روبوت بالمنزل.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي شكل الأبوة والأمومة؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

في عصر يتسارع فيه نبض الحياة، أصبح الذكاء الاصطناعي "الصديق الرقمي" الذي يخفف العبء في حياتنا اليومية. ملايين الأمهات والآباء حول العالم باتوا يلجأون إلى تطبيقات مثل "شات جي بي تي" (Chat GPT) وبرامج أخرى مخصّصة للوالدية، للحصول على إجابات سريعة ومساعدة في اللحظات التي تتطلب دعما فوريا. وفي حين يبدو هذا التغيير مشجعا، يطرح في الوقت نفسه أسئلة جوهرية حول الأمان، الصحة النفسية، والحدود التي يجب أن يقف عندها الذكاء الاصطناعي داخل البيوت.

لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا من الروتين الأسري؟

دخل الذكاء الاصطناعي إلى حياة الأسر مع ازدياد الحاجة إلى تخفيف الحِمل الذهني الذي تتحمله الأمهات يوميا. وتوضح ليلو مارشيلو، مؤسسة تطبيق "أوهاي.إيه آي" (Ohai.ai) الذي أُطلق في يناير/كانون الثاني 2024، في مقابلة مع مجلة فوربس أن أداتها ساعدت آلاف الأمهات في إدارة تفاصيل الحياة اليومية، بدءا من حجز مواعيد الأطباء، وصولا إلى تخطيط الوجبات.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وتقول "بصفتي أما لـ3 أطفال، كنت أغرق في المهام اللوجستية، لكن تطبيق "أوهاي إيه آي" يرسل تذكيرات يومية ويحوّل الجدولة العائلية إلى لعبة ممتعة للأطفال".

أما على نطاق أوسع، فيشير تقرير نُشر عام 2024 في المكتبة الرقمية العالمية التابعة لـ"جمعية الحوسبة الآلية" (ACM Digital Library)، إلى أن 71% من الآباء استخدموا "شات جي بي تي"، وأكثر من نصفهم اعتمدوا عليه مباشرة في مهام تتعلق بالأبوة والأمومة. وشملت استخداماته البحث عن إستراتيجيات للتعامل مع السلوكيات اليومية، وشرح المصطلحات الطبية الواردة في تقارير أطباء الأطفال بلغة بسيطة.

دعم فوري.. ونفسي أحيانا

يؤكد خبراء علماء النفس أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون "نقطة بداية" ممتازة لحل المشكلات اليومية، خصوصا في لحظات الضغط الحاد.

تقول الدكتورة صوفي بيرس، في موقع "بيرنتس"، والمتخصصة في علم نفس الأطفال والمراهقين، بأن كثيرا من الأمهات يلجأن للذكاء الاصطناعي عند الشعور بالارتباك أو نقص في القدرة على التفكير بوضوح "عندما تتراكم الضغوط، يفقد الأهل القدرة على اتباع الأدوات التي يعرفونها. والذكاء الاصطناعي قد يوفر الشرارة الأولى لاستعادة التفكير المنطقي".

إعلان

ويستخدم بعض الأهل هذه التطبيقات لشرح الحالات الصحية لأطفالهم بطريقة مبسّطة، أو لفهم سلوكيات الرضّع بشكل أفضل، أو لتنظيم الروتين اليومي داخل الأسرة.

المصدر: فريبيك الإدمان العائلي للشاشات - الإفراط في استخدام الشاشات لدى الآباء والأطفال
تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت منصة متكاملة لتخطيط شؤون الأسرة (فريبيك)

من الأنشطة الترفيهية إلى الرحلات العائلية

لم تعد الفائدة محصورة في تقديم النصائح، فقد أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي منصة متكاملة لتخطيط شؤون الأسرة:

ابتكار أنشطة للأطفال حسب العمر والاهتمامات. إدارة التمارين المدرسية وتبسيط الموضوعات المعقدة. كتابة رسائل رسمية للمدرسة بطريقة محترفة. اختيار الوجبات المناسبة للأطفال، خاصة الانتقائيين، في الطعام. تنظيم الرحلات العائلية بالكامل، من وجهات الإقامة إلى برنامج اليوم.

الجانب المظلم من الذكاء الاصطناعي

رغم فوائده الكثيرة، فإنه يحتوي على بعض السلبيات التي لا يمكن تجاهلها.

