سجن صيدنايا "المسلخ البشري" الذي ابتلع أبناء أم كارم الـ6 وآلاف السوريين - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

بين فرحة آلاف العائلات السورية برؤية أبنائها يعودون إلى أحضانهم بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد أعلنت المعارضة السورية إسقاط حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من 50 عاما، وبقيت بعض الأمهات على أبواب الانتظار، يحدوهن الأمل في عناق أبنائهن، لكن ذلك الأمل مات قبل أن يولد.

في ريف درعا، تعيش "أم كارم" واحدة من أكثر قصص الفقد والحرمان إيلاما، بعدما خطفت الاعتقالات في زمن نظام الأسد منها ستة أبناء، ولم تر أيا منهم منذ سنوات.

تفاصيل الاعتقال

وتروي أم كارم لمراسل "سوريا الآن" مالك أبو عبيدة تفاصيل تلك المأساة: "أولادي ستة.. ستة الحمد لله رب العالمين، كلهم اعتقلوهم وما طلعوش".
وتستعيد بصوت منكسر يوما أسود في حياة عائلتها، حين لجأت قوات المعارضة في درعا إلى الوديان، اعتقل النظام أبناءها مع كثيرين كانوا يفرون هربا. ومنذ ذلك اليوم، لم يفرج عن أي منهم.

وتضيف أن جنود النظام حينها كانوا يتركون النساء ويقبضون على الرجال، بذريعة ما سموه "التسويات"، ليقتادوا من يقع في قبضتهم مباشرة إلى السجون.

وتقول إنها زارت أبناءها أربع مرات في بدايات الاعتقال، لكنهم لاحقا اختفوا في سجن صيدنايا، المعروف بـ"المسلخ البشري"، ولم تعد تعرف عنهم شيئا. وفي كل زيارة، كان الرد نفسه: "مش موجودين".

رسائل من وراء القضبان

وتشير أم كارم إلى أنها كانت تتلقى أخبارا خفية عن أبنائها من معتقلين آخرين، كانوا يرسلون السلامات إلى أهاليهم كإشارة على وجودهم داخل السجن، لكن تلك الرسائل لم تتحول يوما إلى لقاء حقيقي. وتقول بأسى: "ما عادش والله شوفتهم يوم، ما ظل عندي غير رب العالمين. أبوهم انجلط وراهم وتوفى، والبيت اللي كان يعج بالحياة صار فاضي".

إعلان

وتفرق أبناء أم كارم بين السجون والمنافي؛ اثنان اعتُقلا في الوادي بريف درعا، واثنان حاولا الهرب عبر مهرب إلى تركيا أو إدلب، لكنهما أُوقفا وأعيدا إلى صيدنايا.

وأحدهم وصل إلى تركيا، لكنه حين عاد لزيارة أمه، أوقفه حرس الحدود وأُرسل مباشرة إلى السجن. أما الآخر، وكان في الصف الحادي عشر، فقد أجبر على الانضمام إلى إحدى الفصائل ثم اعتقل هو الآخر.

الأمل انهار

مع سقوط نظام الأسد، تجدد الأمل لدى أم كارم، فكانت من مئات الأمهات اللواتي انتظرن عند بوابات السجون، يستمعن للأسماء التي تُعلن تباعًا. لكنها لم تسمع أسماء أبنائها، ولم يُفتح لها الباب لرؤيتهم.
اليوم، تقول الأم المكلومة، إنها لم تعد تنتظر لقاءهم على هذه الأرض، بل ترجوه في الآخرة: "إن شاء الله أرتقي أنا وإياهم، بدنا عن النعيم إن شاء الله".

حكاية أم كارم ليست إلا صورة مصغرة لمأساة آلاف العائلات السورية التي تلاشى حلمها بلقاء أحبائها، بعدما خرج آخر المعتقلين من السجون دون أن يكون أبناؤهم بينهم.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا، محمد رضا جلخي، أن عدد الأشخاص الذين فُقدوا خلال عقود حكم عائلة الأسد، وفترة الحرب التي أعقبت الثورة، قد يتجاوز 300 ألف شخص. وأضاف جلخي -رئيس الهيئة التي شُكّلت في مايو/أيار الماضي- أن تقديراتهم تشير إلى أن العدد يتراوح بين 120 و300 ألف شخص، وربما أكثر، نظرًا لصعوبة الحصر، مشيرًا إلى أن صلاحيات الهيئة تمتد من عام 1970 إلى الوقت الراهن، دون إطار زمني محدد لإنهاء عملها.

0 تعليق