تحديات «القنبلة» السكانية - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

لويس حبيقة*

في كوريا الجنوبية، ارتفعت نسبة النساء الجامعيات من 6% في 1980 إلى 90% في 2020. ينعكس هذا التغيير الكبير إيجاباً على نوعية الحياة وتربية الأولاد، وسلباً على نسب الإنجاب وعدد الولادات. ارتفع معدل العمر المرتقب العالمي من 51 سنة في 1960 إلى 73 سنة في 2019.
في الصين وفي الفترة نفسها ارتفع من 51 سنة إلى 78 نتيجة الجهود الصينية الكبيرة.
هذا التغير الديموغرافي الصيني، وفي الدول التي ينحدر سكانها، يفرض تحديات جديدة يجب مواجهتها. من غير المنطقي مقاومة هذا الانحدار، بل يجب تعديل بعض القوانين والسياسات، لاستيعاب الموضوع وانعكاساته. من التحديات الأساسية تحسين رعاية الأطفال نوعياً وفي الكلفة. ضروري جعل التعليم متوافراً لكل المناطق والطبقات الشعبية بكلفة مقبولة. لا بد من تأمين حد أدنى للدخل لكل المواطنين وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء، وهذا ما لم يحصل بعد.
بالرغم من أن عدداً من الدول تعاني نقصاً في عدد السكان، إلا أن المواجهة الأهم هي الحاصلة بين الصين والهند. يبلغ حجم الاقتصاد الصيني 5 مرات الهندي أي 13 ألف دولار للفرد الصيني سنوياً مقابل 2500 دولار للهندي. يعاني الاقتصادان مشاكل داخلية ودولية كبيرة. للهند قوة سكانية نوعية شابة مقابل مجموعة سكانية صينية، تنحدر داخلها نسبة الشباب. الهند هو البلد الديموقراطي الأكبر في العالم والخامس اقتصادياً، بعد أن تراجع البريطاني إلى المركز السادس. قريباً سيصبح عدد سكان الهند أكبر من العدد الصيني وهذا لأول مرة منذ 3 قرون. مع هذا التفوق السكاني، تحصل تحديات جديدة سياسية، جغرافية، اقتصادية وثقافية. أهم تحد للهند هو توافر الوظائف للأجيال الجديدة إذ تحتاج إلى 90 مليون وظيفة جديدة قبل 2030 للحفاظ على نسبة البطالة نفسها.
أما في الصين ونتيجة الانحدار السكاني المنتظر، من الصعب أن تحافظ على قوتها الاقتصادية، وبالتالي من الممكن أن تفكر القيادات المستقبلية بتسهيل الهجرة إليها، ربما من منطقتنا. سابقاً حققت الصين نجاحها الاقتصادي الكبير عبر الصادرات مع بيع أفضل السلع التي يحتاج إليها العالم. مع القيود التجارية الحالية والسياسات الصناعية المتبعة في الغرب، لا بد أن تتأثر سلباً الإنتاجية الصينية المميزة.
مشكلة الهند الأساسية هي حاجتها إلى تطوير بنيتها التحتية، وهذا ما تفعله وإن متأخرة مقارنة بالصين. في الهند، 15% من السيدات يعملن مقارنة بنسب أعلى بكثير في الصين، وبالتالي هناك قوة إنسانية هندية اقتصادية كبيرة مخبأة يمكن أن تنتج وتستهلك الكثير. نسبة وفيات الأطفال أعلى بكثير في الهند مقارنة بالصين، كما أن العمر المرتقب والمؤشرات الصحية أفضل بكثير في الصين من الهند. الطريق طويل أمام الهند لتتفوق على الصين وغيرها، وربما ما قاله رئيس الوزراء «مودي» صحيح، أي حان وقت التفوق الهندي. هذا يفسر إلى حد ما الاستقبال الضخم الذي حصل عليه في واشنطن، في وقت تتردى خلاله العلاقات الأمريكية الصينية.
*كاتب لبناني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق