عاجل

خريطة القتال بجنوب كردفان وسيناريوهات فك حصار كادقلي والدلنج - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الخرطوم- خلال أيام محدودة حقق الجيش السوداني تقدما ميدانيا نوعيا في ولاية جنوب كردفان، حيث استعاد السيطرة على 8 مناطق كانت خاضعة لسيطرة الحركة الشعبية–شمال بقيادة عبد العزيز الحلو منذ العام 2011.

ويعتبر مراقبون هذا التقدم تحولا مهما يعكس تمدد رقعة العمليات العسكرية وتراجع الحركة الشعبية/شمال في الولاية التي تشكل الضلع الثالث في إقليم كردفان مع ولايتي شمال وغرب كردفان، الواقعة في جنوب البلاد.

وبعدما ظلت هادئة منذ نحو 13 عاما أيضا، قصفت مسيّرات الجيش السوداني منطقة كاودا؛ وهي المعقل العسكري والسياسي للحركة الشعبية-شمال وذلك بعد هجمات متتالية شنتها قوات الدعم السريع والحركة الشعبية على بلدة كرتالا الزراعية. لكن الجيش أحبط المخطط الذي كان يرمي لقطع الطريق بين مدينتي كادقلي والدلنج.

خريطة كردفان السودان
خريطة إقليم كردفان جنوب السودان (الجزيرة)

ما المناطق التي هاجمها الجيش السوداني مؤخرا؟ وما حجم التقدم الميداني فيها؟

يسيطر الجيش على غالب ولاية جنوب كردفان ولكن الحركة الشعبية-شمال تحاصر كادقلي عاصمة الولاية والدلنج ثانية كبرى مدن الولاية، وبعد تحالفها مع قوات الدعم السريع منذ فبراير/شباط الماضي اشتد الحصار على المدينتين، في حين يسيطر الدعم السريع على محلية القوز في شمال الولاية.

وخلال الأيام الماضية كثّفت قوات الحلو والدعم السريع قصف كادقلي والدلنج بالطيران المسير والمدافع، وشنّت حملة لتجنيد الشباب قسريا في صفوفها من مناطق شرق الولاية.

وشملت المناطق التي استعاد الجيش السيطرة عليها في محليتي العباسية وأبو جبيهة في شرق الولاية، كلا من تبسة، والدامرة، والشاواية، والجبيلات، والسنادرة، وجوليا، والموريب، وهي مواقع ذات تضاريس معقدة مما أكسب العملية أهمية عسكرية.

لماذا يُعد هذا التطور مهما؟ وما أهمية المناطق التي تمت استعادتها بعد أن ظلت بيد قوات الحلو منذ 13 عاما؟

أتى هجوم الجيش على المناطق الشرقية لولاية جنوب كردفان ضمن حملته لتحرير كردفان والانطلاق نحو إقليم دارفور، حيث أعلن مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا الخميس الماضي، عن نقل مركز العمليات العسكرية بالكامل إلى كردفان.

إعلان

وقال العطا "أعددنا العدة لعمليات عسكرية حتى الحدود الدولية، وستنطلق قواتنا من مدينة الأبيّض حاضرة ولاية شمال كردفان لتحرير كل المناطق الواقعة خارج سيطرة الجيش".

وتُعد المناطق التي حررها الجيش ذات أهمية، كما يقول الخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم للجزيرة نت، لموقعها في محلية العباسية المتاخمة لشمال كردفان، ولقربها من الطريق القومي الذي يربط بورتسودان مع الأبيّض، وتتخذها الحركة الشعبية مواقع للتدريب ومخزونا بشريا للحركة.

القائد/ عبد العزيز الحلو رجل المهام الصعبة و السلام<br />المصدر : موقع الحركه الشعبيه لتحرير السودان -شمال
الحركة الشعبية-شمال بقيادة الحلو تحالفت مع الدعم السريع منذ فبراير/شباط الماضي (موقع الحركة على الإنترنت)

ما خلفية الصراع بين الجيش والحركة الشعبية–شمال؟

الحركة الشعبية-شمال جزء من "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي أسسها جون قرنق في جنوب السودان في عقد الثمانينيات. وفي فبراير/شباط 2011 قرَّرت حركة قرنق فك الارتباط  سياسيا تنظيميا وإداريا وعسكريا مع الحركة بالشمال بعد انفصال الجنوب عن البلاد.

وفي يونيو/حزيران 2011، رفعت الحركة الشعبية-شمال السلاح في وجه الحكومة الاتحادية، وسيطرت على محليات البرام وأم دورين وهيبان وبعض الجيوب في محليات أخرى.

ودارت معارك دامية بين الجيش والحركة التي كان يقودها مالك عقار قبل إقالته في مارس/آذار 2017، وتكليف نائبه عبد العزيز الحلو برئاستها.

ووقّعت الحركة الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول 2019 اتفاقا لوقف لإطلاق النار مع حكومة الرئيس السابق عمر البشير، وظل يُجدد كل 6 أشهر حتى اندلعت الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023.

قوات الدعم السريع في غرب كردفان قناة الدعم السريع على تليغرام
قوات الدعم السريع في غرب كردفان (قناة الدعم السريع على تلغرام)

ما علاقة قوات الدعم السريع بما يجري في جنوب كردفان؟

سيطرت قوات الدعم السريع في أول مرحلة الحرب على محلية القوز في شمال ولاية جنوب دارفور. ولكن بعد تحالفها مع حركة الحلو قبل 9 أشهر نقلت بعض قواتها الى الولاية وخاضت معها عمليات مشتركة للاستيلاء على الدلنج، ومنطقة هبيلة الزراعية، والانتشار في أجزاء من محليتي العباسية وأبو جبيهة.

ويُجري الجانبان عمليات تجنيد وتدريب في معسكر بمنطقة كاودا (معقل الحركة الشعبية)، الذي قصفه طيران الجيش قبل أيام بما فيه من مخازن أسلحة.

ما طبيعة التحالف الأخير بين الحلو وقوات الدعم السريع؟

يوضح الخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم للجزيرة نت، أن الدعم السريع بعد خروجه "مهزوما" من ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار "ومتهما بارتكاب انتهاكات واسعة"، أراد أن يقدم نفسه بوجه جديد فأنشأ مع فصائل أخرى تحالف السودان التأسيسي "تأسيس".

كما سعى قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي يتزعم التحالف أيضا، إلى استقطاب حركة تملك قوة عسكرية، فلجأ الى الحلو لتوسيع نطاق الحرب في كردفان بغية تعزيز موقفه العسكري والتفاوضي، والاستفادة من تجربة الحلو العسكرية والسياسية حيث جرى اختياره نائبا لرئيس التحالف.

وفي المقابل، تبنى تحالف "تأسيس" رؤية الحلو في "علمانية" الدولة حيث ظل يتمسك بها خلال كل جولات التفاوض مع الحكومة السودانية في عهد حكومة البشير والحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك.

هل هناك دوافع عسكرية أو سياسية أو إستراتيجية وراء العملية؟

يقول الكاتب المتخصص في شؤون كردفان يوسف عبد المنان للجزيرة نت، إن الجيش بادر بالهجوم على المنطقة الشرقية في جنوب كردفان بعد أن وصلت لقوات الحركة الشعبية إمدادات ضخمة عن طريق جنوب السودان، تشمل مسيّرات ومدافع و40 مركبة قتالية عليها مدافع إلى رئاسة الحركة في جبل طاسي.

إعلان

وحسب الكتاب، فقد استهدف الجيش تأمين طريق أم روابة- العباسية- أبوجبيهة بعد أن أصبح تحت مرمى نيران الحركة الشعبية بسلاحها الجديد. لذلك استعاد مناطق تبسه الموريب وشمشكه مما حجّم تمدد الحركة شمالا نحو العباسية وأم روابة وشرقا الطريق الدائري، الذي كان يشكل دخول الدعم السريع لها وتنسيقه العملياتي فيها مع الحركة تهديدا حتى لمدن أم روابة والرهد في ولاية شمال كردفان.

" title="كردفان">

كيف أثّر التحالف الجديد على ميزان القوة؟

استفاد الحلو من التحالف مع الدعم السريع بالحصول على السلاح، ولكنه يواجه رفضا داخليا من أبناء جبال النوبة لشكوكهم في نوايا حليفهم الجديد ورفضهم لأي تقارب مع "الجنجويد" (الاسم السابق للدعم السريع).

كما يرى الباحث العسكري الأمين محمد الطيب في حديث للجزيرة نت، أن التحالف بين حميدتي والحلو هو "زواج مصلحة" لم يثمر سياسيا أو عسكريا، وأن كثيرا من مقاتلي الحركة الشعبية رفضوا قيام قوات الدعم السريع بمهاجمة مدينة الدلنج، بل وقاتل بعضهم للدفاع عن المدينة.

