الجنوب اللبناني يحمل "ذاكرة خزانة" لمآسٍ متواصلة عبر 6 أو 7 أجيال منذ 1948.

وأشار إلى أن الجنوبيين يعيشون ذاكرتين متلاصقتين: ذاكرة التهجير وذاكرة الصمود، حيث يعيدون بناء منازلهم رغم إدراكهم أنها قد تُدمر مجددا.

وأضاف عيسى أن إعادة البناء ليست مجرد إعادة إعمار للحجر، بل هي إعادة بناء للذكريات والحنين واليوميات المختزنة في تلك البيوت والقرى.

وأكد أن المنزل في وعي الجنوبي ليس حجرا فقط، بل هو علاقات جيرة ومواسم زيتون وأعراس ومآتم، وهذا ما يجعل التشبث بالأرض متجذرا في الوجدان الجماعي للجنوبيين.

وختم التقرير بالتأكيد على أن حرب أكتوبر/تشرين الأول 2024 على لبنان شكلت أكبر خلخلة ديمغرافية للجنوب منذ حرب 2006، مع عودة الخشية من تحول النزوح المؤقت إلى احتلال دائم للشريط الحدودي، وهو ما يعيد إلى الذاكرة شبح المناطق الأمنية العازلة التي عاشها الجنوب عقودا طويلة.

0 تعليق