1. معلومات غير دقيقة أو متحيّزة

إن النماذج العامة للذكاء الاصطناعي ليست مدرَّبة بالضرورة على علم التربية أو علم نفس الطفل، وقد تقدم:

إجابات عامة وغير دقيقة. اقتراحات قد لا تتناسب مع ثقافة العائلة. حلولا قد تكون ضارة إذا طُبقت دون تقييم.

2. الاعتماد المفرط قد يزيد القلق

يشير علماء النفس إلى أن ما يُعرف بـ"البحث عن الطمأنينة" قد يؤدي إلى زيادة التوتر بدلا من تقليله. فكلما اعتاد الأهل اللجوء إلى إجابات فورية من الذكاء الاصطناعي، تراجعت تدريجيا ثقتهم بقدرتهم على اتخاذ القرار بأنفسهم، مما قد يعمّق شعور القلق بدلا من تخفيفه.

3. العزلة الاجتماعية

حذرت دراسة نشرت في "ذا أتلانتيك" عام 2025، من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي والذي يعزل الآباء عن الدعم البشري وطلب المساعدة والنصيحة، مما يقلل من التفاعلات العاطفية الحقيقية.

4. الخصوصية

هناك مخاوف حقيقية حول:

مشاركة معلومات حساسة عن الأسرة. حفظ بيانات الأطفال. استخدام هذه المعلومات لاحقا في التسويق أو لأغراض أخرى.

لذا، ينصح خبراء التقنية بعدم إدخال أي تفاصيل شخصية دقيقة، أو معلومات صحية حساسة.

نماذج تطبيقات للتنظيم والدعم اليومي

إلى جانب استخدام "شات جي بي تي" (ChatGPT) بصورته التقليدية، ظهرت خلال السنوات الأخيرة مجموعة من التطبيقات المصممة خصيصا لمساندة الأهل ومساعدتهم على إدارة تفاصيل الحياة اليومية بذكاء وسهولة. ومن أبرز هذه التطبيقات:

"أوهاي إيه آي" (Ohai.ai)

يُعد "أوهاي إيه آي" (Ohai.ai) من الجيل الجديد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة للأطفال، إذ يقدم تجارب تفاعلية آمنة تعتمد على المحادثة واللعب. يتميز بقدرته على توليد قصص وأنشطة إبداعية للأطفال، مع مراعاة قواعد الأمان الرقمي وإشراك الأهل في الإشراف.

"بارنت بال" (ParentPal)

يعد تطبيق "بارنت بال" (ParentPal) دفتر تربية رقميا شاملا. يساعد الآباء على تتبُّع نمو أطفالهم من الولادة وحتى السنوات الأولى عبر أدوات منظمة:

مراقبة مراحل التطور. وضع روتين يومي للنوم والطعام. الحصول على نصائح تربوية تعتمد على معايير علمية.

كما يوفر مكتبة أنشطة جاهزة يمكن تنفيذها في المنزل، مما يجعله خيارا ممتازا للأمهات العاملات أو اللاتي يبحثن عن محتوى موثوق به.

"كوزي" (Cozi)

يعد "كوزي" (Cozi) واحدا من أكثر التطبيقات انتشارا بين العائلات، لأنه يركز على تنظيم الحياة الأسرية. ويتيح التطبيق:

تقويما عائليا مشتركا. نماذج بقوائم مشتريات مفيدة. جدولة الأنشطة والمواعيد. مشاركة الملاحظات بين أفراد الأسرة.

إعلان

بفضل بساطته وواجهته العملية، أصبح كوزي بمثابة "مدير منزل" ذكي يساعد العائلات الكبيرة على إدارة الفوضى اليومية.

"بارك" (Bark)

أما "بارك" (Bark) فهو تطبيق مخصص لحماية الأطفال على الإنترنت. ويعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة مؤشرات الخطر في استخدامهم للأجهزة، مثل:

التنمر الإلكتروني. المحتوى غير الملائم. محادثات تحمل طابعا خطِرا أو غير مناسب.

ويُرسل تنبيهات فورية للوالدين عند وجود أي نشاط مقلق. لذا، يُعد بارك خيارا مهما للأهل الذين يرغبون في منح أطفالهم استقلالية رقمية مع ضمان الأمان.

بين الفائدة والحذر

لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من حياة الآباء، ويقدم دعما حقيقيا في الأيام التي تكون مرهقة ومليئة بالقرارات. لكنه يجب أن يبقى "أداة ضمن أدوات"، لا بديلا عن الطبيب، ولا عن الخبرة الإنسانية، ولا عن الحدس الأُمومي الذي لا يمكن لأي آلة أن تقلده.

0 تعليق