ما موقف الحركة الشعبية-شمال من الهجمات؟

أصدرت حركة الحلو بيانا اتهمت فيه طيران الجيش بقصف مواقع مدنية ومعسكرات نازحين في المدارس بمنطقة كاودا، غير أن منصات قريبة من الجيش ذكرت أن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن الضربات الجوية استهدفت معسكرات تدريب وتعبئة ومخازن أسلحة ومركبات قتالية.

وأصدر تحالف "تأسيس" بيانا مماثلا، قال فيه إن قصف مسيّرات الجيش أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين.

وعدّ الكاتب يوسف عبد المنان قصف طيران الجيش، يوم الخميس الماضي، مدينة كاودا رسالة من القوات المسلحة بأنها قادرة على ضرب أعماق معسكرات الحركة الشعبية.

لكن بتقديره، لن يمضىي الجيش كثيرا في ضرب مواقع الحركة لحسابات سياسية، وتجنبا لفقدان دعم قطاعات واسعة من قبائل النوبة له. "ثم إن كاودا ليس بها وجود عسكري كبير وهي أقرب لمعسكر للنازحين ومقر لمنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الغربية التي تدخل السودان حتى من دون موافقة الحكومة".

ماذا تعني الهجمات بالنسبة للمدنيين؟

لم تصدر معلومات رسمية عن حجم النازحين في هذه المنطقة، غير أن بيانا لمنظمة الهجرة الدولية ذكر أن 1625 شخصا نزحوا من كرتالا بجنوب كردفان بسبب تفاقم انعدام الأمن إلى مواقع متفرقة في أنحاء محلية دلامي.

وقالت المنظمة إن الوضع لا يزال متوترا ومتقلبا، ولا سيما بعد أن شهدت منطقة كرتالا، في الجبال الستة بمحلية هبيلا، مؤخرا، معارك بين الجيش من جهة والحركة الشعبية وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

كما تحدثت منظمات محلية في كردفان عن فرار مئات المدنيين من قراهم في محلية العباسية بسبب التجنيد القسري للشباب من الحركة الشعبية، ولتصاعد المواجهات العسكرية بين الجيش والحركة في عدة قرى بشرق الولاية.

وبثت مواقع إلكترونية مقاطع مصورة لعناصر من الجيش يعلنون فيها سيطرتهم على منطقة تبسة والدامرة وسط فرحة المواطنين وهتافهم بالتكبير والتهليل.

كيف سيؤثر هذا التطور على المشهد العسكري في السودان؟

يعتقد الباحث العسكري الأمين محمد الطيب، أن العمليات العسكرية في كردفان لم تبلغ ذروتها بعد، حيث لا توجد مؤشرات على تغيير في الميزان العسكري بشكل كبير رغم تفوق الجيش جويا وتمكنه من تحييد قيادات ميدانية للدعم السريع وتدمير قدرات الحركة الشعبية، وتوقّع أن تتأرجح العمليات وخاصة مع سعي الجيش لإنهاء حصار كادقلي والدلنج.

أما المحلل يوسف عبد المنان، فيرى أن العمليات الحالية بعيدة عن الدلنج وكادقلي، إلا إذا كانت هناك تكتيكات عسكرية للسيطرة على أطراف جبال النوبة حتى يسهل على القوات المسلحة حينها السيطرة على الطريق القومي وفك الحصار عن المدينتين.

ما السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة؟

حسب الخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم، فإن الجيش سيعمل خلال المرحلة المقبلة لاستعادة السيطرة على محلية القوز في شمال ولاية جنوب كردفان، لأن عاصمتها الدبيبات تقع في موقع إستراتيجي حيث تربط ولاية شمال كردفان مع ولايتي غرب كردفان في الطريق الى أبو زبد غربا والى الدلنج في جنوب كردفان جنوبا، وقطع خطوط الإمداد لقوات الدعم السريع عبر جنوب السودان واستنزاف قدرات حركة الحلو.

إعلان

ويرى الخبير العسكري أن العمليات الأخيرة عكست ضعف قدرات الحركة البشرية، وعدم فاعلية قوات الدعم السريع التي لم تتدرب على القتال في المناطق الجبلية.

0 تعليق